اقتصاديون: الاقتصاد الوطني يحقق نتائج إيجابية متجاوزا الصعوبات

الوقائع الاخبارية: وصف اقتصاديون نمو الاقتصاد الوطني خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 2.4 بالمئة، بأنه إنجاز إيجابي بالنظر إلى الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.

وقالوا إن الاقتصاد الوطني يواصل إثبات جاذبيته ومتانته وقدرته على الصمود والتكيف مع الأزمات والصعوبات، حيث جاء هذا النمو في ظل تحديات تتمثل في تراجع الاستثمار وارتفاع تكاليف الشحن وانقطاع سلاسل التوريد وغيرها.

وأضافوا أن الأردن يسعى باستمرار لتحقيق الأهداف الاقتصادية ونمو مستدام من خلال تعزيز الاعتماد والتركيز على الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى الالتزام بالسياسات الاقتصادية الواضحة والسليمة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني الكلي، والمضي قدما بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي.

ونما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة 2.4 بالمئة، مقارنة مع نفس الربع من العام الماضي.

وحقق قطاع الزراعة أعلى معدل نمو خلال هذه الفترة بلغت نسبته 6.2 بالمئة، تلاه قطاع النقل والتخزين والاتصالات بنسبة 4.8 بالمئة، ثم قطاع الكهرباء والمياه بنسبة بلغت 4.5 بالمئة، ويليه قطاع الصناعات التحويلية الذي نما بنسبة بلغت 3.1 بالمئة، وشهدت بعض القطاعات تراجعاً خلال الربع الثاني منها، قطاع الصناعات الاستخراجية بنسبة بلغت -1.3 بالمئة، وقطاع الإنشاءات بنسبة -1.5 بالمئة.

وأكد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان المهندس موسى الساكت، أن النسبة المتحققة من النمو الاقتصادي تعتبر جيدة ومبشرة خاصة عند مقارنتها بالربع الأول من العام الحالي الذي شهد تباطؤا حيث انخفضت النسبة إلى 2 بالمئة.

وأوضح الساكت أن نسبة النمو التي وصلت إلى 2.4 بالمئة، هي جيدة مقارنة مع ما سبق لكنها لا تزال دون الطموح، خاصة عند مقارنة هذه النسبة بمعدل النمو السكاني الذي يقدر بـ 1.9 بالمئة، مما يعني أن الفارق الحقيقي في النمو يبلغ 0.5 بالمئة، مضيفا أن هذا الفارق لا يكفي لتوفير فرص عمل جديدة ولا لإنقاذ الاقتصاد بشكل فعال.

وأشار إلى أن قطاع الزراعة سجل نسبة نمو عالية تجاوزت 6 بالمئة، من إجمالي نسبة النمو البالغة 2.4 بالمئة، كما حققت قطاعات النقل والاتصالات والمياه والكهرباء نسب نمو وصلت إلى 4.8 بالمئة.

وأضافت أن الصناعات التحويلية لا تزال تسجل نسب نمو منخفضة للمرة الثانية أو الثالثة على التوالي حيث استحوذت على 3.1 بالمئة من نسبة النمو، مؤكدا أهمية هذا القطاع في تعزيز النمو الاقتصادي وتقليل معدلات البطالة حيث تتقاطع الصناعات التحويلية مع العديد من الصناعات الأخرى.

ولفت إلى أن قطاع الإنشاءات شهد تراجعا للمرة الثانية والثالثة على التوالي وهو ما يؤثر سلبا على النشاط العمراني والقطاعات المرتبطة به، داعيا الى ضرورة إيجاد حلول عاجلة لهذا التراجع، ولتحسين أداء القطاع الصناعي الذي يعاني من نسب نمو متواضعة.

وشدد المهندس الساكت على ضرورة اتخاذ إجراءات لتحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة، مثل الإنشاءات والصناعات الاستخراجية، داعيا الحكومة إلى وضع حلول بالتعاون مع القطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد وتحقيق نمو مستدام.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور نوح الشياب، إن معدل النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام والبالغ 2.4 بالمئة، يعد ايجابيا في ظل الأوضاع الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.

