" مشروع شبكات توزيع الغاز".. يفتح آفاقا جديدة للنمو الاقتصادي

الوقائع الاخبارية: ينظر القطاع الصناعي إلى مشروع إنشاء شبكات توزيع الغاز الطَّبيعي في مدينتيّ عمَّان والزَّرقاء بتفاؤل كبير لما له من دور في خفض كُلَف الإنتاج ورفع قدرة الصناعات الوطنية التنافسية في السوقين المحلي والخارجي.

ويفتح هذا المشروع آفاقاً جديدة للنمو الاقتصادي، من حيث خفض كلف الإنتاج وزيادة فرص العمل واستخدام مصدر طاقة نظيف وفعال، يعزز مكانة الأردن في مجال الطاقة المستدامة.

ويتوقع أن يسهم المشروع الاستراتيجي الذي أقره مجلس الوزراء أخيرا والذي وجه وزارة الطَّاقة والثَّروة المعدنيَّة للسَّير في إجراءات التَّفاوض لتنفيذه، بتخفيض كُلَف الغاز على المواطنين والقطاعات الإنتاجيَّة بنسبة لا تقلُّ عن 35 بالمئة.

ويهدف المشروع الذي يحتاجُ إنجازه لقُرابة 4 سنوات وأبدتْ 6 جهات الاهتمام في به، إلى إنشاء شبكات لتوزيع الغاز الطَّبيعي عبر الأنابيب على منازل المواطنين والقطاعات الإنتاجيَّة من مصانع وشركات وغيرها في مدينتيّ عمَّان والزَّرقاء، وفقاً لأفضل المعايير العالميَّة وأعلى درجات السَّلامة والحماية.

وفي هذا الصدد، تركز رؤية التحديث الاقتصادي على خفض كلف الطاقة وعلى رأسها الكهرباء، وشبك مجمعات الصناعة بالغاز الطبيعي، للنهوض بقطاع الصناعة في المملكة، حيث يمثل قطاع الصناعة 17.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ مساهمة مخرجات قطاع الصناعة في الصادرات حوالي 15.1 مليار دينار، أي ما يعادل 49 بالمئة من إجمالي الصادرات.

وخلال "منتدى سبل تعزيز الكفاءة في القطاع الصناعي" الذي عقد أخيرا، أكد وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة، أن الوزارة تعمل بشكل مُكثف مع غرفة صناعة الأردن للتغلّب على التحديات التي تواجه القطاع الصناعي فيما يتعلّق بكلف الطاقة، وذلك من خلال إطلاق عدة برامج ومشاريع تهدف لتخفيض هذه الكلف ورفع كفاءة الطاقة على القطاع الصناعي، ليكون قادراً على التنافس بشكل أكبر في الأسواق الإقليمية والعالمية، وبالتالي المساهمة بشكل أكبر في تحقيق غايات رؤية التحديث الاقتصادي.

وفيما يتعلق بإيصال الغاز الطبيعي إلى المناطق الصناعية، قال الخرابشة، إن الوزارة مستمرة في إيصال الغاز للتجمعات الصناعية في مختلف مناطق المملكة، وسيتم قريباً افتتاح محطة قياس في منطقة الهاشمية، وأن العمل جارٍ الآن على إيصال الغاز لمنطقة الروضة الصناعية في محافظة معان.

وأكد الوزير أن إيصال الغاز الطبيعي للمناطق والتجمعات الصناعية سيُحقق وفرا بنسبة 30 بالمئة مقارنة بالوقود الثقيل، و55 بالمئة مقارنة بالغاز البترولي المسال، و60 بالمئة مقارنة بالديزل.

بدوره، قال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي ‏الجغبير، إن نظرتنا إيجابية لهذا القرار وتفاؤلنا مرتفع جراء القرارات الاقتصادية من الحكومة، مؤكدا أن هذه المشاريع الاستراتيجية لدعم الصناعة الوطنية ورفع قدراتها التنافسية تحتاج إسراعاً بالتنفيذ ووضعها على سلم الأولويات التنفيذية وإيجاد جميع الحلول المالية والفنية حتى تصبح على أرض الواقع.

وقال تأتي أهمية هذه القرار للصناعة الوطنية في ظل ما تشكله مدينتي الزرقاء وعمان من عصب القطاع الصناعي باستحواذهم على حوالي 60 بالمئة من إجمالي المنشآت الصناعية العاملة في المملكة، بالإضافة الى جدوى استخدام الغاز الطبيعي في تعزيز الصناعة الوطنية من خلال انعكاسها بشكل مباشر على خفض كلفة الطاقة التي يتحملها القطاع وبنسب تتراوح ما بين 40 بالمئة إلى 60 بالمئة من كلفه الطاقة حسب القطاعات الفرعية المختلفة.

