لماذا يستهدف الاحتلال مدارس الإيواء في غزة؟

الوقائع الإخبارية :  قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن جيش الاحتلال الصهيوني كثف من سياسة قصف المدارس المستخدمة مراكز إيواء للنازحين في مدينة غزة وقتل وأصاب المئات فيها، بالتزامن مع إصدار أوامر إخلاء قسري غير قانونية من شمال غزة إلى جنوبها، ضمن سياسة ممنهجة لطرد السكان من منازلهم وأماكن نزوحهم وحرمانهم من أي استقرار، لأسباب تبدو وانتقامية.


ووثق الأورومتوسطي قصف الطائرات الصهيونية المباشر لتسع مدارس تستخدم مراكز إيواء لآلاف النازحين في مدينة غزة خلال ثمانية أيام، وتدميرها على رؤوس من فيها، والتسبب باستشهاد 79 فلسطينيا وإصابة 143 آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى جانب فقدان آخرين تحت الأنقاض ويتعذر انتشالهم لعدم وجود معدات مناسبة لطواقم الإنقاذ.

وذكر المرصد أن أحدث هذه الاستهدافات تمت الساعة الثالثة عصر أول من أمس، عندما قصفت الطائرات الصهيونية مدرستي "عبد الفتاح حمودة" و"الزهراء" في حي "التفاح" شرقي مدينة غزة، واللتان تؤويان آلاف النازحين، ما أدى إلى استشهاد 17 مدنيا وفقدان 16 وإصابة العشرات، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء. 

وأشار إلى أن الطائرات الاحتلالية قصفت يوم الأحد الماضي مدرستي "النصر" و"حسن سلامة" في مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 30 فلسطينيا وإصابة 19 آخرين بجروح. وقبل ذلك بيوم، قصفت الطائرات الصهيونية تجمعا من أربع مدارس تستخدم مراكز إيواء في حي "الشيخ رضوان"، ما أدى إلى استشهاد 17 فلسطينيا وإصابة 60 آخرين بجروح، فيما قصفت في الأول من الشهر الحالي مدرسة "دلال المغربي" في حي "الشجاعية" شرقي غزة، ما أدى إلى استشهاد 15 فلسطينيا، وإصابة 29 آخرين بجروح.

وأوضح الأورومتوسطي أن قصف المدارس وتدميرها على رؤوس النازحين فيها لم يكن له أي مبرر فعلي، وغابت عنه الضرورة الحربية، رغم أن الجيش الصهيوني في كل مرة حاول تبرير القصف باستهداف أحد النشطاء العسكريين أو السياسيين، دون أن تثبت صحة هذا الادعاء.

وأكد أن التحقيقات الأولية التي أجراها فريقه الميداني تشير إلى تعمد الاحتلال تدمير ما تبقى من مراكز الإيواء لحرمان الفلسطينيين مما تبقى من أماكن قليلة تؤويهم بعد التدمير الممنهج للمنازل ومراكز الإيواء، بما فيها المدارس والمنشآت العامة طوال الأشهر العشر الماضية.

وبيّن أن تتبع منهجية القصف يشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى نزع الأمان عن كل قطاع غزة وحرمان الفلسطينيين من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، من خلال استمرار القصف على امتداد القطاع والتركيز على استهداف مراكز الإيواء بما فيها تلك المقامة في مدارس وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وشدد على أنه خلال الـ 10 أشهر من الهجمات العسكرية على قطاع غزة، لم تتوقف القوات الصهيونية عن عمليات قصف الأعيان المدنية والقتل الجماعي للمدنيين واستهداف مراكز اللجوء، والتي أغلبها مقام في منشآت للأمم المتحدة، واقتراف جرائم قتل جماعية فيها، وهو ما يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان.

ولفت إلى أن تكثيف سياسة قصف مراكز الإيواء في مدينة غزة، جاء بالتزامن مع إصدار أوامر إخلاء قسري طالت عشرات آلاف السكان في شمال غزة، والمحافظة الوسطي وخانيونس، خلال الأيام الأربعة الماضية، ما يدلل على أن "إسرائيل" تتعمد تكثيف أوامر الإخلاء لإجبار الفلسطينيين على الترحال وعدم الاستقرار حتى في خيام قرب منازلهم المدمرة.

وشدد على أن الاحتلال تبنى سياسة منهجية باستهداف السكان والأفراد المدنيين في قطاع غزة المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني، أينما كانوا، وحرمانهم من أي استقرار ولو مؤقت في مراكز النزوح والإيواء، من خلال تكثيف قصف هذه المراكز على رؤوس النازحين داخلها، واستهداف المناطق المعلنة كمناطق إنسانية؛ في إصرار على فرض التهجير القسري وتدمير كل مقومات الحياة الأساسية ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 تشرين أول(اكتوبر) الماضي.

وذكر أن جيش الاحتلال أصدر خلال الأيام الماضية سلسلة من أوامر التهجير ضد تجمعات سكنية كبيرة في خانيونس جنوبي القطاع، كان آخرها مساء اول من امس، بتكرار هذه الأوامر وتوسيعها لتشميل جميع بلدات خانيونس الشرقية وأحياء مركز المدينة و"الشيخ ناصر" وحيي "السطر" و"المحطة"، وهي تجمعات تضم أكثر من 200 ألف نسمة، بالتزامن مع قصف جوي ومدفعي وبدء توغل بري في الأطراف الشرقية للمدينة.

وتزامن مع ذلك إلقاء جيش الاحتلال منشورات تحريضية على قيادات الفصائل الفلسطينية، الأمر الذي يدلل على أن الهدف من هذه الأوامر والعمليات العسكرية ليس ضرورات حربية إنما أعمال انتقامية وتحريضية للسكان والنازحين، الذين تستبيح "إسرائيل" استهدافهم لممارسة الانتقام والضغط السياسي. 

كما نبه إلى أن جيش الاحتلال أصدر الأربعاء الماضي أمر إخلاء استهدف عشرات آلاف السكان في بلدة بيت حانون وأحياء "المنشية" و"الشيخ زايد" شمال غزة وطالبهم بالتوجه إلى منطقة غرب مدينة غزة التي كانت تتعرض للقصف. وفي اليوم التالي، غير أمر الإخلاء، مطالبا السكان بالنزوح إلى الزوايدة ودير البلح وسط قطاع غزة، اللتان كانتا عرضة لاستهدافات وغارات إسرائيلية مكثفة، بما فيها قصف خيام نازحين في مستشفى "شهداء الأقصى" في دير البلح، ما أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 18 آخرين.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن المدنيين في قطاع غزة يدفعون ثمن الهجمات العسكرية الصهيونية التي تنتهك على نحو جسيم قواعد القانون الدولي الإنساني، وبخاصة مبادئ التمييز والتناسبية والضرورة العسكرية.

وجدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بفرض العقوبات الفعالة على الاحتلال، ووقف أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري كافة المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات نقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وإلا كانت هذه الدول متواطئة وشريكة في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية.

وحث المرصد الحقوقي المحكمة الجنائية الدولية على المضي في التحقيق في كافة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، وتوسيع دائرة التحقيق في المسؤولية الجنائية الفردية عن هذه الجرائم لتشمل جميع المسؤولين عنها، وإصدار مذكرات قبض بحقهم، والاعتراف والتعامل مع الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة باعتبارها جريمة إبادة جماعية دون مواربة، كونها من الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.