"استشاري العدل الدولية".. هل يكون مقدمة لإنهاء الاحتلال؟

الوقائع الإخبارية : فيما أكد الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بوضوح عدم شرعية الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، اعتبر مراقبون أن هذا الموقف القانوني الواضح يشكل دعما قويا للحقوق الفلسطينية المشروعة، ويضع حكومة الاحتلال في موقف حرج على الساحة الدولية.

وقال هؤلاء المراقبون في أحاديث منفصلة إن الرأي الاستشاري للمحكمة يشكل ضربة دبلوماسية جديدة لسلطات الاحتلال عالميا، إذ خلصت المحكمة إلى أن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وأنها ملزمة بإنهاء احتلالها بأسرع وقت ممكن، بالإضافة إلى وجوب وقف جميع الأنشطة الاستيطانية فورا وإجلاء جميع المستوطنين، فضلا عن التزام إسرائيل بتعويض الأضرار الناجمة عن احتلالها، مع التزام جميع الدول بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناتج عن الاحتلال وعدم تقديم المساعدة في الحفاظ عليه.

ووصف النائب السابق حابس الفايز، القرار الصادر عن المحكمة بـ"التاريخي"، لأنه صادر عن أعلى هيئة قضائية في العالم وهي محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، الأمر الذي يفرض مزيدا من العزلة الدولية على دولة الاحتلال.

وتابع الفايز: "يعكس قرار المحكمة الرؤية الأردنية الحكيمة التي حذرت من مخاطر الاحتلال الصهيوني على الاستقرار والسلام الدوليين، وحذرت من أن غياب أفق التسوية السياسية واستمرار الاحتلال هما السبب في خلق بيئة العنف التي يدفع ثمنها الأبرياء".
وكان الأردن قدم مرافعة شفوية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي في الثاني والعشرين من شباط (فبراير) الماضي عبر وفد ترأسه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، كما قدم مرافعة خطية للمحكمة بتاريخ 24 تموز (يوليو)، وتعليقا خطيا على مرافعات الدول الأخرى بتاريخ 25 تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي.

وأكدت المرافعة الخطية دعم المملكة المطلق لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وإقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس المحتلة، وفقا للمبادرة العربية، والقرارات الأممية ذات الصلة، وعلى أساس حل الدولتين الذي يمثل السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل، وضرورة احترام إسرائيل للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والتي للأردن مسؤولية كبيرة إزائها بموجب الوصاية الهاشمية التاريخية عليها.
من جهته، يرى عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، ان الرأي الاستشاري التاريخي لمحكمة العدل الدولية، يعكس الإرادة الدولية، والقانون الدولي في دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، ويؤكد أن جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بالوضع الناشئ عن الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم تقديم العون أو المساعدة لاستمراره، إذ نص هذا الرأي على عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات الإسرائيلية وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة.

وأشار الغزو إلى أهمية هذا الرأي الذي تضمن تأكيد عدم قانونية الاحتلال والمستوطنات وضمها للأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرا إلى أن ذلك يشمل عدم قانونية أي تغيير للوضع القانوني في القدس المحتلة.

وأضاف أن "الرأي الاستشاري للمحكمة دعا المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، إلى عدم الاعتراف بالوضع القانوني الناجم عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وأن على الأمم المتحدة، وخاصة الجمعية العامة، التي طلبت من المحكمة إصدار الرأي الاستشاري، ومجلس الأمن، النظر في الطرائق المحددة لإنهاء الاحتلال بأسرع وقت ممكن".

وتابع: "الرأي الاستشاري يأتي كخطوة على الطريق ضمن خطوات لإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية"، مؤكدا ضرورة وضع هذا الرأي على أجندة الجمعية العامة للأمم المتحدة لتؤخذ قرارات وخطوات عملية محددة حول مسؤولية الدول بشأن موضوع إنهاء الاحتلال والمساعدة به، بما يشمل عدم التعامل مع الاحتلال في الجوانب الاقتصادية التي تخص العلاقات الثنائية بين الدول، وعدم تعامل الشركات في تلك الدول مع مؤسسات الاحتلال كافة.

من جهته، يقول المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، إن الرأي الاستشاري أكد أن الممارسات والسياسات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما في الضفة الغربية والقدس الشرقية، تعرقل إعمال الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير، والذي لا يجوز أن يخضع لأي شروط من قبل القوة القائمة بالاحتلال، لأنه حق غير قابل للانتقاص.

وأضاف الحجاحجة أن الرأي دعا أيضا إلى ضرورة إلزام إسرائيل بالتوقف فورا عن جميع الأنشطة الاستيطانية، وإجلاء جميع المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني.

واستكمل: " صحيح أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل ليس ملزما بشكل مباشر، لكنه يستند إلى القانون الدولي، والذي يعتبر ملزما لكافة الدول في علاقاتها مع إسرائيل، وهو ما يمكن استثماره في حال مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الرأس الاستشاري، من خلال قرارات مفصلة للرأي الاستشاري، إلى جانب تفصيل خطوات عملية مطلوبة من منظمات دولية وأعضاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها.
وتابع: "تبرز أهمية الرأي الاستشاري بقيمته القانونية الكبيرة، حيث يشكل رسالة للمجتمع الدولي لتحميل إسرائيل المسؤولية القانونية عن احتلالها".