وأضاف الشياب أن تحقيق هذا النمو في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع الغزة، وحالة عدم الاستقرار الأمني في المنطقة، وحالة من التحفظ سواء كان في الاستثمار أو الاستهلاك في القطاعات كافة، بالاضافة إلى التراجع في الاستثمار وارتفاع تكاليف الشحن وانقطاع سلاسل التوريد، يعد إنجازا اقتصاديا في هذا السياق الصعب.

وأشار إلى أن هذا النمو، رغم إيجابيته في الحالة الراهنة، إلا أنه في الظروف العادية لا يحقق الطموحات الاقتصادية للأردن وفق رؤية التحديث الاقتصادي، والتي تستهدف تحقيق معدلات نمو تصل إلى 5 بالمئة، مبينا أن هذا المعدل المتواضع لا يساعد في خلق فرص عمل كافية أو تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين بشكل ملموس.

ولفت إلى أن القطاعات التي ساهمت بشكل رئيسي في هذا النمو تشمل القطاع الزراعي والاتصالات، فيما شهد قطاع الإنشاءات تراجعا بسبب انخفاض القوة الشرائية للمواطنين، موكدا أن القطاعات المنتجة الرئيسية مثل القطاع الصناعي والمعادن شهدت تراجعا نتيجة الصعوبات في التصدير الناتجة عن الأوضاع الاقليمية.

وأكد الدكتور الشياب ضرورة العمل على رفع معدلات النمو في المستقبل لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل، مما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

من جانبه، رأى الباحث الاقتصادي الدكتور أحمد المجالي، أن تحقيق الاقتصاد الأردني هذه النسبة من النمو يعد إنجازا استثنائيا في ضوء التحديات الجسيمة التي تحيط بالمنطقة، سواء كانت إقليمية أو دولية.

وأشار المجالي إلى أن التحديات الراهنة، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم تؤثر فقط على استقرار المنطقة سياسيا، بل حملت معها انعكاسات اقتصادية شديدة الوطأة، مثل تذبذب الأسواق، واضطراب سلاسل التوريد، وتزايد المخاطر الاستثمارية.

وبين أنه في ظل هذه الضغوط، تمكن الاقتصاد الوطني من الصمود وتحقيق هذا النمو، وهو ما يعكس مرونة غير عادية وديناميكية فريدة في التعامل مع الأزمات، مؤكدا أن هذا النمو لم يكن محض صدفة، بل هو نتيجة مباشرة لجهود مكثفة وسياسات اقتصادية مدروسة تم تنفيذها بالتوازي مع الرؤية الملكية السامية.

وأكد أن توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، حرصت على وضع خطط إصلاحية شاملة تعزز مناعة المملكة الاقتصادية وتوسع نطاق التنمية المستدامة، ما جعل الاقتصاد قادرا على التكيف مع الظروف غير المواتية التي تواجهه، سواء بسبب النزاعات الإقليمية أو تقلبات الاقتصاد العالمي.

وأوضح المجالي أن هذا النمو يمثل نقطة تحول هامة، ويبعث برسالة قوية بأن الاقتصاد الأردني ليس فقط قادرا على مواجهة التحديات، بل أيضا على الاستمرار في مسيرة التنمية، حتى في أصعب الظروف، مشيرا إلى أن هذه الرسالة لابد من توجيهها لجميع المستثمرين المحليين والأجانب على أن الاقتصاد الأردني قادر على ان يكون حاضنة مهمة لاستثمارات آمنه تتمتع ببيئة اقتصادية مستقرة.

بدوره، أكد عضو مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي الأردني والمستشار في الاستثمار والأعمال محمد القريوتي، أن الأردن على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالمنطقة والعالم، يواصل إثبات قوته كدولة مؤسسات راسخة قادرة على مواجهة التحديات.