واضاف الجغبير، أن الطاقة بجميع أشكالها هي مدخل إنتاج رئيسي لمختلف القطاعات الصناعية الفرعية، حيث تشكل كلفتها ما نسبته بالمعدل لجميع القطاعات الصناعية 30-35 بالمئة من كلف الإنتاج، ويصل لأكثر من 40 بالمئة في بعض القطاعات مثل قطاع الصناعات البلاستيكية والمطاطية وقطاع الصناعات الإنشائية، إذ تعتبر الصناعة القطاع الثالث المستهلك للطاقة بعد القطاع السكني والنقل، وثاني أكبر مستهلك للطاقة الكهربائية بواقع 21بالمئة من إجمالي الكهرباء المستخدمة في الأردن.

وأكد أن كلف الإنتاج وخاصة الطاقة تقف معيقاً أمام تنافسية المنتجات الوطنية محلياً وعالمياً، حيث تصل فروق كلف الإنتاج مع منافسينا في دول الجوار لتتراوح ما بين 25بالمئة- 40 بالمئة، وهذا يشكل تحديا واضحا يعيق من تقدم ونمو القطاع الصناعي، وبالتالي فإن إستخدام الغاز الطبيعي يمكنه أن يعزز من قدرة الصناعات الأردنية على المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية من خلال تقليل تكاليف الإنتاج، ومنح القدرة على تحسين جودة المنتجات وتحقيق أعلى المعايير البيئية، ما يساهم في تعزيز مكانة الأردن كمركز صناعي مستدام وفتح فرص وآفاق واعدة وجديدة.

وأشار المهندس الجغبير، إلى أن أي توجه نحو خفض الكلف، يؤدي حتماً إلى زيادة حجم الإنتاج وبالتالي تعزيز فرص عمل جديدة للشباب الأردني.

وتجدر الإشارة هنا إلى دراسة أعدتها غرفة الصناعة خلصت إلى أن الاثر الإيجابي لخفض تعرفة الكهرباء بما نسبته 10 بالمئة على الصناعة، يحدث ارتفاعاً بما نسبته 2 بالمئة على الإنتاج الصناعي، ويسهم بنمو الناتج المحلي بحوالي 0.4 بالمئة، ويخلق في الاقتصاد حوالي 10 آلاف فرصة عمل.

وأوضح أن التحول نحو استخدام الغاز الطبيعي داخل القطاع الصناعي والاعتماد على مصادر الطاقة المحلية النظيفة يعد مساهماً رئيسياً وخطوة أساسية لتخفيض الانبعاثات الكربونية، من خلال ما يتمتع به الغاز الطبيعي من كفاءة في الاحتراق، بنسب تتراوح بين 20-40 بالمئة، بفضل تقليل تراكم الرواسب الكربونية في المعدات والآلات، فضلاً عن توفير حوالي 60 بالمئة من كفاءة الاحتراق بالمقارنة مع الديزل، ونحو 27 بالمئة بالمقارنة مع الوقود الثقيل، ما يحسن من كفاءة استخدام الطاقة وتقليل كلف الصيانة.
بدوره، أكد خبير الطاقة هاشم عقل، أن التوجه الحكومي مهم وحيوي لخدمة جميع القطاعات الاقتصادية والمنزلية، لافتا إلى أن القطاع الصناعي يعلق آمالا كبيرة على مثل هذه المشاريع الاستراتيجية والتي من شأنها تخفيض كلف الطاقة وتعزز قدراتها التنافسية.

وأشار الى أهمية الإسراع في التنفيذ وتسهيل جميعا لعقبات أمام المستثمرين حتى يرى هذا المشروع الحيوي النور، ويقدم الخدمات الحيوية للمواطنين في مختلف المجالات المنزلية والصناعة والسياحة والصحية وأيضاً مستقبلا وقود للسيارات.

وقال عقل، إن المشروع الاستراتيجي في حال إنجازه وتشغيله، سيسهم بتخفيض كُلَف الغاز على المواطنين والقطاعات الإنتاجيَّة بنسبة لا تقلُّ عن 35بالمئة وقد تصل إلى 60 بالمئة في القطاع الصناعي، الذي سيسهم في تعزيز منافسته محلياً وخارجياً وزيادة الصادرات والإسهام في رفع نسبة النمو والتوسع في الاستثمارات وتشغيل المزيد من الأيدي العاملة .

وأشار إلى أن شبكات الغاز الطبيعي هي البنية التحتية التي تربط منتجي الغاز الطبيعي بمستخدميه النهائيين، سواء كانوا صناعيين أو تجاريين أو منزليين، وتشمل هذه الشبكات خطوط أنابيب، محطات ضخ، مرافق تخزين، ووحدات معالجة، التي تضمن نقل الغاز بشكل آمن وفعّال من الحقول إلى المستهلكين.

