
الموقف الأردني من غزة ما بين خبر مضلل وترجمة غير بريئة!
في مفارقة تكشف التباين الحاد في المهنية الإعلامية بين بعض المنصات الغربية والعربية، أظهرت أهم الصحف الأمريكية التزامًا واضحًا بالدقة والمهنية عند تغطيتها لموقف الأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين من غزة إثر لقاء الملك عبدالله الثاني مع ترامب في البيض الابيض، بينما وقعت بعض الوسائل الإعلامية العربية، في فخ التشويه أو النقل غير الدقيق، ما أدى إلى تضليل الرأي العام وإثارة الجدل حول موقف الأردن الحقيقي.
المثير في الأمر أن أبرز الصحف الأمريكية مثل نيويورك تايمز، واشنطن بوست، وول ستريت جورنال تعاملت مع تصريحات الملك عبد الله الثاني بمهنية عالية، حيث نقلت مضمونها كما هو، مؤكدة أن الأردن يرى في التهجير القسري للفلسطينيين خطًا أحمر لن يسمح بتجاوزه. لم تحاول هذه الصحف إعادة تفسير التصريحات بطريقة منحازة، ولم تسعَ إلى توجيهها لخدمة أجندات سياسية، بل اكتفت بنقل الحقائق وتحليل الموقف في سياقه الصحيح.
على العكس من ذلك، جاءت ترجمة الجزيرة غير الدقيقة لتصريحات الملك لتقدمها في إطار ضبابي يوحي بأن التهجير موضوع "قابل للنقاش"، وهو ما أدى إلى إساءة فهم الموقف الأردني. هذه الترجمة لم تكن مجرد زلة لغوية، بل أظهرت سوء نية أو ضعفًا في الالتزام بالمهنية الصحفية، خاصة عندما تأخذ في الاعتبار أن الجزيرة لديها تاريخ في إعادة صياغة الأخبار بما يتماشى مع أجندتها التحريرية.
الأمر ذاته تكرر مع وكالة رويترز، التي استندت في البداية الى نقل اخبار "مضللة" على لسان الملك بذات اللقاء في الحادي عشر من فبراير. لكن بعد الضجة الإعلامية، اضطرت رويترز إلى سحب الخبر بعد مرور اسبوع من الخطا، في اعتراف ضمني بأن المصدر الذي اعتمدت عليه لم يكن دقيقًا أو محايدًا.
الأمر ذاته تكرر مع وكالة رويترز، التي استندت في البداية الى نقل اخبار "مضللة" على لسان الملك بذات اللقاء في الحادي عشر من فبراير. لكن بعد الضجة الإعلامية، اضطرت رويترز إلى سحب الخبر بعد مرور اسبوع من الخطا، في اعتراف ضمني بأن المصدر الذي اعتمدت عليه لم يكن دقيقًا أو محايدًا.
وعلى الرغم من هذا التضليل الذي استهدف حقيقة ووضوح الموقف الأردني من قضية تهجير الفلسطينيين من غزة، والتي كاد ان يدفع الاردن ثمنا كبيرا من سمعته ونظافة مواقفه وتاريخه المشرف من فلسطين، إلا أن الرد على هذه الحملة كان غير مسبوق من حيث الحجم والتأثير.
فقد شهدت الساحة الإعلامية والسياسية دفاعًا واسعًا عن الأردن وموقفه الثابت، ليس فقط من النخب الأردنية، بل أيضًا على المستوى العربي والدولي، حيث تفاعلت شخصيات سياسية وإعلامية مؤثرة، وقيادات شبابية، ومؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي، في حملة مضادة تهدف إلى تصحيح الصورة، وفضح التلاعب الإعلامي الذي حاول تشويه موقف الأردن الرافض للتهجير.
هذه المفارقة تدفعنا إلى إعادة التفكير في مصداقية بعض وسائل الإعلام العربية، وطرح تساؤل أعمق: لماذا أصبحت بعض القنوات العربية أقل التزامًا بالمهنية من الصحافة الغربية؟ وهل أصبح الإعلام العربي مجرد أداة لخدمة أجندات سياسية بدلًا من كونه مصدرًا للخبر الموثوق؟
بالنتيجة، نحن في الأردن لا نريد أن نكون ضحايا لوسائل إعلام لها أجندات خاصة، ولا نريد من هذه الاعلام ان يمتدح سياساتنا أو أن يسلط الضوء على إنجازات الأردن. كل ما نطلبه هو الصدق في نقل الأخبار، والالتزام بنقل الحقيقة، ولا شيء الا الحقيقة.