دور المجلس الثقافي البريطاني في بناء أنظمة تعليمية مرنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الوقائع الإخبارية: بقلم مدير المجلس الثقافي البريطاني بالأردن، أليكس لامبرت

يشكل التعليم العمود الفقري لأي مجتمع، وفي منطقة سريعة التطور، مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يصبح التعليم مفتاح باب الرخاء والاستقرار والإبداع في المستقبل. على الرغم مما حققته منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في خلال العقود القليلة الماضية، من تقدم في تحسين الوصول إلى التعليم، لا تزال هناك مجموعة من التحديات التي تشتمل على التركيبة السكانية السريعة التغير وآثار الصراع، مما يعرض الأنظمة التعليمية في المنطقة لضغوط متزايدة خاصة فيما يتعلق بتزويد الشباب بالمهارات التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاح في مستقبل لا يمكن التنبؤ به.
يعمل المجلس الثقافي البريطاني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ نحو 90 سنة على تعزيز أنظمة التعليم من خلال دعم تطوير المناهج الدراسية وبناء شراكات مبتكرة. من أبرز الأمثلة على هذا الالتزام جهوده المؤثرة في الأردن، والتي احتفل بمرور 75 عامًا منها عبر سلسلة من المبادرات التحويلية في سنة 2023.

دعم تطوير المناهج الدراسية وتدريب المعلمين
يعد دعم تطوير المناهج الدراسية وتحسين جودة التدريس من الركائز الأساسية التي يعمل عليها المجلس الثقافي البريطاني.
في الأردن، يظهر هذا النهج جليًا من خلال برنامج التدريس من أجل النجاح الذي يشكل شراكة بارزة مع وزارة التربية والتعليم ويهدف إلى تدريب 3000 مدرس للغة الإنجليزية سنويًا، للوصول إلى جميع معلمي اللغة الإنجليزية في المدارس الحكومية في الأردن بحلول العام 2027. تسعى هذه المبادرة إلى تمكين المعلمين بالمهارات اللازمة لتقديم تعليم متميز حتى في البيئات الأكثر تحديًا، مع التركيز على تعزيز التفكير النقدي والإبداع ومهارات التواصل. وقد حظي البرنامج بدعم مالي كبير، بما في ذلك تمويل مشترك من وزارة التربية والتعليم.
كما يقدم برنامج "اللغة من أجل الصمود" التابع للمجلس الثقافي البريطاني في الأردن، تدريبًا لأكثر من 500 معلم في مخيمات اللاجئين والمناطق النائية، مما يساهم في تحسين جودة التعليم لأكثر من 6000 طالب. يظهر هذا النهج في التعليم الشامل وعالي الجودة أهمية دور التعليم في منح كلٍ من المعلمين والطلاب القدرة على تجاوز التحديات الاستثنائية.

تمكين الوصول إلى المؤهلات التعليمية
في الأردن، رسخ المجلس الثقافي البريطاني مكانته كمقدم رائد للمؤهلات الدولية البريطانية. من خلال شراكته مع 110 مدرسة، يدير المجلس أكثر من 34,000 اختبار سنويًا، ما يجعل الأردن ثالث دولة على صعيد الامتحانات المدرسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تسهم هذه الامتحانات، إلى جانب فرص التطوير وأحداث التواصل مع المدارس الشريكة، في إعداد جيل مؤهل للمستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يوفر المجلس أكثر من 5,000 اختبار IELTS وامتحانات مهنية سنويًا في عدد من المواقع داخل الأردن، مما يمنح الأفراد فرصة الوصول إلى آفاق أكاديمية ومهنية عالمية.

دعم الابتكار
يمثل التراث الثقافي جزءًا أساسيًا من التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يحرص المجلس الثقافي البريطاني في الأردن على تعزيز ارتباط الشباب بجذورهم الثقافية. من خلال برنامج "النقل الرقمي"، الذي انطلق في العام 2023، والذي يركز على تنمية المهارات الرقمية للفنانين الشباب وفتح آفاق جديدة للتعبير الفني. كما أن التعاون، مثل الشراكة بين   "Future Everything UK"  والمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، لم تكتفِ بإثراء المشهد الثقافي فحسب، بل قدمت أيضًا رؤى مبتكرة وأساليب حديثة في مجال التعليم الفني.

شراكات من أجل الإصلاح التعليمي
ساهمت شراكات المجلس الثقافي البريطاني في دفع عجلة الإصلاح التعليمي. في الأردن، لعبت مذكرة التفاهم الموقعة مع وزارة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والمنظمات الدولية دورًا محوريًا في تحقيق تقدم ملموس خلال العام 2023، مما عزز مكانة المجلس الثقافي البريطاني كشريك استراتيجي في مسيرة الإصلاح التعليمي. استطاع المجلس، بواسطة برامج تطوير القدرات، الوصول إلى أكثر من 200 متخصص والعمل على تحسين معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة وتعزيز برامج التدريب المهني وتوسيع نطاق الوصول إلى التعليم العالي.

كما يوفر برنامج  Youth Connect، الذي أُطلق بالتعاون مع منظمات محلية مثل نايا وقادة الغد والصندوق الأردني الهاشمي للتنمية، بيئات تعاونية في خمس مناطق مختلفة في الأردن لأكثر من 1300 شاب وشابة، منهم النساء والأشخاص من ذوي الإعاقة. يهدف البرنامج إلى تعزيز تنمية المهارات وبناء القدرة على التكيف، مع التركيز على مواجهة تحديات العصر الحديث مثل تغير المناخ وفرص التوظيف والإدماج الاجتماعي، مما يساهم في تمكين المجتمعات لتحقيق تغييرات مستدامة.

مستقبل مرن لشباب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
 
يكمن مستقبل أنظمة التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قدرتها على التكيف مع الظروف المتغيرة مع الحفاظ على الجودة والشمولية والمرونة. كما يظهر بوضوح في الأردن، فإن الاستراتيجية الشاملة التي يتبعها المجلس الثقافي البريطاني — والتي تشمل التعليم الرسمي وغير الرسمي وتدريب المعلمين وتقديم المؤهلات — تترك أثرًا ملموسًا على حياة الشباب في مختلف أنحاء المنطقة.
بالعمل مع الحكومات والمؤسسات التعليمية والمجتمعات المحلية ومساعدته في بناء أسس التقدم الاقتصادي والاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يأسس المجلس الثقافي البريطاني أنظمة تعليمية تعمل على تمكين الشباب والاحتفال بالتنوع الثقافي وتعزيز مستقبل من الأمل والفرص والرخاء للجميع.