تحرير المختطف بغزة صدفة وليس بعملية معقدة كما ادعى جيش الاحتلال

الوقائع الإخبارية :  شككت تقديرات لمحللين إسرائيلية برواية الجيش الإسرائيلي، إقدامه أول من أمس على تحرير أحد المحتجزين من أسر حركة حماس جنوب قطاع غزة، عبر ما وصفه بـ"عملية معقدة"، بدون الكشف عن تفاصيلها أو توثيقها، خلافا للعمليات السابقة.


وكان جيش الاحتلال نسب لنفسه تحرير المختطف وفق بيان مقتضب أول من أمس مدعيا أن عناصر الكوماندوز البحري "شايطيت 13" وجهاز الأمن العام "الشاباك" تمكنوا من إعادة الأسير فرحان القاضي الذي كان قد أسر خلال الهجوم المفاجئ لحركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

إلا أن العديد من الجهات تشكك براوية الجيش و"الشاباك" بسبب التناقض وتضارب المعلومات بشأن آلية تحرير الأسير، حيث تناقلت وسائل إعلام عبرية معلومات مفادها أن قوة من الجيش عثرت على القاضي بالصدفة داخل أحد الأنفاق، خلال نشاط اعتيادي في منطقة رفح، بدون أن تخطط لتنفيذ أي عملية لتحريره أو إنقاذه من الأسر هو أو أي مجموعة من المختطفين.

وقالت وسائل الإعلام العبرية استنادا لمصادر في جيش نفسه أن القوة التي عثرت عليه دهش أفرادها عندما عثروا على الأسير داخل نفق بدون حراس، في غرفة مساحتها حوالي 20 مترا، وهو عربي من فلسطينيي 48، ويدعى فرحان كايد القاضي (52 عاما) من مدينة رهط بالنقب، وبناء على ذلك يبقى في قطاع غزة 108 محتجزين إسرائيليين، منهم 36 يفترض أنهم في عداد الأموات، بحسب تقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي.

مقابل ذلك أفادت صحيفة "هآرتس"، أن القاضي لربما قد تمكن من الفرار، ثم عثر عليه في أحد الأنفاق، ولم يواجه الجنود خاطفيه ولم يشتبكوا معهم، خلافا للعمليات السابقة، كما لم يعثروا على أي مختطفين آخرين، علما أنه يتم احتجاز المختطفين ضمن مجموعات صغيرة.

وذكرت الصحيفة أن القاضي هو المختطف الإسرائيلي الثامن الذي تم إنقاذه حيا، وليس ضمن صفقة مع حماس، حيث سبق ذلك تنفيذ 3 عمليات عسكرية للجيش الإسرائيلي لإنقاذ المختطفين، وفي جميعها تم توثيق عملية الإنقاذ، بينما في إعادة القاضي أظهرت مقاطع الفيديو إخضاعه للاستجواب من قبل بعض الجنود بإحدى غرف الجيش بعد العثور عليه داخل النفق.

المعلومات ذاتها نقلتها إذاعة جيش الاحتلال التي أفادت أن "قوة للجيش الإسرائيلي عثرت عن طريق الصدفة على القاضي داخل نفق، دون أن تكون القوة ضمن مخطط لتنفيذ عملية لتحرير أي من المختطفين".

وبحسب المعلومات التي نشرتها إذاعة الجيش نقلا عن مصادر أمنية في الكيان المحتل، فإن القاضي تمكن من الهرب من خاطفيه، ووصل إلى القوة الإسرائيلية التي عثرت عليه عن طريق الصدفة وأخرجته من النفق، بدون أي اشتباك أو مواجهة مع خاطفيه، حيث لم تتضح إلى الآن كيف تمكن القاضي من الفرار من حراسه.

وعززت إذاعة الجيش معلوماتها التي تشكك بالرواية الإسرائيلية الرسمية، بمعلومات تشير إلى أنه لحظة عثور قوة الجيش على القاضي في منطقة رفح، كان رئيس الأركان هرتسي هاليفي على متن مروحية عسكرية متجهة إلى غور الأردن.

وبحسب إذاعة جيش الاحتلال، فإن هاليفي حصل على إحاطة بالمعلومات حول "عملية الإنقاذ" للقاضي وهو على متن المروحية، وليس من غرفة العمليات أو مركز قيادة هيئة الأركان كما كان في عمليات الإنقاذ السابقة. وأمام تناقض هذه الروايات، أكد جيش الاحتلال التقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، والذي جاء فيه أن الجنود عثروا على القاضي عندما كان بمفرده في النفق وتم إنقاذه منه، وهو ما أفادت به الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان11".

وذكرت إذاعة الاحتلال الرسمية أن جنود القوة "شاييطت 13" لم يخوضوا أي اشتباك مسلح خلال عملية تخليص القاضي من النفق، حيث عثر عليه بمفرده بدون وجود مختطفين آخرين، ورجحت أن يكون قد تمكن من الهرب من حراسه، أو أن عناصر المقاومة الذين كانوا يحتجزونه لاحظوا وجود القوة العسكرية الإسرائيلية، وقرروا مغادرة المكان وترك المختطف.

وما يعزز فرضية العثور على القاضي عن طريق الصدفة، التصريحات التي نقلها الموقع الإلكتروني "واللا" على لسان القاضي، الذي أخبر مقربيه أن "مسلحي حماس انسحبوا بينما كان أسيرا في النفق، وذلك عندما وصل الجنود الذين توجهوا إليه عبر مكبرات الصوت"، وأضاف: "كنت أخشى أن يكون النفق مفخخا بالمتفجرات، لذا مشيت ببطء حتى وصلت إلى الجنود".

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري في بيان إن "الجنود الذين أنقذوا القاضي وصلوا إلى موقعه بفضل معلومات استخباراتية دقيقة"، لكن هاغاري لم يقدم مزيدا من التفاصيل حول "عملية الإنقاذ المعقدة" وتفاصيل المعلومات الاستخباراتية، خلافا لعمليات الإنقاذ السابقة. وامتنع المتحدث باسم جيش الاحتلال عن تفنيد المعلومات التي تؤكد أنه عثر على القاضي داخل نفق عن طريق الصدفة، قائلا: "تم إنقاذ القاضي حيا من أحد الأنفاق، لقد التقى بقواتنا تحت الأرض، ولن أخوض في تفاصيل أبعد من ذلك، لذا أطلب عدم نشر الإشاعات"، بحسب تعبيره.