منتدى الاستراتيجيات: ازدياد قيمة حوالات المغتربين ترفع سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار

الوقائع الإخبارية: أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات تحت عنوان "اقتصاديات حوالات المغتربين وأثرها على سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني"، والتي تستعرض تدفقات حوالات المغتربين في العالم والأردن عبر الزمن، وتحلل أثر تدفقات الحوالات على سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني وعلى الميزان التجاري، كما تقدم الورقة بعض التوصيات لتعظيم الاستفادة من الحوالات المالية في تعزيز العملية الإنتاجية.

وأشار المنتدى إلى أن إطلاق هذه الورقة يأتي في ضوء الأهمية الكبيرة لحوالات المغتربين المتدفقة الى الاقتصاد الأردني، والجهود التي يقوم بها المنتدى لتكوين فهم أفضل حول العديد من القضايا الاقتصادية في الحالة الأردنية، واستكمالاً للجهود التي قام بها المنتدى سابقاً في هذا الإطار، حيث أصدر ورقة بإيجاز تحت عنوان "اقتصاديات حوالات المغتربين: أين نحن، وما هي التبعات؟" وورقة سياسات تحت عنوان "الأردنيون في الخليج العربي: من الذي يحول، وكم؟ ولماذا يحول؟".

وتأتي ورقة السياسات هذه بالتزامن مع إعلان إنشاء "صندوق المغتربين الأردنيين للاستثمار"، بمساهمة مشتركة من المغتربين، تقدر بحوالي 120 مليون دينار سنويا خلال شهر آب من 2024.

وأشارت ورقة المنتدى أنه وعلى الصعيد العالمي، تعتبر الحوالات المالية للعمالة المهاجرة ذات أهمية كبيرة، حيث يقدر إجمالي العمالة المهاجرة (المغتربة) حول العالم بنحو 252 مليون فرد عام 2024. كما ارتفع إجمالي التدفقات المالية لحوالات المهاجرين عبر الزمن؛ من 31 مليار دولار عام 1990، إلى 120 مليار دولار عام 2000، وإلى حوالي 857 مليار دولار في عام 2023 (وفق البنك الدولي).

أما بالنسبة للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فقد أشار المنتدى أنه وفي العام 2023 تجاوز حجم حوالات المغتربين إليها (656 مليار دولار) كل من تدفقات حجم الاستثمار الأجنبي المباشر (382 مليار دولار)، والمساعدات الإنمائية الرسمية (256 مليار دولار).

وعلى مستوى الأردن، أشارت الورقة الى أن إجمالي عدد المغتربين الأردنيين بلغ حوالي 924,850 ألف فرد - وفق أرقام وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لعام 2021 - وقد شكّل الأردنيون المغتربون في المملكة العربية السعودية ما نسبته 47% من إجمالي المغتربين الأردنيين.

فيما أصبح حجم تدفقات الحوالات المالية نسبة إلى الميزان التجاري في الأردن كبيراً جداً عبر الزمن. فقد وصلت النسبة إلى 27% من الصادرات الوطنية، و12% من إجمالي المستوردات للأردن في عام 2023.

وبين المنتدى من خلال الورقة، أن مسألة تأثير الحوالات المالية على سعر الصرف الحقيقي الفعال لفتت انتباه الكثير من الباحثين، نظراً لكون تدفقات حوالات المغتربين في الاقتصادات المفتوحة والصغيرة تؤدي إلى زيادة دخل الأسر، وزيادة الإنفاق على السلع والخدمات القابلة للتجارة (للاستيراد والتصدير) كالسيارات وبرامج الحاسوب، وغير القابلة للتجارة كوجبات الطعام أو الشقق السكنية وغيرها من هذا النوع من السلع.

وأضاف المنتدى، "ينتج عن الازدياد في الطلب على السلع والخدمات - تحديداً المنتجات غير القابلة للتصدير والاستيراد - في الاقتصادات الصغيرة والمفتوحة تأثيرين اقتصاديين مهمين، الأول "تأثير زيادة الإنفاق؛ فعند ازدياد الطلب على السلع والخدمات المنتجة محليا وغير القابلة للتجارة (التصدير والاستيراد) يتسبب ذلك في ارتفاع أسعارها، كون أسعار هذه السلع تُحدد في السوق المحلي. وبدوره، يؤدي ارتفاع أسعار السلع المحلية إلى زيادة "سعر الصرف الحقيقي الفعّال (REER) للعملة المحلية".

