بنغلاديش.. خطة لاستعادة 100 مليار دولار من الثروات المغسولة

الوقائع الإخبارية : على مدى السنوات الـ 15 الماضية، أفادت تقارير بأن أفرادًا من قطاعات مختلفة – بمن في ذلك السياسيون ورجال الأعمال والبيروقراطيون ومسؤولو الشرطة – قاموا بغسل أكثر من 100 مليار دولار في الخارج. من المحتمل أن يكون هذا الرقم أقل من الحقيقي، ولكن حتى لو كان قريبًا من المبلغ الفعلي، فإن الآثار المترتبة عليه مذهلة.

لوضع هذا في سياقه، فإن 100 مليار دولار تعادل تقريبًا الميزانية الوطنية لبنغلاديش للعامين المقبلين، كما أنها تعادل إجمالي الدين الخارجي للبلاد، كما أفاد بنك بنغلاديش. يمكن للمرء أن يزعم أنه إنْ لم يتم غسل هذه الأموال، فقد تغطي كل ديون بنغلاديش الخارجية تقريبًا عبر القطاعين: العام والخاص. وعلاوة على ذلك، إذا أعيدت هذه الأموال إلى الوطن، فقد تخفف الضغوط على احتياطيات النقد الأجنبي في بنغلاديش، ما يساعد في كبح التضخم.


ومع سقوط حكومة رابطة عوامي، بدأت الجهود تتجه إلى استكشاف السبل الكفيلة باستعادة الثروة المسروقة.. وفي الآونة الأخيرة، التقى مسؤولون من هيئة مكافحة الفساد بممثلين من مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وقد عرض كل منهما المساعدة في استعادة الأموال المغسولة. وبالإضافة إلى ذلك التقى وفد أميركي زائر بقيادة مساعد وزير الخزانة برنت نيمان بمسؤولين من الحكومة المؤقتة.

وعلى الرغم من أن تفاصيل المناقشات ما زالت قليلة، فقد وردت أنباء تفيد بأن الحكومة الأميركية أبدت استعدادها لمساعدة بنغلاديش في هذا الصدد، الأمر الذي أثار تفاؤلًا حذرًا بين المحللين البنغاليين.

وفي حين يعرب البعض عن أملهم في إمكانية إعادة الأموال المسروقة، يظلّ آخرون متشككين.. وربما ينبع قدر كبير من هذا الغموض من الافتقار إلى الوعي بشأن الحالات السابقة، التي ساعدت فيها الولايات المتحدة بنجاح دولًا أخرى على استعادة الأموال المغسولة. وإذا كانت بنغلاديش جادة في استعادة الثروات المغسولة، فيمكنها أن تتعلم من تجارب دول، مثل: ماليزيا والفلبين ونيجيريا.

في الفترة ما بين عامي 1993 و1998، سرق الدكتاتور النيجيري ساني أباتشا ورفاقه ما يقدر بنحو 5 مليارات دولار، أُودِع معظمها في بنوك دولية بسويسرا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إضافة إلى حسابات خارجية. وبعد وفاة أباتشا، بدأت نيجيريا جهودًا لاستعادة الأموال، واعتمدت هذه الجهود بشكل كبير على الأطر القانونية الدولية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي مكنت من إبرام اتفاقيات المساعدة القانونية المتبادلة مع بلدان أخرى.


كانت سويسرا أول من تعاون، فجمدت أصول أباتشا في عام 1999، بعد طلب رسمي من السلطات النيجيرية. وفي أعقاب معارك قانونية، حكمت المحكمة الفدرالية العليا السويسرية في عام 2002 لصالح إعادة 500 مليون دولار من الأموال المغسولة، ما جعلها واحدة من أكبر عمليات استرداد الأصول المسروقة من قبل دولة نامية. وبحلول عام 2006، أعادت سويسرا معظم الأصول المجمدة بشرط استخدام الأموال في مشاريع عامة، مثل: البنية الأساسية، والصحة والتعليم.

ولضمان عدم اختلاس الأموال مرة أخرى، راقبت المنظمات الدولية، مثل البنك الدولي، من كثب كيفية استخدام نيجيريا لها. وكان هذا المستوى من الرقابة عنصرًا أساسيًا في المفاوضات، لضمان استفادة المواطنين النيجيريين بشكل مباشر من الأموال.

كما مارست الولايات المتحدة دورًا حاسمًا في جهود التعافي في نيجيريا؛ ففي عام 2014، طلبت الحكومة النيجيرية رسميًا المساعدة من وزارة العدل. وردًا على ذلك، قدمت وزارة العدل شكوى بشأن مصادرة الأصول في أبريل/ نيسان 2014، لمصادرة أكثر من 500 مليون دولار يمكن تتبعها إلى نظام أباتشا، بموجب مبادرة استرداد أصول الكليبتوقراطية (حكم اللصوص). وقد أدى هذا إلى تجميد الأصول في العديد من الولايات القضائية، بما في ذلك فرنسا، والمملكة المتحدة، وجيرسي التابعة للتاج البريطاني.


وبحلول مارس/ آذار 2020، وقعت الولايات المتحدة وجيرسي ونيجيريا اتفاقية تاريخية لإعادة أكثر من 308 ملايين دولار، تم غسلها من خلال النظام المالي في جيرسي.

وعلى غرار قضية سويسرا، طالبت الولايات المتحدة وجيرسي نيجيريا باستخدام الأموال بمشاريع عامة محددة. ومؤخرًا، في أغسطس/ آب 2022، أعلنت وزارة العدل عن اتفاقية أخرى لإعادة 23 مليون دولار إضافية إلى نيجيريا.