ندوة تسلط الضوء على رعاية وصون ما تحظى به المملكة من كنوز أثرية وتاريخية وتراثية

الوقائع الإخبارية:  بحضور سمو الأمير فراس بن رعد، عقدت إدارة مهرجان جرش للثقافة والفنون ضمن البرنامج الثقافي للدورة الـ38، اليوم الاثنين، بالمركز الثقافي الملكي، ندوة بعنوان "الأردن..مملكة الزمن"، سلطت الضوء على رعاية وصون ما تحظى به المملكة من كنوز أثرية وتاريخية وتراثية وتحتفي بها.

واستهلت سمو الأميرة دانا فراس، رئيسة الجمعية الوطنية للمحافظة على البترا، مشاركتها بالندوة بالقول" إنه منذ تأسيس مهرجان جرش عام 1981 كان وما زال منارة ثقافية تسخر الشعر والفن والموسيقا والكتابة والحوار في سبيل توسيع أفق المعرفة وبناء الوعي الثقافي العربي وتعزيز المسيرة الأردنية المبنية على الشمولية والتعددية والاحترام وتشكيل الفضاء العام المشترك الحاضن للفكر البناء"، مؤكدة سموها أن هذا من أهم أشكال المقاومة للتصدي للظلم والظلام والعنف والإجرام الذي تشهده فلسطين اليوم.

وأشارت سموها في الندوة التي شاركها فيها مدير عام دائرة الآثار العامة الدكتور فادي بلعاوي، ومدير مديرية التراث في وزارة الثقافة عاقل الخوالدة وأدارها الكاتب مفلح العدوان، إلى أن أم الجمال يعد الموقع السابع على قائمة التراث العالمي، لافتة الى أنه باستثناء موقعين هما مدينة البترا وقصير عمرة، جرى إدراج المواقع الخمسة الأخرى في السنوات العشر الماضية.

وفي الندوة التي حضرتها الشريفة نوفة بنت ناصر ووزيرة الثقافة هيفاء النجار، ووكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار للشؤون الثقافية في العراق الدكتور فاضل محمد حسين، وأمين عام وزارة الثقافة بالوكالة المهندس ماهر نفش، والقائم بالأعمال العراقي في الأردن منيف علي حسين، عبرت سموها عن الفخر بالالتزام الذي أظهره الأردن تجاه منظمة اليونسكو وحماية التراث الثقافي، مشيرة الى أن الأردن انضم إلى اليونسكو عام 1950 وصادق على اتفاقية التراث العالمي بعد وقت قصير من تبنيها من قبل الجمعية العامة للمنظمة عام 1975.

ونوهت سموها بأن الأردن في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني وقف ثابتا في دعمه لرسالة اليونسكو وتسليط الضوء على أهمية التراث والثقافة كحجر أساس في بناء النهضة الأردنية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

وقالت سموها إن اتفاقية التراث العالمي تعتبر مثالا حقيقيا على التعاون الدولي الناجح وواحدة من أكثر أدوات الحوكمة العالمية نجاحا واستمرارية من قبل الأمم المتحدة، لافتة الى أنها تشكل حجر الأساس في الجهود العالمية لتسليط الضوء على أهمية التراث وحمايته والحفاظ عليه.

وبينت سموها أن أهمية الاتفاقية تكمن بمحاور؛ قائمة التراث العالمي، والتنمية المستدامة والقيم والتخفيف من التهديدات وتغير المناخ العالمي.

وأوضحت سموها أنه فيما يتعلق بمحور قائمة التراث العالمي فإن الاعتراف الدولي بموقع على هذه القائمة يأتي مصحوبا بالتزامات ومسؤولية حمايته والمحافظة عليه أولا والترويج له ثانيا والاستثمار ثالثا.

وبينت سموها دور الاتفاقية في محور التنمية المستدامة، مشيرة الى أن قطاع التراث والثقافة محرك رئيس لتوليد الدخل والتوظيف.

وحول محور القيم، أوضحت سموها أن الاتفاقية اعترفت بقيم التراث الإنسانية والركيزة الأساسية لبناء الهوية الجامعة المبنية على التنوع والاحترام المتبادل وتنمية الاحساس بالمسؤولية الجماعية تجاه حماية تراثنا وكذلك تعزيز الترابط الاجتماعي.

وقالت سموها إن التراث يواجه اليوم العديد من التهديدات ومنها الطبيعية أو من صنع الانسان، وقد يكون أهمها التدمير المتعمد والمرتبط بإزالة الهوية ومحو التاريخ والابادة التي نشهدها اليوم في فلسطين.

واستعرضت سموها تحديات أخرى يواجهها التراث ومنها سوء إدارة الموقع والتوسع الحضري والبناء والبنى التحتية غير المدروسة، مشيرة إلى انضمام الأردن لمجموعة أصدقاء العمل المناخي من خلال الثقافة والتراث التي أطلقت خلال مؤتمر الاطراف "كوب 28".
وكانت النجار ألقت كلمة في مستهل الندوة ثمنت فيها دور سمو الأميرة دانا والجمعية الوطنية للمحافظة على البترا في وضع اسم الأردن على خارطة التراث العالمية وحماية التراث المادي وغير المادي.