ولقياس أثر التحويلات على سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني، استخدم المنتدى البيانات السنوية للفترة (1990 - 2023) لكل من متغير سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار، ومتغير حوالات المغتربين (Remittances)، وأيضاً متغير نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (Real Gross Domestic Product Per Capita)، حيث بينت تحليلات المنتدى ارتفاع سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني من 89.08 عام 1990، إلى 137.8 عام 2022، أي بمعدل ارتفاع بنسبة 54.7%.

كما أظهرت تحليلات المنتدى وجود علاقة تكامل مشتركة طويلة الأجل ما بين سعر الصرف الحقيقي الفعّال وتدفق الحوالات المالية، مشيراً إلى أن ازدياد قيمة حوالات المغتربين بنسبة 10%، يؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف الحقيقي الفعّال بنسبة تقدر بحوالي 2.13% على المدى الطويل.

أما التأثير الثاني فهو "تأثير الانتقال في عوامل الإنتاج"، حيث إن الارتفاع النسبي في أسعار السلع والخدمات غير القابلة للتصدير، يُشجع على الانتقال/ التحول في موارد الإنتاج (الأرض، ورأسمال، والعمالة، والإدارة) من القطاع الصناعي والزراعي القابل للتجارة (سلع الصادرات)، إلى القطاع المحلي لإنتاج السلع والخدمات غير القابلة للتصدير، مما يؤدي إلى تراجع الصادرات.

واختتم المنتدى بالتنويه إلى أن تعزيز الاستفادة من حوالات المغتربين يُعتبر فرصة لتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية. وبالأخص عند توجيه هذه الحوالات بشكل استراتيجي نحو الاستثمارات المحلية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز من النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص عمل جديدة.

ولتعظيم الاستفادة من حوالات المغتربين الأردنيين، أكد المنتدى على ضرورة إيلاء هذه القضية الأولوية القصوى لدى جميع أصحاب العلاقة لتبني خطوات عملية وفعّالة تسهم في إدارة وتوجيه تلك الحوالات بما يخدم الاقتصاد الوطني ويعود عليه بالنفع.

وأوصى المنتدى بضرورة العمل على تعزيز تنافسية الصناعة الوطنية والمنتجات الزراعية في الأسواق العالمية من خلال تخفيض كلف الإنتاج ودعم بيئة الأعمال، مما يحد من خطر تأثير الحوالات على زيادة الواردات، وانخفاض الصادرات، وبالتالي التخفيف من العجز في الميزان التجاري.

ودعا المنتدى الى الإسراع في تطوير قطاع الخدمات والأسواق المالية في الأردن، وفق أولويات ومبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، لجذب الاستثمارات من المغتربين الأردنيين، وتعظيم الاستفادة منها كتوجيه الأموال في صندوق المغتربين الأردنيين، الذي أعلن عن إنشائه مؤخرا، نحو القطاعات الإنتاجية.

ولفت المنتدى النظر إلى أهمية حث المجتمع الأكاديمي، والمراكز الفكرية والبحثية، ودائرة الاحصاءات العامة على اجراء الدراسات الاستقصائية الدورية حول كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للأردنيين العاملين في الخارج وسلوكياتهم المالية؛ ويشمل ذلك الوقوف على عددهم الكلي، وتوزيعهم الجغرافي، وخصائصهم الاجتماعية والاقتصادية، وأوجه إنفاق حوالاتهم، وغيرها. مشيراً إلى أن هذه البيانات ستساعد في توجيه السياسات العامة بشكل فعّال في تعزيز المنافع الاقتصادية (والاستثمارية) من هذا التدفق المالي والمهم. علاوة على إجراء دراسات وأبحاث دورية لتحليل كافة جوانب تأثير التحويلات المالية على الاقتصاد الأردني.

وأضاف المنتدى: "لا بد من فهم ديناميكيات أسواق العمل الإقليمية والعالمية، بما في ذلك الوظائف المتاحة، واحتياجات العمالة، والمنافسة التي يواجهها الأردنيون. والذي سيساهم بدوره في تعظيم الفرص الاقتصادية المناسبة للأردنيين، وبالتالي تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد البشرية".

وأكد المنتدى ضمن التوصيات على ضرورة الاستثمار الحكومي في التعليم الجيد لتزويد الأردنيين بالمعرفة والمهارات اللازمة في الريادة والابتكار والإبداع، من أجل العمل على تعزيز تنافسية المنتجات والخدمات المحلية، ولمواجهة تحديات المنافسة في أسواق العمل العالمية.