منتدون يدعون لاستحداث مظلة لقطاع الصناعات الإبداعية

الوقائع الإخبارية:  - دعا متخصصون في قطاع الصناعات الإبداعية الى التفكير جدياً بإيجاد هيئة متخصصة تكون مظلةً لهذا القطاع الواسع الذي يضم مجالات واعدة كالألعاب الإلكترونية وألعاب الموبايل وأفلام الرسوم المتحركة والموسيقا والوسائل السمعية والبصرية والوسائط الجديدة والتصميم وفنون العمارة والدعاية والإعلان والعلامة التجارية والتسويق وغيرها.

وأكدوا في ندوة نظمتها حول "تنمية الصناعات الإبداعية والتحديات التي تواجهها"، أن وجود مظلة موحدة لهذه القطاعات ضرورة مُلحّة من شأنها أن تساعد في تنظيم هذه الصناعة ورسم سياساتها، وتسهيل تنفيذ المبادرات الواردة في رؤية التحديث الاقتصادي، وترتيب العلاقة مع الجهات الدولية والمؤسسات المحلية الرسمية والأهلية وقطاع الجامعات والمدارس، وتوفير حاضنة للموهوبين والكفاءات في هذا المجال.

وأوضحوا أن السوق العالمية تتجه اليوم بشكلٍ متسارع نحو الصناعات الإبداعية بسبب زيادة فرصها لدى الجيل الجديد، مشيرين الى أن هذه الصناعات غدت في الأعوام الأخيرة في مقدمة القطاعات التي تساهم بقوة في الاقتصادات الوطنية وررفع الناتج المحلي، مشيرين الى أن صناعة الألعاب الإلكترونية التي يبلغ حجم ايراداتها عالمياً 90 مليار دولار ازدهرت بقوة في الأعوام القليلة الماضية بسبب التطور الهائل الذي أحرزته.
وأشاروا خلال الندوة إلى أهمية موافقة مجلس الوزراء أول من أمس على خطة تحسين أداء المملكة في مؤشر الابتكار العالمي الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، كون هذه الخطة تساهم في تنمية المواهب لا سيما في قطاع الصناعات الإبداعية، مؤكدين الدور الكبير لرؤية التحديث الاقتصادي ومساهمتها في تنشيط قطاعات الصناعات الإبداعيةكون الاردن غنيا بقصص النجاح في هذا المجال ويتقدّم بشكل متسارع في مؤشر الابتكار العالمي.

وقال مدير عام الهيئة الملكية للأفلام مهند البكري، إن الأردن وجهة لتصوير الأفلام العالمية لِما يحوي من تضاريس وبيئة وطبيعة وبنية تحتية محفزة في هذا المجال، مبيناً أن قطاع الأفلام يرتبط ارتباطا مباشرا وعلى درجة عالية بنحو 44 قطاعا على مستوى التوظيف والترويج والاستهلاك، ويرتبط مع 126 اختصاصا ومهنة، مضيفاً أن عدد المستفيدين من قطاع الأفلام السينمائية في الأردن يبلغ 2700 مستفيد، ومنذ عام 2007 تم صرف ما يزيد على نصف مليار دولار في هذا القطاع بالأردن وتشغيل أكثر من 121 ألف عامل.

وأوضح البكري أن لدى الهيئة "صندوق أفلام" يدعم المهتمين ممن لديهم قصص وروايات، ومساعدتهم في عمل المنتج الخاص بهم، كما تعمل الهيئة على نشر ثقافة الأفلام وتروّج للأردن كموقع مميّز لتصوير الأفلام العالمية، وليس لها دورٌ رقابي على أي محتوى، مؤكدا أن الأردن كان خلال السنوات الماضية رائداً بالمحتوى الذي يصدّره لدول الجوار والخليج العربي.
وأضاف، إن صناعة الأفلام السينمائية بحاجة لجهدمضاعف لمواكبة التسارع الإبداعي الكبير الذي يشهده هذا القطاع كل يوم، مؤكدا أن الاردن يملك ميزات كبيرة في هذا القطاع ولديه بنية تحتية مؤهلة وكوادر وقدرات وسرعة في تسهيل الإجراءات.

ولفت إلى أن أكبر التحديات التي تواجه قطاع صناعة الأفلام السينمائية عالمياً، هو قرصنة الأفلام وتسرّبها بطريقة أو بأخرى، فتصبح مشاهدتها غير مدفوعة ومجانية رغم الجهود والتكاليف المالية الباهظة في صناعتها، داعياً إلى إيجاد آلية ناظمة لضبط الملكية الفكرية لمواجهة هذه القرصنة .

وأشار البكري، إلى أن الهيئة قدمت منذ تأسيسها عام 2003 خدمات إنتاج متكاملة للإنتاجات السينمائية والتلفزيونية التي تُصوّر في المملكة، وتسهيل حصول صنّاع الأفلام على معلومات شاملة حول التصوير في المملكة إضافة إلى تصاريح التصوير وتسهيلات إدخال المعدات واستقصاء المواقع والتدريب والنقد السينمائي وكتابة السيناريو وغير ذلك.

من جهتة، قال الشريك المؤسس في شركة "ديجيتلز" المتخصصة بصناعة الرسوم المتحركة والمحتوى الرقمي، المنتِج شادي شرايحة، إن أفلام الرسوم المتحركة الأردنية تساهم في بناء الهوية الثقافية الأردنية وتعزّز حضورها لدى الأجيال وتروجها بالخارج، مطالبًا من وسائل الإعلام بالتركيز على قصص النجاح المحلية في قطاع الرسوم المتحركة والتي وصلت إلى العالمية بفعل الاحتراف والقدرة على المنافسة الدولية في هذا المجال.

