552 شهيدًا فلسطينيًا يحتجز الاحتلال جثامينهم
الوقائع الإخبارية: في اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء، بلغ عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم (552) شهيداً في مقابر الأرقام والثلاجات من بينهم 256 في مقابر الأرقام، و296 منذ عودة سياسة الاحتجاز عام 2015.
ومن بين الشهداء المحتجزة جثامينهم، 9 شهيدات، و32 شهيداً من الحركة الأسيرة، و55 طفلاً تقل أعمارهم عن 18 عاماً، و5 شهداء من المناطق المحتلة عام 1948، و6 شهداء من اللاجئين الفلسطينيين بلبنان.
ومنذ بدء حرب الإبادة في قطاع غزة، صعّد الاحتلال من احتجاز الجثامين، فمنذ الحرب احتجز الاحتلال 149 جثمانًا، وهذا العدد يشكّل أكثر من نصف الشهداء المحتجزين منذ عام 2015، علماً أن هذا المعطى لا يشمل الشهداء المحتجزين من قطاع غزة.
وتشكّل جريمة احتجاز جثامين الشهداء التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيليّ، إحدى أبرز السياسات التاريخية التي استخدمها كجزء من جريمة (العقاب الجماعي) بحقّ الشهداء وعائلاتهم وكآلية ضبط و(عقاب) للفلسطينيين، وقد مرت هذه القضية بعدة مراحل، وارتبطت بشكل أساس مع تصاعد مستوى الحالة النضالية والمواجهة ضد منظومة الاحتلال الإسرائيليّ.
ومنذ احتلال فلسطين عام 1948، استخدم الاحتلال هذه السياسة، واستمر في تنفيذها حتى عام 2008، وعاد لممارستها بقرار من (الكابينت) الإسرائيليّ عام 2015 مع بداية الهبة الشعبية، ولم يكتف الاحتلال باحتجاز الجثامين، بل أيضاً عمل على وضع شروطاً معينة عند تسليم الجثامين، بل وعمل على فرض سياسة تصنيف ضمن عملية الشروط التي كان تفرض على العائلات، ومسّ ذلك بشكل أساس الشهداء الذين يحملون الهوية المقدسية، من خلال فرض شروطا وتقييدات قاسية ومجحفة، وذلك في إطار رغبة الاحتلال الانتقامية من الأحياء والشهداء.
وقد مرت هذه القضية بتحولات (قانونية) منذ عام 2017، ففي تاريخ 14/12/2017، قررت ما تسمى بالمحكمة العليا للاحتلال بتأجيل قرارها المتمثل ببطلان احتجاز جثامين الشهداء، وذلك حتى تتيح الفرصة أمام الجهات الإسرائيلية المعنية بسنّ تشريع واضح وصريح يخوّل القيادة العسكرية والشرطية لاحتجاز جثامين الشهداء، وفعلياً في شهر سبتمبر 2019، أصدرت المحكمة العليا قرارا يجيز للقائد العسكري احتجاز الجثامين الشهداء ودفنهم بشكل مؤقت لاستخدام الجثامين أوراق ضغط لغرض التفاوض، وتم فرض شروط فضفاضة تخول الأجهزة المشار لها سابقاً بإصدار أوامر احتجاز جثامين بعض الشهداء.
فعلياً فإن الغالبية العظمى من الشهداء المحتجزة جثامينهم لا تنطبق عليهم الشروط التي فرضتها المحكمة، لتشكّل هذه القضية محطة جديدة للدور الذي لعبته ما تسمى المحكمة العليا في ترسيخ جريمة احتجاز جثامين الشهداء، وتلا ذلك سعي (الكنيست) الإسرائيلي، لتشريع قانون يخوّل شرطة الاحتلال لاحتجاز جثامين الشهداء، وفعلياً ما جرى لاحقاً تم إدخال تعديل على قانون "مكافحة الإرهاب" لترسيخ الجريمة. احتجاز جثامين الشهداء منذ بدء حرب الإبادة
فرضت حرب الإبادة المستمرة بحقّ شعبنا في غزة، تحولات على كافة الأصعدة مع كم الجرائم المهولة التي نفّذها الاحتلال الإسرائيلي، وكانت قضايا جثامين الشهداء إحدى أبرز هذه القضايا، حيث تصاعدت أعداد الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال، وقد بلغ عددهم منذ بداية الحرب 149 جثماناً، وهذا العدد يشكّل أكثر من نصف الشهداء المحتجزين منذ عام 2015، كما أنّه لا يشمل أعداد شهداء غزة المحتجزة جثامينهم، ويقدر عددهم بالمئات.
وحتّى تاريخ اليوم لا يوجد تصريح رسمي من الاحتلال عن الأعداد الحقيقية للجثامين المحتجزة من غزة، هذا عدا عن أنّ الاحتلال ينتهج سياسة إخفاء الهويات كوجه آخر لجريمة الإخفاء القسري الممنهجة، ويعتمد بدلاً عن ذلك إعطاء أرقام للجثامين.
والمعطى الوحيد الذي ظهر حول جثامين شهداء غزة المحتجزة لدى الاحتلال، كان في تموز 2024، كشفت صحيفة (هآرتس) العبرية خلال مقال، أنّ الاحتلال الإسرائيلي يحتجز نحو 1500 جثمان لفلسطينيين، لم تعرف هوياتهم، وأن الجثامين كانت تخزن في حاويات مبردة داخل القاعدة العسكرية المعروفة باسم (سديه تيمان)، وتم تصنيفهم بالأرقام وليس بالأسماء. وذكرت الصحيفة أن حالة الجثامين وصلت إلى مرحلة معينة من التحلل، بعضها مفقودة الأطراف وبعضها بلا ملامح.
وخلال الحرب، سلّم الاحتلال جثامين 428 شهيدا مجهولي الهوية على عدة دفعات، وتم دفنهم في مقابر جماعية في خانيونس ورفح جنوب القطاع. وشكّل مشهد تسليم جثامين الشهداء من قبل الاحتلال، بالأكياس الزرقاء، أبرز المشاهد التي عكست مستوى توحش الاحتلال، وامتهانه للكرامة الإنسانية كأحد أوجه الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من عشرة شهور متواصلة. تتنافى سياسة احتجاز الجثامين مع كافة الأعراف والمواثيق الدولية التي تنص على احترام الضحايا وإعادة جثثهم حيث تنص قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة بمعاملة قتلى الحرب ورُفاتهم ومقابرهم، فالقاعِدَة (112) متعلقة البحث عن الموتى وجمعهم؛ والقاعدة (113) تتحدث عن حماية الموتى من السلب والتشويه؛ والقاعدة (114) تشير إلى إعادة رفات الموتى وممتلكاتهم الشخصية؛ والقاعدة (115) بشأن التخلّص من الموتى؛ والقاعدة (116) بشأن تحديد هويّة الموتى.
وتنص اتفاقية جنيف الأولى لعام 1949 في المادة (17) على أهمية إجراء دفن لائق وكريم. وتنص على أنّه ينبغي على أطراف النزاع "ضمان الدفن الكريم للموتى، وإن أمكن وفقاً لطقوس الدين الذي ينتمون إليه، واحترام قبورهم، وتجميعها إن أمكن حسب الجنسيّة الوطنيّة، ثمّ صيانتها وتمييزها بحيث يمكن العثور عليها دائماً".
إلى جانب المادة (17) من اتفاقيّة جنيف الأولى، تنص المادة (120) من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة (130) من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة (34) من البروتوكول الإضافي على الالتزام بتسهيل إعادة جثث ورفات الموتى.