محللون سياسيون وأكاديميون يعاينون آفاق النظام العالمي الجديد وأزمات الشرق الأوسط

الوقائع الإخبارية: - عاين محللون سياسيون أكاديميون، مساء أمس الاثنين، في مقر منتدى الفكر العربي، آفاق النظام العالمي الجديد وتصاعد الأزمات في منطقة الشرق الأوسط.

وفي ندوة حوارية نظمها المنتدى، شارك فيها كل من عميد كلية الأمير الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدولية بالجامعة الأردنية، الدكتور حسن المومني، والكاتب والمحلل السياسي، الدكتور منذر حوارات، ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط، الباحث جواد الحمد، وأدارها أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية، الدكتور بدر ماضي.

وقال الدكتور المومني، في الندوة التي حضرها أمين عام المنتدى، الدكتور الصادق الفقيه، وعدد من الدبلوماسيين السابقين والأكاديميين والمهتمين، إن هناك نزعة تغييرية تعصف بالعالم منذ تسعينيات القرن الماضي، ولم تبدأ بحرب قطاع غزة، وهذا ما تدل عليه مؤشرات العلاقات الدولية.

وبيّن أن هذه النزعة تخللها الكثير من التحولات، وأن بدء الحديث عن التغيير في النظام الدولي كان في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

ورأى أن الآفاق الحالية تحمل العديد من السيناريوهات، وأن هناك أدبيات كثيرة تحصر حضور مراكز القوى الدولية في الولايات المتحدة الأميركية والصين، فيما تُذكر روسيا في هذا السياق بشكل أقل.

وأشار إلى أن ميزان النظام الدولي حتى الآن يميل لصالح القوى الدولية الغربية في مختلف الجوانب، ومنها الاقتصاد والتكنولوجيا والقدرات العسكرية، وأن السنوات المقبلة ستبقي على تفوق الغرب، وأن التحولات الجارية حالياً خالية من البعد الأيديولوجي، مستشهداً بتنازل الصين عن الكثير من أفكارها السابقة.

وقال إن الصين لا تتحدث في أدبياتها السياسية عن صراع مع الغرب، وإنما عن منافسة، معتبراً أن الشراكة الصينية-الروسية مرحلية، ولا مقومات لتحولها إلى تحالف دائم.

ورأى المومني أن الشرق الأوسط يحتل المرتبة الثالثة بعد أوروبا والصين بالنسبة للاهتمام والنظرة الاستراتيجية للولايات المتحدة.
من جهته، قال الباحث جواد الحمد إن تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، في ظل التحولات الدولية، يشير إلى تراجع الدور الدولي وتراجع النظام العربي.

ورأى أن هذه التحولات كشفت عن عجز وضعف في العمق العربي، وسوء تقدير سياسي واستراتيجي لدى النخب.

وأشار إلى أن طوفان الأقصى كشف العجز العربي، وفتح آفاقا لتحولات مهمة فلسطينياً وإقليمياً وعربياً ودولياً، معتبراً أن السنوات العشر المقبلة ستشهد تحولات كبيرة.

وقال إن التحولات ليست أحداثاً معزولة، وقد تؤدي إلى تعقيد المواقف، وإنه إذا لم تُحل بعض هذه الأزمات وتركت للتراكم، قد تتحول إلى أزمات مزمنة لا يمكن حلها لاحقاً.

ورأى أن من أبرز عوامل تزايد الأزمة في فلسطين تنامي العقلية اليمينية الدينية لدى الإسرائيليين، وعلى الصعيد العربي التدخلات الأجنبية، مشيراً إلى أن النظام الدولي يعيش الآن أزمة حقيقية.

وخلص إلى أن من أبرز المخارج من هذه الأزمات على الصعيد العربي التمسك بالهوية العربية الإسلامية كهوية حضارية، وتجنب الهويات الفرعية، وإنشاء حوار وطني وآخر قومي وإسلامي لحل جزء من هذه الأزمات.

ورأى أن طرح مسألة التفكير في الهوية الحضارية يمكنه استيعاب دول الجوار الإسلامي للمنطقة العربية، مؤكداً أهمية منع التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة، وضرورة دعم نضال الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

أما الدكتور منذر حوارات، فقال إن هناك قوى صاعدة في النظام العالمي الجديد، منها الصين، مشيراً إلى أنها نوع ما زحزحت أميركا عن مقعدها، مستعرضاً مسار العلاقات بين القوى الكبرى وأثرها على الشرق الأوسط منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومن ثم انهيار الاتحاد السوفيتي، حينما أصبح النظام العالمي أحادي القطبية، وصولاً إلى العقدين الأخيرين اللذين شهدا صعود قوى جديدة.

وبيّن أن هذه التحولات دفعت عدداً من الدول العربية إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الصين وروسيا، بوصفهما قوتين صاعدتين في العقدين الأخيرين، كما أن هذه التحولات أعطت الدول العربية دوراً أكبر في صياغة تحالفات جديدة.

واعتبر أن منطقة الشرق الأوسط تعد عقدة الصراعات الجيوسياسية، وأنها تتعقد بشكل متزايد بفعل تدخلات القوى الكبرى والإقليمية.

واستعرض في حديثه أدواراً محورية لعدد من الدول العربية والإقليمية، لافتاً إلى تأثير إسرائيل على المنطقة بوصفها قوة إقليمية مؤثرة تمتد أنشطتها إلى مجالات السياسة والأمن والاقتصاد، وكذلك تأثيرها على التحالفات الإقليمية.

وتطرق حوارات إلى ما تواجهه الدول العربية من تحديات اقتصادية وسياسية، مستعرضاً صراع النفوذ بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط، ومنها أميركا وروسيا، ومظاهر التعاون الاقتصادي بين الصين وعدد من الدول العربية.

وتناول في حديثه الاعتداءات الإسرائيلية، ورفض إسرائيل حل الدولتين، واعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، وفرص التحول الاقتصادي نحو الطاقات المتجددة من خلال التعاون بين الدول العربية والصين.

وقال إن النظام الدولي متعدد الأقطاب يفتح المجال أمام العديد من اللاعبين الإقليميين والعالميين لتعزيز نفوذهم في الشرق الأوسط، معتبراً أن المنطقة لم تعد مجالاً حصرياً للولايات المتحدة كما كانت في العقود السابقة.

وأكد في ختام حديثه أن تحقيق حلول مستدامة يتطلب تعاوناً إقليمياً ودولياً قوياً، وتطوير سياسات مرنة قادرة على التكيف مع التغيرات الجيوسياسية والتحديات البيئية والاقتصادية.