تقرير حقوقي: الاحتلال الاسرائيلي يدمر بعدوانه على غزة مكونات البيئة الحياتية

الوقائع الإخبارية:    أكد مركز الميزان لحقوق الإنسان، ان استهداف قوات الاحتلال للبيئة الفلسطينية يأتي بشكل مقصود، حيث طال التدمير البنية التحتية لقطاعات المياه والصرف الصحي والنفايات الصلبة والسائلة والتربة، وألحق ضرراً كبيراً بالهواء وسبب تلوثاً سمعياً، ما أسهم في انتشار الأوبئة والأمراض ووضع سكان قطاع غزة في مواجهة الموت بسبب الكارثة البيئية التي تسببت بها عمداً قوات الاحتلال.

وأوضح المركز في تقرير متخصص بعنوان "إبادة البيئة"، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تتقصد تدمير مكونات البيئة خلال حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الاول الماضي، وتهاجم المدنيين الفلسطينيين والأعيان المدنية والمكونات البيئية على نطاق واسع، دون اكتراث للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب.

وأشار الى ان قوات الاحتلال استهدفت قطاع المياه، الذي يعدّ أحد مكونات البيئة الرئيسة، إضافة الى التدمير الممنهج لآبار المياه و 180 ألف متر طولي من شبكات نقل وتوزيع المياه، وأخرجت عن الخدمة حوالي (203) آبار مياه جوفية ما ساهم في انتشار الأمراض الجلدية والتنفسية والتهاب الكبد الوبائي، مشيرا الى تراجع حصة الفرد من المياه في قطاع غزة الى مستويات لا تكفي لأكثر الحاجات ضرورة.

واستعرض التقرير تدمير قوات الاحتلال لشبكات الصرف الصحي (حوالي 80- 100 كم طولي)، ومحطات المعالجة ومحطات الضخ ما تسبب بتدفق المياه العادمة في الشوارع وبين منازل السكان وخيام النازحين، فكانت سبباً في نقل الأمراض والأوبئة وبيئة لتوالد وانتشار الحشرات الضارّة.

وفي غياب الفحوصات الرسمية، توقع التقرير أن تصل نسبة تلوث مياه البحر الى نحو (85%) على الأقل ما سينعكس على البيئة البحرية وعلى السكان الذين يدخلون البحر كالصيادين والمنقذين البحريين والراغبين بالسباحة، وعلى النازحين الذين يجدون في شاطئ البحر ملاذهم الوحيد من الحر الشديد داخل الخيام.

وأشار التقرير الى تكدّس حوالي (500000) طن من النفايات وانتشار المكبات العشوائية، وفي مدينة غزة وحدها تراكم حوالي (210000) طن من النفايات في (150) مكبا عشوائيا، لافتا الى ان قوات الاحتلال الإسرائيلي سعت إلى تقويض قدرة جهات الاختصاص على التعامل مع الأوضاع البيئية الكارثية، فدمرت ما مجموعه (12) آلية تابعة لمجلس الخدمات المشترك في الجنوب والوسطى، كما دمرت (129) آلية شمال القطاع، و (385) عربة كارو، وحوالي (2340) حاوية نفايات مختلفة الأحجام، و(14) مستودعاً وورشة صيانة، و(8) مرافق للنفايات الصلبة و (23) سيارة نقل إدارية.

وأنتجت الهجمات الحربية كميات هائلة من ركام المنازل والمنشآت المدمرة، بعد ارتفاع عدد الوحدات السكنية المدمرة كلياً إلى نحو 79000 وحدة، وأكثر من 25010 مبنى، دمّر بشكل كلي، فيما تضرر حوالي 290000 من الوحدات السكنية جزئياً، إلى جانب الأضرار التي لحقت بمباني المنشآت العامة والخاصة، كما تعرضت مكونات التربة لأضرار لا يمكن تقديرها جراء الانفجارات الهائلة التي طالتها، سواء تربة المناطق العمرانية أو التربة الزراعية.

وأضاف التقرير، لقد جرّفت قوات الاحتلال ودمرت 38- 48% من الغطاء الشجري، وأكثر من 65 كيلومتراً مربعاً من الأراضي المزروعة، وتعمدت قوات الاحتلال استهداف الأشجار المعمرة كالنخيل والجميز والتوت وأشجار الفواكه، وأشجار الكينيا والسرو وغيرها، التي تمنع انجراف التربة وتحافظ على حيويتها وتحد من تطرف المناخ وتسببت حمم النيران والانفجارات بهجرة 150- 200 نوع من الطيور المتوطنة في القطاع.

ويلفت التقرير إلى حجم القذائف والمتفجرات التي ألقتها قوات الاحتلال على قطاع غزة، والتي تقدر بحوالي 85 ألف طن تسببت بتدمير 80% من البنية الحضرية و90% من البنية التحتية، إضافة إلى الانبعاثات الغازية المصاحبة للكميات الكبيرة من المتفجرات التي ألقيت على القطاع، مشيرا الى أن أثر التلوث الناجم عن الكثافة النارية للعدوان بشكل غبار وذرات ميكرونية، تجاوز قطاع غزة الى الدول المجاورة.

ودعا مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بتحرك عاجل وفاعل لإنهاء حرب الإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة، والتوصل إلى وقف تام وفوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين وممتلكاتهم، وضمان إنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم من الإسرائيليين، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ومحكمة العدل الدولية، والضغط على قوات الاحتلال لفتح المعابر على وجه السرعة وإدخال المواد الضرورية والمعدات اللازمة لقطاع المياه والصرف الصحي، لا سيما الكلور والفلاتر الخاصة بمحطات التحلية وقطع الغيار والمعدات الضرورية، وإدخال المواد والمبيدات اللازمة لمكافحة الحشرات والقوارض.

كما دعا الدول والمؤسسات المانحة الى تحرك جدي لتجنيد الأموال اللازمة لدعم المشروعات البيئية التنموية، لا سيما تلك المتعلقة بالنفايات السائلة والصلبة والطبية، ومشروعات المياه، والنظافة العامة، ومشروعات البنية التحتية، والعمل على إعادة بناء ما دمره الاحتلال من أجل تحسين واقع الحياة وصولاً إلى بيئة آمنة وصحيّة في قطاع غزة.