“غزة مقابل السعودية”… ونتنياهو يرد على “صفقة بلينكن”: إيران حطمت نافذتي

الوقائع الاخبارية : أنتوني بلينكن رجل الإدارة الأقرب للرئيس بايدن، وثمة سبيلان لتناول هذه الحقيقة: الأول، التذكير بأن الأمريكيين سيختارون رئيساً جديداً بعد 13 يوماً.

وعلى الرغم من أن بايدن ورجاله سيواصلون مهامهم حتى 20 كانون الثاني، لكن قوتهم ستتبدد.


يمكن الاستخفاف بهم. أو، كبديل، إدراك وجود فرصة أخيرة. أعرف أن هاتين الكلمتين، فرصة وأخيرة، قيلتا مرات أكثر مما ينبغي في أثناء سنة الحرب.

لكن أعرف أيضاً أن مخطوفين قتلوا وماتوا واجتازوا الجحيم في غزة بين فرصة مفوتة وأخرى، وبأن مزيداً من المقاتلين في الجيش قتلوا وجرحوا، وأن المزيد من غير المشاركين قتلوا واقتلعوا من بيوتهم، وأن إسرائيل تعرضت لمزيد من الأضرار الاقتصادية والسياسية التي سيستغرق إصلاحها سنوات. وأعرف أنه لا هاريس ولا ترامب سيبذلان ما بذله بايدن من جهود لإعادة المخطوفين ولإنهاء الحرب.

لقد كان توقيت الهجوم الإسرائيلي على إيران موضوعاً مركزياً في الزيارة. فإدارة بايدن تسعى لتقليص الهجوم إلى ضربات رمزية أو لتأجيله إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية. الدافع سياسي: إن أي هجوم إسرائيلي واسع وأي رد متوقع من إيران قد يضران بفرص هاريس في الولايات المتأرجحة.

وبينما السباق متلاصق، حسب كل الاستطلاعات، فإن لكل فعل حربي أثراً على الاقتصاد وجدول الأعمال وصندوق الاقتراع. تقترح الإدارة على إسرائيل بالمقابل دفاعاً وسلاحاً. المعضلة صعبة: من شأنها أن تغضب ترامب، المرشح الذي راهن نتنياهو على انتصاره في الانتخابات.


يدل البيان الذي أصدره نتنياهو بعد اللقاء على شيء ما، فهو يدل على أنه مصمم على مهاجمة إيران الآن. وأضيف إلى التعليل السابق تعليل جديد: عملية رد على ضربة مُسيرة حزب الله لنافذة فيلا نتنياهو في قيساريا. "هذه مسألة ذات مغازٍ دراماتيكية”، كتب نتنياهو، "محظور المرور عنها مرور الكرام”.

هو محق، فلضربة المُسيرة للمنزل الخاص برئيس الوزراء معنى. فنشر صور النافذة المحطمة فجأة بعد يومين من التعتيم الأمني، يدل على ميل متبلور.
عودة إلى بلينكن وإلى الصفقة الإقليمية التي بدايتها في غزة. تتضمن الصفقة المقترحة إعادة كل المخطوفين، وإخراج كل قوات الجيش الإسرائيلي من غزة، وتسليم الأمن الداخلي في غزة بقوة حفظ نظام من السلطة، ومرابطة غلاف من قوة دولية على طول الحدود مع إسرائيل ومصر. وتوافق إسرائيل على استئناف المفاوضات مع أبو مازن وتحصل على تطبيع مع السعودية. السؤال: هل يوجد اليوم محفل في غزة يمكنه إعادة كل المخطوفين؟

والسؤال مفتوح أيضاً: ما هي قوة الدول الوسيطة؟ لا شيء مغلقاً حتى النهاية.
الثمن المطلوب من إسرائيل باهظ، بتعابير موضوعية، حتى عندما نقارنه بالتعهدات التي أعطاها نتنياهو لقاعدته طوال سنة.

