الوقائع الاخبارية:متابعات 

لا تعجبوا لصرخة استغاثة من طبيب بريطاني ذو جذور اردنية ويعمل في واحد من اكبر مستشفيات لندن منذ خمسة عشرة عاماً، فوجئ منذ أيام بوقفه عن عمله فوراً، لماذا؟ لأن شكوى وردت ضده من "مجهولة" تقول بأنه نشر على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي أن إسرائيل تمارس في حربها على غزة جريمة الإبادة الجماعية، وهي في نظرها تهمة لاسامية، وكأن العالم كله لم يشهد تلك الجريمة يومياً على مدى أكثر من خمسة عشرة شهراً في ذلك القطاع الصغير الصامد، أو كأن أحدا في الدنيا ما زال يفتقر إلى دليل جديد على جرائم إسرائيل في حروبها المتتالية على غزة وعلى الشعب الفلسطيني كله منذ القرن الماضي ..

لقد صار معروفاً ومثيراً للسخرية توجيه تهمة معاداة السامية جزافاً على نطاق واسع مقصود شمل الآن الطبيب البريطاني الأردني الأصل، فذاك جزء من نشاط اللوبي الصهيوني بهيئاته المتنفذة والمتغلغلة في أوساط الشعب البريطاني كما في كثير من دول أوروبا، وبادعاءات مختلفة وجاهزة في أكثرها، وقد أصبحت أشد وأنكى من قبل باحتوائها أيضا على معاداة إسرائيل نفسها! خصوصاً بعد أن نجحت بجعل ذلك محرماً حسب قانون نشاز جرى إدخاله عنوة على قوانينها خلافاً لمبادئ العدالة والديمقراطية المستقرة حول العالم، والقصد من ذلك هو إرهاب وتشويه وإسكات أي صوت معارض لإسرائيل وسياسة حكومة الابارتهايد الصهيونية فيها وذلك ليرتاع الآخرون، ويرتدعوا، فلا يجسروا ولو على مجرد الدفاع عن الفلسطينيين المعتدى عليهم، فالصهيونية بلغ بها الحقد والتعصب حداً فظيعاً لم تعد تطيق معه أن يذكر اسم فلسطين أو ان يقال إن لشعبها قضية لأنه في نظرها غير موجود ..

لقد سمعت بنفسي الدكتور نديم حدادين يشرح لجورج غالوي قضيته بقوة وشجاعة وعزة نفس وعرفت انه مولود في بريطانيا لأب بريطاني وأم أردنية هي غادة حدادين التي عرفناها واحدة من انجح مذيعاتنا باللغة الانجليزية على الراديو والتلفزيون، وعرفنا أن والدها أي جده الأردني خلف حدادين كان من أفضل معلمي مدرسة المطران.

اكتب هذا الكلام اليوم وقد بدأت الاتصال بنقابة الأطباء لإثارة هذه القضية على صعيد النقابات الزميلة في بريطانيا داعياً بنفس الوقت أن تتحرك لدعم هذا الطبيب بالإضافة لها نقابة المحامين بالتعاون مع محاميه في بريطانيا ومع النقابات والجمعيات الصديقة فيها.

إنها ليست قضية فردية بل قضية حرية الرأي والتعبير التي يتهددها مع شديد الأسف النشاط الصهيوني في بلد اشتهر بأنه من اعرق الديمقراطيات في العالم!