وقالت "إننا في الأردن نقف بعزة وكبرياء وبالتصاق حقيقي مع أرض وتراب الوطن"، منوهة بأن الاردن يقف على آلاف السنوات من الحضارات غير المنقطعة.

ولفتت إلى أن الأردن عبر المئوية الأولى من عمر المملكة وبصمود رغم التحديات، ونقدم فيها سردية وطنية ونحتفل باليوبيل الفضي لتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية إذ أدرجت في عهد جلالته 5 مواقع على قائمة التراث العالمي.

ونوهت بإدراج موقع أم الجمال على قائمة التراث العالمي لليونسكو يوم الجمعة الماضي، مثمنة جهود وزارة السياحة والاثار ودائرة الآثار العامة
في حمل هذا الملف ومتابعته وعملهم التشاركي مع مؤسسات المجتمع المحلي.

وأكدت أن المشروع الثقافي في الاردن هو مشروع شمولي تكاملي وتشاركي من اجل صمود الاردن واستدامته، ومزيد من الابداع
والابتكار والمزيد من التجديد وحماية لكل عناصر التراث غير المادي التي تشكل هوية وطنية مرنة متحركة متفاعلة وكذلك تجديد الثقة
مع شريحة الشباب وبناء حقيقي لسردية وطنية بكل تشاركية مع جميع افراد المجتمع الاردني .

وتتواصل الندوة مع الدكتور بلعاوي في عرض قدمه على "الداتا شو" بعنوان "جهود دائرة الآثار العامة في الحفاظ على التراث الثقافي"

استعرض فيه نشأة ودور واهداف ورؤية الدائرة التي تأسست عام 1923.

وتحدث عن إستراتيجية إدارة الارث الاثري الاردني للفترة (2023-2027)، مبينا انها استدعت وضع خطة تنفيذية لها وكذلك خطة المشروعات التي تنطلق من الخطة التنفيذية لتصبح الاستراتيجية عملية وواقعية وقابلة للتنفيذ.

وبين أن عدد المواقع والعناصر الاثرية التي تم تسجيلها على قاعدة البيانات إلى الآن بلغت 15117 موقعا أثريا و 53909 عنصرا أثريا.
وتحدث عن أعمال الترميم والصيانة التي شملت العديد من المواقع الاثرية في مختلف محافظات الاردن، ومنها جبل القلعة وسبيل الحوريات والقسطل في عمان وام قيس وطبقة فحل في إربد وقلاع عجلون والكرك والطفيلة والمدينة الاثرية في جرش والبترا ومواقع اثرية في المفرق والسلط ومأدبا ومعان والعقبة والقصور الصحراوية وغيرها.

واستعرض المواقع الاردنية المسجلة على قائمة التراث العالمي في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، ومواقع التراث الاسلامي المادي
وغير المادي التي تم تسجيلها على القائمتين النهائية والتمهيدية لمواقع التراث في العالم الاسلامي.

واستعرض أهم الاكتشافات الاثرية ومشروعات الدائرة ومنها مركز الابحاث والدراسات وحفظ المقتنيات الاثرية بموقع النويجيس ومشروع تأهيل وتطوير المسار السياحي للسفح الجنوبي لجبل القلعة وصيانة وترميم قلعة العقبة وكذلك العمل على تطوير المتاحف الاردنية وزيادة اعدادها.

بدوره، تحدث الخوالدة عن دور وزارة الثقافة في توثيق التراث غير المادي، مستعرضا اهمية مفاهيم التراث والثقافة وفق الاستراتيجية
الوطنية للثقافة.

واستعرض قاعدة بيانات العاملين في الحرف اليدوية والصناعات التقليدية في الاردن، مشيرا الى قوائم الحصر الوطني.

وتحدث عن مشروع المكنز الوطني للتراث الشعبي والذي يهدف الى إحياء التراث الاردني وحفظه من الضياع من خلال تكوين قاعدة بيانات أردنية في مجال المأثورات الشعبية بعد جمع الالفاظ المتداولة وشرح معانيها وضبطها وتشكيلها، مشيرا الى انه يحوي ما يزيد على 75 ألف مفردة.

وتحدث عن مشروع إعادة تأهيل المادة الصوتية المسجلة في سبعينيات القرن الماضي والمسارات الثقافية السياحية ومهرجان التنوع الثقافي.

ولفت الى دعم وزارة الثقافة لتأسيس بيوت التراث الموسيقي الاردني والتي تهدف الى خلق التوعية وصون التراث الموسيقي والآلات الموسيقية التراثية والتوثيق والتدريب، مشيرا الى بيت آلة السمسية في العقبة وبيت الناي وغيرها.

وكانت الندوة استهلت بعرض فيلم بعنوان "مملكة الزمن" كتابة مفلح العدوان وإخراج علاء ربابعة.

وفي ختام الندوة تسلمت سمو الاميرة دانا من وزيرة الثقافة شهادة المهرجان التكريمية، كما سلمت النجار شهادات المشاركة التكريمية لكل من الدكتور بلعاوي والخوالدة والعدوان.