وأشار القريوتي إلى أن المؤسسات الأردنية، سواء في القطاع العام أو الخاص، تعمل بشكل متناغم ضمن برامج اقتصادية واضحة تهدف إلى تعزيز النمو وتحقيق الاستقرار، رغم التحديات التي يواجهها الطرفان والأعباء الكبيرة الموجودة على الموازنة والتحديات التي تواجه القطاع الخاص مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والشحن والضرائب.

وأوضح القريوتي أن الأردن حقق نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4 بالمئة خلال الربع الثاني من عام 2024، وهي نسبة إيجابية في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده بعض الدول المتقدمة، مضيفا أن هذا النمو يعكس قوة القطاعات الاقتصادية الأردنية الرئيسية.

وبين أن الأردن يتجه نحو الاعتماد على الذات من خلال الإنتاج والسلع والخدمة المحلية في مختلف القطاعات التي تدخل ضمن الناتج المحلي الإجمالي، ومن أهم هذه القطاعات الرئيسية القطاع الزراعي والتعليم والصحة، بالاضافة إلى القطاع الرئيسي المحرك وهو القطاع الصناعي الذي يعمل على التوازن دائما والقطاع التجاري.

وأشار إلى أن من أبرز القطاعات التي شهدت نمواً وتعطي إشارة مبشرة، قطاع الزراعة الذي نما بنسبة 6.2 بالمئة، ليصل إلى مساهمة تتجاوز 4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أنه رغم أن الأردن يعد من الدول الأفقر في مصادر المياه، إلا أن هذا النمو يعكس التحسينات الكبيرة في الأساليب الزراعية والتوسع في الأسواق الجديدة.

وأكد القريوتي أن نمو قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 3.1 بالمئة، يظهر أن القيمة المضافة أصبحت واضحة في الصناعات والمنتجات المحلية، وذلك من خلال تطوير الإنتاج والخدمات باستخدام كوادر أردنية.

وفيما يتعلق بقطاع تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم، أشار القريوتي إلى أنه سجل نمواً بنسبة 2.3 بالمئة، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطنين، وتراجع السياحة في بعض المناطق مثل البتراء والعقبة وغيرها نتيجة للظروف الإقليمية، إلا أن الاستقرار في أسعار السلع والخدمات ساعد في الحفاظ على هذا النمو.

وذكر القريوتي أن قطاع النقل والتخزين والاتصالات الذي نما بنسبة 4.8 بالمئة، يلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد الوطني، حيث يعتمد عليه جميع المواطنين والشركات في عملياتهم اليومية.

أما قطاع الصناعات الاستخراجية، فأكد القريوتي أنه شهد تراجعا طفيفا بنسبة 1.3 بالمئة، بسبب تقلبات أسعار السوق العالمية وتأثيرات العرض والطلب في البورصات العالمية، مبينا أنه رغم التراجع الا أن تأثيره على الناتج المحلي الإجمالي كان محدودا، وأن هذا التذبذب في أداء قطاع الصناعات الاستخراجية لم يكن له أثر كبير على الاقتصاد الأردني بشكل عام حيث تم امتصاص الصدمة الناتجة عن هذا التراجع من خلال أداء القطاعات الأخرى.

وذكر أن القطاع المالي والتأمين شهد نمواً بنسبة 1.6 بالمئة، وهو قطاع راسخ يمثل حوالي 19 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيداً بقدرة الأردن على الحفاظ على احتياطيات من العملة الأجنبية تجاوزت 20 مليار دولار.

وشدد القريوتي على أن الأرقام الأخيرة مبشرة وتشير إلى نجاح البرنامج الاقتصادي الوطني الذي يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي، ورغم أن المواطنين قد لا يشعرون بتحسن فوري في حياتهم اليومية، إلا أن هذا النمو المستدام يعزز حماية الاقتصاد ضد التقلبات المستقبلية، ويؤسس لمرحلة من الاستقرار الاقتصادي.