ترامب يسحب البساط السوري من تحت قدمي أردوغان
الوقائع الاخبارية:د . زياد صالح الزبيدي
يمكن وصف زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج بأنها، إن لم تكن تاريخية، فهي بلا شك زيارة محورية. حيث بلغت "غنيمته" صفقات تجارية مع دول الخليج مثل السعودية والإمارات وقطر تتجاوز قيمتها 2.5 تريليون دولار. كما تحققت إنجازات سياسية، أبرزها رفع العقوبات عن سوريا نتيجة ضغوط سعودية. والآن، وفقًا للموقع اللبناني Lebanon Digest، "تم نقل ملف سوريا إلى الرياض، بما في ذلك صلاحية تشكيل السياسات الداخلية والخارجية في المنطقة في إطار خلق توازن قوى جديد هناك". علاوة على ذلك، "تم ربط ملف لبنان أيضًا بالسعودية"، وهو ما يُعتبر – حسب خبراء عرب – حصول الرياض على "مفتاح الشرق الأوسط". وأعرب هؤلاء الخبراء عن اعتقادهم بأن "أي دولة أخرى في المنطقة تتخذ موقفًا تصادميًا أو متجاهلًا تجاه السعودية ستواجه عقوبات أمريكية". أي أن الأمر يتعلق بـ"منح سوريا – أولاً وقبل كل شيء – بُعدًا عربيًا إسلاميًا بصبغة سعودية تحت المظلة الأمريكية".
الأهم من ذلك هو الشرعية غير المباشرة التي منحتها الولايات المتحدة للرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، وهو ما يُفترض أن يرضي أنقرة، حيث كان الشرع ورفاقه قد أظهروا تعاطفًا مع تركيا في السابق. لكن الآن، دخلت على خط اللعبة في سوريا قوى أخرى ذات وزن إستراتيجي مختلف. فقد شعرت تركيا بقلق بالغ عندما رفض ترامب زيارتها خلال جولته الشرق أوسطية، وإكتفى بذكرها فقط في سياق مفاوضات روسيا وأوكرانيا في إسطنبول لتسوية الأزمة بينهما. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد ترددت أنباء في وسائل الإعلام العربية عن أن الولايات المتحدة والسعودية بدأتا وضع "خريطة طريق" لتسوية الأوضاع في سوريا، بما في ذلك تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وليس من قبيل المصادفة أن يُعلن الشرع بعد لقائه ترامب أنه دعا الشركات الأمريكية للإستثمار في قطاع النفط والغاز السوري، مما يشير إلى أن البلاد تتجه نحو تطبيق ما يُعرف بـ"السيناريو العراقي".
كما يُتوقع عودة المصانع التي جرى تفكيكها من حلب ونقلها إلى تركيا في السابق. وبالتالي، فإن الأزمة السورية تتجاوز المستويات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية إلى مستوى أعلى يتمثل في الجيوبوليتيكا الإقليمية، حيث تتداخل خيوط معقدة من القوى والمصالح.
إذا نظرنا إلى المشهد في إطار جيوسياسي أوسع، فإننا نرى أن بوابة المشروع الجيوسياسي العثماني الجديد (الذي يهدف إلى استعادة نفوذ أنقرة في حدود الإمبراطورية العثمانية السابقة) قد أُغلقت، مما يمهد الطريق لظهور مركزية عربية تقودها السعودية. ووفقًا للموقع الأمريكي Al-Monitor، "ثمة تحالف في الأفق بين إسرائيل والسعودية بوساطة أمريكية". كما توجد مؤشرات على أن هذا التحالف قد يعمل على مواجهة النفوذ التركي في دول عربية مثل العراق والأردن. أي أن تركيا بدأت تُستبعد من القضية الفلسطينية، بما في ذلك دورها كحامية للمقدسات الإسلامية في القدس، بينما تظل مواقع دينية أخرى تحت السيطرة السعودية.
ويرى الموقع الفرنسي Atlantico أن الشرق الأوسط يشهد تشكيل تحالف جديد يقوم على فكرة المركزية العربية بمشاركة إسرائيل ودول أوروبية مثل فرنسا، بهدف تقويض النفوذ التركي، إن لم يكن تصفيته تمامًا. لكن التطورات المستقبلية ستتوقف على السياسات التي سيتم تبنيها في المنطقة. ومن الجدير بالذكر أن روسيا نجحت في إعداد نفسها للمرحلة المقبلة دون الدخول في تحالفات إقليمية طويلة الأمد حصرية، مع الحفاظ على قدرتها على الحوار مع جميع الأطراف في أي صراع شرق أوسطي. أما تركيا، فما زالت أمامها خيارات صعبة