الموازنة العامة.. الفرص والتحديات

يشكل مشروع موازنة العام القادم 2025 الذي تقدمت به الحكومه احد أهم المنعطفات أمام مجلس الأمة العشرين.

وهناك خصوصية تميز مشروع القانون الراهن تتمثل أولاً فيما تضمنه خطاب العرش من تأكيد على ضرورة توفير الحياة الكريمة للمواطنين عبر مواصلة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي واطلاق إمكانات الاقتصاد الوطني، وتكثيف الجهود لتحديث القطاع العام.

كما من المتوقع أن تساهم موازنة العام القادم في تحقيق الرؤى والأهداف التي تضمنها البيان الوزاري للحكومة، ولا ننسى أن المجلس النيابي الحالي يمثل خطوة في مسار التحديث السياسي القائم على التنافس الحزبي عبر البرامج والأفكار المكرسة لخدمة الوطن والمواطن.

وعلى مستوى التطورات الراهنة في الإقليم ما زالت التحديات قائمة وربما بشكل أكثر حدة خاصة في ضوء نتائج الانتخابات الأميركية والاحداث المتسارعة التي تشهدها سوريا.

الصلاحيات الدستورية والقانونية تمنح مجلس الامة دوراً هاماً في إقرار ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة وهناك آليات مؤسسية تتيح القيام بهذه المهام بكفاءة وفاعلية وفي إطار من المشاركة الهادفة الى تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية بأقل كلفة وبجودة مناسبة وبما يتناسب مع الدور المحوري للسياسة المالية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو وتحسين الخدمات المقدمة للمستفيدين.

وهذا الامر يتطلب الاهتمام بما توفره أنظمة الرقابة والمساءلة من تحديد للمسؤوليات وبيان لجوانب الضعف والقصور بهدف تصويبها بتوقيت مناسب.

وينتظر من المجلس النيابي القائم على الأحزاب البرامجية أن يساهم في تقديم الحلول والأفكار وطرح التوصيات الكفيلة بالمساهمة في توضيح أفضل السبل لتعزيز كفاءة الموازنة وتحقيق الأهداف الوطنية ضمن الإمكانات المتاحة.

وخاصة الجوانب المتعلقة بالتحديات الأساسية المتمثلة في أعباء الدين العام وهيكل الانفاق العام من حيث النسبة المرتفعة للإنفاق الجاري والاعتماد المفرط على الضرائب غير المباشرة التي تؤثر سلباً على مستوى معيشة قطاع واسع من المواطنين، وتراجع القدرة على تخصيص موارد مالية للمشاريع الرأسمالية المولدة لفرص العمل والمشاريع الوطنية الكبرى.

رغم صعوبة الظروف وتعدد التحديات الا أن الفرصة متاحة لإدارة كفؤة وفاعلة للمصادر التمويلية المتاحة وبما يساعد في تعزيز كفاءة الانفاق ويقلص تفاقم الاعتماد على التمويل بالدين عبر البحث في الخيارات التمويلية المتاحة ويحقق التوازن بين الحفاظ على الاستقرار المالي وتوفير الظروف الملائمة لنمو شامل ومستدام ينعكس ايجاباً على مستوى حياة المواطنين.

وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة الالتزام بمعايير الشفافية والنزاهة لتعزيز الثقة بين المواطن والحكومة ومجلس الامة، وبحيث تقوم كل جهة أو مؤسسة بدورها بكفاءة ووفق الأهداف المحددة لها ضمن التشريعات ذات العلاقة، وبما يتفق مع إصلاحات جوهرية تخدم خطط ورؤى التحديث الشاملة.

استثمار الفرص المتاحة يحتاج لسياسة مالية تحفيزية مقترنة بالوضوح والشفافية والمصارحة، سياسة تستثمر الأفكار البناءة التي تخدم الوطن والمواطن ولا تزيد الأعباء على المواطنين ولا على أي من القطاعات الاقتصادية بل تعمل على توفير مختلف الظروف والامكانيات الكفيلة بتحسين بيئة الاعمال ورفع مستوى معيشة المواطنين وتشجيع الاستثمارات التي تولد فرص عمل مستدامة وتساهم في الارتقاء بالنمو وتحسين إنتاجية الاقتصاد الوطني وقدرته على المنافسة لتحقيق ديناميكية قادرة على تعزيز نقاط القوة وصولاً الى التأقلم مع المتغيرات والمستجدات ومواجهة متطلباتها.