ودعا شرايحة الى زيادة الاهتمام بهذا القطاع وتسهيل إجراءات ترخيصه وتوفير حاضنات الأعمال والتدريب وتسهيل تسجيل الملكية الفكرية رقميا اضافه إلى تضمين مناهج المدارس والجامعات دروساً حول صناعة الرسوم الالكترونية والتعريف بها وبأهميتها ومجالها الواسع في العمل مستقبلاً، مؤكداً أن هذه الصناعة توفّر مردودا ماليا ممتازا وسريعا وتُشغّل المواهب الأردنية الشابة.

وتطرق شرايحة الحاصل مع شريكته سنثيا مدانات على وسام الملك عبدالله الثاني للتميز من الدرجة الأولى، إلى فلميْن أردنيين بالرسوم المتحركة هما: "سليم" و "حياة عيلتنا" أو ما عرف بـ "عيلة ابو سند" اللذان حصلا على مشاهدات بالمليارات مثلما حصلا على جوائز دولية، وكان لهما أثر اقتصادي واجتماعي عميق في بناء وترويج القيم والثقافة والهوية الأردنية، مؤكداً أن 70 بالمئة من المحتوى الرقمي العربي مصدره الأردن ويؤمل بأن تكون تنافس الإبداعات الأردنية على المستوى الدولي في هذا القطاع.

وقال إن العمل الفردي في مجال الرسوم المتحركة مرهق وشاق وحلّ العديد من الإشكاليات فيه يتطلّب وجود مظلة لهذا القطاع ترسم طريق الإبداع للموهبين وتساعد في زيادة عدد الشركات وتحفّز الكفاءات للدخول في هذا المجال وبما يمكنها من الانطلاق نحو العالمية وبما ينسجم مع المبادرات التي حددتها رؤية التحديث الاقتصادي في قطاع الصناعات الإبداعية.

بدوره، قال المدير التنفيذي لشركة "ميس الورد" المتخصصة بتكنولوجيا صناعة الألعاب نور خريس، إن حجم صناعة الألعاب الإلكترونية في العالم يبلغ حالياً 90 مليار دولار 6 مليارات منها في الوطن العربي، لافتا الى أن الأردن يضم أكبر عدد من صانعي الألعاب الإلكترونية في المنطقة العربية، وهو المحرّك الأول في سوق ألعاب الهاتف المحمول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأشار إلى الإقبال الكبير على الألعاب الإلكترونية الترفيهية وانتشارها الواسع عالمياً، موضحاً أن هذا الإقبال ليس للتسلية فقط كما يُشاع، بل يساهم في بناء الشخصية وزيادة الوعي والتفكير والإدراك، إلى جانب أنواع الألعاب الإلكترونية التعليمية الأخرى .

ودعا إلى إعادة تشكيل الثقافة المجتمعية تجاه الألعاب الإلكترونية خصوصاً بين الأهالي، والتوعية بأن هذا المجال له انعكاسات إيجابية على الأبناء أثناء اللعب أو اكتساب مهارة صناعة هذه الألعاب، مشيراً إلى نتائجها الإيجابية على الأشخاص ورفع مستوى المعرفة والتعليم والذكاء وتهيئة أسباب الاحتراف في هذه الصناعة.

وأشار خريس الحاصل على جائزة "الأسطورة في ألعاب الموبايل" في لندن العام الماضي، الى الدور الكبير لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية في دعم قطاع الألعاب الإلكترونية وتنفيذ مختبرات لها تقدّم خدمات اللعب والتدريب وتطوير المهارات.

ولفت الى ما يواجه هذا القطاع من تحديات على المستوى الدولي من أبرزها تحدي الذكاء الاصطناعي الذي يغيّر ملامح التقنيات والألعاب وصناعتها واستخداماتها كل يوم إضافة إلى المنافسة الدولية الكبيرة في هذا المجال، مبيناً أن أعلى مردود مالي من بين أنواع الألعاب الإلكترونية هو القادم من الترفيهية منها.

وقال، إن قطاع الألعاب الإلكترونية ينتظر مزيداً من تسليط الضوء الإعلامي عليه في الأردن بطريقة تحفّز جيل الشباب على الدخول في هذا القطاع كأفراد أو شركات صغيرة، مبيناً أن مجال الألعاب الإلكترونية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقطاع الرسوم المتحركة وصناعة الأفلام السينمائية وغيرها من الصناعات الإبداعية التي يكمل بعضها الآخر والتي تحتاج إلى مسار مؤسسي يوحدها ويدعم وجودها ويعزز حضورها .

ودعا خريس إلى إطلاع جميع فئات المجتمع الأردني على رؤية التحديث الاقتصادي خصوصا فيما يخص المبادرات التي تطرحها الصناعات الإبداعية والعمل وفق مسار هذه الخطة، مشدداً على أن قطاع الألعاب الإلكترونية إذا ما تمت إدارته بشكل تحفيزي، يستطيع المساهمة كثيراً في الناتج المحلي الأردني .

وكانت مدير عام الوكالة، الزميلة فيروز مبيضين استهلت الندوة، التي أدارها الزميل زياد الشخانبة، بالتأكيد على حرص الوكالة على دعم المواهب الأردنية وإبراز قصص النجاح خصوصاً في مجال الصناعات الإبداعية التي يملك الأردن أعدادا كبيرة من الموهوبين بها.

ودار حوار خلال الندوة حول ضرورة رفع الوعي المجتمعي بالقطاعات الإبداعية خاصة بين الشباب، وضرورة بناء المعرفة وتشجيع الاحتراف باعتبار هذا القطاع مشغّلا رئيسا في المستقبل.