الملوثات الكيميائية مصدر قلق متزايد على صحة القلب

الوقائع الإخبارية : عادة ما يثير الاتصال بالمواد الكيميائية السامة، والتلوث الناجم عنها، المخاوف بخصوص الإصابة بالسرطان أو مشكلات عصبية. إلا أنه بجانب ذلك، ثبت تورط المواد الخطرة في البيئة كذلك في السبب الرئيس للوفاة على مستوى البلاد، أمراض القلب والأوعية الدموية.

كشف حديث لدور الملوثات

في هذا الصدد، شرح د. فيليب لاندريغان، الأستاذ المساعد للصحة البيئية في كلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد، وزميل قسم الصحة العالمية والطب الاجتماعي في كلية الطب بجامعة هارفارد، أن «إدراك أن الملوثات الكيميائية يمكن أن تساهم في أمراض القلب يعدّ أمراً حديثاً، لكنه حقيقي تماماً». وأوضح أنه حتى وقت قريب، كان خطر التلوث البيئي يتوارى تحت وطأة عوامل خطر كلاسيكية أخرى مرتبطة بأمراض القلب.

وأضاف: «حقّق أطباء القلب تقدماً غير عادي في تحديد ودراسة هذه المخاطر. واليوم، تراجعت معدلات الوفيات الناجمة عن أمراض القلب أكثر مما كانت عليه في خمسينات القرن الماضي. والآن، بعد أن انخفضت أعداد المدخنين، وأصبحت لدى مزيد من الناس قدرة أفضل على السيطرة على مستويات الكوليسترول وضغط الدم، بدأت خطورة التعرض للملوثات البيئية تحظى باهتمام أكبر».

مصادر التلوث

تتضمن الملوثات الكيميائية السموم الموجودة في الهواء والماء والتربة. وهنا، أوضح د. لاندريغان أن تلوث الهواء يعد التهديد الرئيس لصحة القلب والأوعية الدموية.

من بين الملوثات الأخرى المثيرة للقلق، المعادن الثقيلة، (خاصة الرصاص)، ومواد بيرفلورو ألكيل (perfluoroalkyl) وبولي فلورو ألكيل (polyfluoroalkyl)، المعروفة باسم الفاعلات بالسطح الفلورية (PFAS)، علاوة على المبيدات الحشرية، طبقاً لمقال نشرته دورية «سيركيوليشن ريسرتش» (Circulation Research).

والآن، أين توجد هذه المواد؟ وكيف يمكنها الإضرار بالقلب؟

• الرصاص. أوضح د. لاندريغان أن أي شخص ولد قبل منتصف سبعينات القرن العشرين، تعرض للرصاص عبر استنشاق عوادم السيارات، التي تعمل بالغاز المحتوي على الرصاص. علاوة على ذلك، تظل بقايا الطلاء المحتوي على الرصاص موجودة بالمنازل وغيرها من الهياكل التي بنيت قبل عام 1978.

كما يمكن أن يؤدي تآكل أنابيب الرصاص (خاصة بالمنازل التي يعود تاريخ بنائها في أميركا إلى قبل عام 1986) إلى تلويث مياه الشرب. أضف إلى ما سبق أن هوايات مثل الرسم الزيتي وصناعة الزجاج الملون، تُعرض الأفراد إلى الرصاص.

ورغم أن الجسم يتخلص من بعض الرصاص عبر البول، فإن جزءاً منه يترسب في العظام، حيث يمكن أن يبقى لعقود. ومع ذلك، تعمل أنسجة العظام على إعادة تشكيل نفسها باستمرار، ما يتيح إعادة إطلاق الرصاص المخزن مرة أخرى في مجرى الدم، مع تقدم الناس في السن. وعلى ما يبدو، يزيد الرصاص خطر الإصابة بأمراض القلب عبر إضعافه لوظائف الكلى، ما يسفر بدوره عن رفع ضغط الدم.

الملوثات الأبدية والمبيدات

• الفاعلات بالسطح الفلورية (PFAS). تعرف باسم الكيميائيات الدائمة (الأبدية)، لأنها تقاوم التحلل الكيميائي والبيولوجي. ويشيع استخدام هذه المواد في حياتنا اليومية، فهي تستخدم في تغليف عبوات الأطعمة والمشروبات وغيرها من المنتجات. وتستخدم الفاعلات بالسطح الفلورية كذلك على نطاق واسع في صناعتي الطيران والسيارات وغيرهما. وتعني النفايات الصناعية الناتجة عن هذه الصناعات أن الفاعلات بالسطح الفلورية غالباً ما ينتهي بها المطاف إلى مياه الشرب وإمدادات الغذاء. وارتبطت المستويات المرتفعة من هذه المواد الكيميائية بارتفاع معدلات الكوليسترول الضار، وتراكم اللويحات داخل الشرايين.

• المبيدات الحشرية. يواجه العاملون في الصناعات الزراعية والكيميائية المستوى الأعلى من المخاطر المرتبطة بهذه المواد الكيميائية. ويمكن كذلك للأشخاص الذين يعيشون بالمناطق الزراعية الريفية أن يتأثروا بانجراف رش المبيدات الحشرية. ويمثل استخدام المبيدات الحشرية داخل المنزل، لمكافحة الأعشاب الضارة والحشرات، سبيلاً آخر محتملاً للتعرض لهذه المواد الكيميائية، وقد يستهلك البعض بقايا مبيدات حشرية في الطعام.