{clean_title}

نحتاجها أردنياً

ها نحن نعيش في ظلال شهر رمضان الكريم من جديد، فهل نفقه معانيه ودلالاته التربوية؟، فرمضان ليس شهراً للامتناع عن الطعام والشراب من أول خيط للفجر الى غروب الشمس فحسب، فهذا هو ظاهر العبادة، لكن لكل عبادة في الإسلام بالاضافة الى مظهرها المادي، أهداف تربوية على صعيد بناء الفرد، وعلى صعيد بناء المجتمع. واول الاهداف التربوية لصوم رمضان انه يؤكد على الانضباط في حياة الفرد، عندما يلزمة بالامتناع عن الطعام والشراب في لحظة محددة، ثم يأكل ويشرب في لحظة محددة اخرى. وهو انضباط يمتد الى المجتمع كله، ليضيف هدفاً تربوياً آخر لرمضان هو تعظيم روح الجماعة، عندما يمتنع كل افرادها عن الطعام والشراب في لحظة واحدة، ثم يعودون لهما في لحظة اخرى، يتساوى في ذلك الكبير والصغير، والغني والفقير، والوزير والغفير، ليبرز هنا هدف تربوي آخر لرمضان هو تكريس مبدأ المساواة بين الناس فلا تمايز بينهم الا بالتقوى، وهو مقياس بابه مفتوح للجميع بلا محاباة، واسطة الفرد فيه هي همته وعزيمته وتجرده. بالاضافه إلى هدف آخر وهو الاحساس بالآخر، لتبرز قاعدة فلينفق كل ذي سعة من سعته، وفي كتب السيرة ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان جوادا وانه كان اكثر ما كان جوادا في رمضان.

ومثلما هو شهر الانضباط والنظام والمساوة، فان رمضان كذلك شهر ترويض الشهوات والانتصار عليها، واكثر الشهوات شراسة وسيطرة على الإنسان هما شهوتا البطن والفرج، اللتان جاء صوم رمضان ليدربنا على السيطرة عليهما، عندما حرم الطعام والمعاشرة الزوجية، من الخيط الاول للفجر حتى غروب الشمس، وعندما يستطيع الإنسان السيطرة على شهوتي الطعام والفرج، يسهل عليه السيطرة على سائر الشهوات، فيصعب الايقاع به في فخ او شرك، كأن يكون جاسوسا لاعداء وطنه.

بالإضافة الى ماتقدم من الابعاد التربوية لشهر رمضان، فإن هناك للشهر الفضيل بُعدا تربويا آخر يكمن في التدريب على احترام الوقت والمواقيت والوعد والمواعيد، اي احترام نظام الحياة. فرمضان من خلال مواقيته المحددة، يؤكد على قيمة اسلامية مهمة هي قيمة حسن تنظيم الوقت واستثماره استثمارا مفيدا يحقق غاية رئيسية من غايات الوجود البشري وهي اعمار الارض.

كثيرة هي الابعاد التربوية لشهر رمضان، وهي ابعاد نحتاج اليها في واقعنا الاردني، حيث صار هدر الوقت والطعام والفوضى في المواقيت وعدم احترام المواعيد، ناهيك عن سيطرة الفردية والأنانية وغياب روح الجماعة ومعها غياب روح الاحساس بالآخر، وسيطرة البخل الا في مناسبة النفاق الاجتماعي، وكلها آفات تعالجها الابعاد التربوية لرمضان ان فقهناها.