وعن أهمية شبكات الغاز الطبيعي ، قال خبير الطاقة إن شبكات الغاز الطبيعي تلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد العالمي، وذلك وفقًا لإحصاءات عام 2023، خاصةً أن أكثر من 24 بالمئة من استهلاك الطاقة العالمي على الغاز الطبيعي، لكونه وقودًا نظيفًا نسبيًا مقارنةً بالفحم والنفط، حيث ينتج انبعاثات كربونية أقل بنسبة 50-60 بالمئة عند الاحتراق، وهذه المزايا جعلت من شبكات الغاز الطبيعي محورًا أساسيًا لخطط التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، حيث أنه مع تحول الدول نحو مصادر طاقة نظيفة ومستدامة، أصبحت شبكات الغاز الطبيعي أحد الأعمدة الأساسية لتلبية احتياجات الطاقة حول العالم.

وعن الاستخدام المنزلي والتجاري للغاز الطبيعي أشار عقل، إلى أنه يتم استخدام الغاز الطبيعي على نطاق واسع في المنازل لتلبية احتياجات التدفئة والطهي وتسخين المياه، ففي الولايات المتحدة مثلا، تعتمد حوالي 50 بالمئة من الأسر على الغاز الطبيعي لتدفئة منازلها بفضل كفاءته وتكلفته الاقتصادية، أما في القطاع التجاري، فيُستخدم الغاز الطبيعي لتشغيل أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء في المكاتب والمباني التجارية، ما يساعد على توفير بيئات عمل مريحة بتكلفة أقل وكفاءة طاقية أعلى مقارنةً بالخيارات الأخرى.

وتابع الخبير، " تأتي أهمية هذه الشبكات من عدة جوانب، منها، التوزيع الفعّال للطاقة حيث تسهم الشبكات في نقل كميات كبيرة من الغاز بكفاءة من مناطق الإنتاج إلى مراكز الاستهلاك، والأمان والاستدامة، إذ توفر أنظمة متقدمة للتحكم ومنع التسربات، ما يجعل الشبكات أكثر أمانًا مقارنةً بوسائل نقل الطاقة الأخرى.

ونوه إلى تخفيض تكاليف النقل من حيث مساهمة الشبكات في تقليل التكاليف مقارنةً بالنقل البري أو البحري، ما يعزز الاقتصاد ويقلل التلوث، بالإضافة الى تعزيز الاعتماد على الطاقة النظيفة حيث تساعد في نشر استخدام الغاز الطبيعي، وهو وقود أنظف مقارنة بالوقود الأحفوري الآخر.

وقال إن الشبكات توفر الدعم للصناعات والمنازل من جانب أنها تمد المصانع بالطاقة اللازمة وتستخدم في المنازل للتدفئة والطهي، ما يحسن من جودة الحياة، بالإضافة إلى المرونة والتوسّع حيث يمكن توسيع شبكات الغاز الطبيعى وإدخال تقنيات جديدة مثل الغاز الطبيعي المضغوط أو المسال.

وأكد عقل، أن هذه العوامل تجعل شبكات الغاز الطبيعى أداة حيوية في تأمين إمدادات الطاقة وضمان استدامتها للمستقبل.

وفي ذات الإطار كلفت الحكومة الشركة اللوجستية الأردنية للمرافق النفطية "جوتك" في وقت سابق بتولي المهام المطلوبة من الشركة الحكومية للغاز الطبيعي، بهدف زيادة مساهمة الغاز الطبيعي في خليط الطاقة الكلي لخفض كلفة الطاقة على الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال إيصال الغاز الطبيعي للمدن والتجمعات الصناعية، بحيث تتولى الشركة وبالتنسيق المباشر مع الجهات المسؤولة عن التجمعات الصناعية تنفيذ البنية التحتية لشبكة توزيع الغاز الطبيعي داخل المدن الصناعية لغايات تزويد الصناعات بالغاز الطبيعي، وتولي الخدمات (إدارة وتشغيل وصيانة) شبكات الغاز داخل المدن الصناعية.

وبهذا الصدد ستقوم الشركة بتنفيذ مشروع يتعلق بالغاز الطبيعي ويعد مكملا لمشروع تزويد الصناعات بالغاز الطبيعي، وهو إنشاء خط الغاز من منطقة حقل الريشة إلى نقطة الربط على خط الغاز الرئيسي بطول 230 كم، بكلفة تصل حوالي 150 مليون دينار.

ويهدف المشروع إلى تنفيذ البنية التحتية لربط الغاز من حقل الإنتاج بالريشة إلى نقطة الربط على الخط الرئيسي، وشراء الغاز من شركة البترول الوطنية وبيعه للصناعات المستهلكة للغاز، بالإضافة إلى تأمين غاز طبيعي بديل إضافي على شبكة الغاز الرئيسية.

وبذلك فإن "جوتك" أول شركة حكومية مختصة بأعمال توزيع وتزويد الغاز الطبيعي داخل المملكة.