لكن البديل هو ضياع كل المفقودين، واستمرار نزف دماء الجيش في حرب بلا غاية، وتعميق الأزمة مع ديمقراطيين، وتفويت الفرصة لحلف إقليمي… وكل ذلك لا يبشر بخير.
يريد نتنياهو تطبيعاً مع السعودية. هو يفهم بأن السعوديين يشترطون التطبيع باتفاق دفاع مع الولايات المتحدة، واتفاق توجد له فرصة أكبر حتى يقره الكونغرس إذا ما اقترحته إدارة ديمقراطية. بكلمات أخرى، هو مع تطبيع مع السعودية تحت رعاية بايدن، لكنه ليس مستعداً لدفع الثمن.

حققت كل أهدافك العسكرية في غزة، قال بلينكن لنتنياهو: حماس فقدت قوتها العسكرية؛ والسنوار قتل؛ ومعظم قيادة المنظمة صفيت. ولا شيء يملأ الفراغ الناشئ ويمنع صعود حماس إلا التعاون بين السعودية وإسرائيل.

هل ستنفذ الأنظمة العربية، نصيبها في الاتفاق؟ تفترض أمريكا حدوث ذلك بإيجابية، لكنه ليس نهائياً. وعليه، يواصل بلينكن رحلته إلى الأردن والسعودية. وثمة أساس للاعتقاد بانضمام أبو مازن والسلطة. كل هذا شريطة ضمان موافقة إسرائيل.

قيادة الجيش الإسرائيلي تؤيد التسوية في غزة؛ ومثلها قسم كبير من الساحة السياسية والرأي العام في إسرائيل. معارضة بن غفير وسموتريتش مجرد ذريعة وسترة واقية للاختباء وراءها. القرار بيد نتنياهو.
الضغط لعقد الصفقة يندمج مع الضغط الإنساني. الإدارة الأمريكية، وكذا حكومة ألمانيا، قلقة من الصور التي تخرج من شمالي القطاع. النقص في المنتجات الحيوية، والإخلاء الجماهيري، والادعاءات بضرب المستشفيات، كلها ترتبط باقتراب موعد الانتخابات وبتصويت المسلمين في ميشيغان ووسكنسون، الولايتين المتأرجحتين.

الصفقة المقترحة لا تتضمن لبنان في هذه المرحلة؛ فالأمريكيون يفهمون بأن الجيش الإسرائيلي يحتاج لمزيد من الوقت لتطهير القرى المجاورة للحدود مع إسرائيل ولتصفية مراكز قوة حزب الله في الضاحية.

في أثناء الأسبوع، التقيت في الشمال أحد قادة القوات التي تقاتل في جنوب لبنان. المهمة لم تتغير منذ اجتياز الحدود: تدمير مجالات حزب الله المحصنة، وجمع السلاح، وتطهير المنطقة.

كانت هناك مفاجأة ما في حجم السلاح. وجدوا سلاحاً في كل بيت في القرى الشيعية تقريباً. القرى المسيحانية تطل على الحرب من بعيد أساساً (حسب تقرير في "واشنطن بوست”؛ فـ "قليعة”، القرية المسيحية مقابل المطلة، أصيبت بنار الجيش الإسرائيلي. القرية ملاصقة لجدار الحدود).

لما وجدوا سلاحاً في كل بيت، كان حجم الدمار أكبر مما قدروا مسبقاً. هذه الحرب لا تشبه حرب لبنان الثانية في 2006. في حينه أيضاً كانت المنازل فارغة من المواطنين.

أول أمس، احتفل نتنياهو بيوم ميلاده الـ 75. كل يوم ميلاد لنتنياهو يعد حدثاً. أذكر يوم ميلاده الـ 51 في 21 أكتوبر 1998. كان نتنياهو في حينه في مزرعة واي، غير بعيد عن واشنطن العاصمة، في ذروة مفاوضات مع ياسر عرفات. في صباح 21 أكتوبر، نشرت "يديعوت أحرونوت” مقالاً كتبته من هناك. يبدأ المقال بالسؤال: كيف سيحيي نتنياهو يوم ميلاده مع عرفات؟ قرأ الفلسطينيون المقطع وتحركوا، مستغلين الساعات بذكاء فارق. في الساعات الأولى من الليل، أعدت باقة ورود، وفي السابعة صباحاً وقف أحمد الطيبي، الذي كان عضواً في الوفد الفلسطيني، وهو يحمل الباقة أمام باب نُزل نتنياهو. أيام.