القمر العملاق يضيء سماء الأردن غدًا في آخر ظهور فلكي مميز لعام 2025
الوقائع الإخباري: تشهد سماء المملكة مساء غدٍ الجمعة ظهور القمر العملاق، في حدث فلكي لافت يعدّ الوداع الأخير للظواهر القمرية البارزة لهذا العام، والذي سبقته بدران عملاقان خلال الشهرين الماضيين، وفق ما أوضحه مختصون في علم الفلك.
وبيّن الخبراء أن سطوع القمر وازدياد حجمه مردّه اقترابه أكثر من الأرض عند لحظة الاكتمال، ما يجعله أكبر وأكثر إشراقاً من المعتاد، بالتزامن مع ظاهرة تُعرف بـ"الثبات القمري الكبير" التي يصل خلالها القمر إلى أقصى انحراف شمالي أو جنوبي في مداره، مانحاً المشاهدين فرصة نادرة لرصده في هيئة أكثر جمالاً ووضوحاً.
وتوقع المختصون ملاحظة ألوان مميزة قد يتخذها القمر عند وجوده قريباً من الأفق، مثل الأحمر أو الوردي، نتيجة تشتت الضوء في طبقات الغلاف الجوي، داعين هواة الرصد والتصوير إلى توثيق مشاهد الشروق والغروب من المواقع السياحية والأثرية، خصوصًا في مدينة البترا التي ستشكل مشهداً بصرياً مبهراً مع هذه الظاهرة.
رئيس الجمعية الفلكية الأردنية الدكتور عمار السكجي، أوضح أن بدر كانون الأول العملاق يكتمل فجر الجمعة عند الساعة 2:12 فجرًا، وهو آخر بدر عملاق في عام 2025، وأن القمر سيكون لحظة اكتماله في برج الثور. وأشار إلى أن تعريف "البدر العملاق" يرتبط بقرب القمر من الحضيض بمعدل لا يقل عن 90%، حيث يظهر أكبر بنحو 14% وأكثر سطوعاً بنسبة قد تصل إلى 30% مقارنة بالبدر العادي، رغم أن الفرق يحتاج لمهارة فلكية لرصده بالعين المجردة.
وأضاف السكجي أن تسمية "القمر البارد" تعود لقبيلة الموهوك في شمال أميركا بسبب برودة شهر ديسمبر، لافتًا إلى أن تزامن البدر العملاق مع الثبات القمري الكبير يعد حدثًا فلكيًا نادراً يحدث كل 18.6 سنة، إذ يظهر القمر عند شروقه وغروبه من أقصى نقاط الشمال أو الجنوب على الأفق.
وبيّن أن فترة الثبات القمري تمتد لعام كامل تقريبًا، إلا أن لحظة بلوغ أعلى ميل استوائي تحدث في توقيت محدد، وفي هذه الدورة سيصل القمر إلى ذروته الشمالية عند الساعة 12:50 بعد منتصف ليلة الجمعة/السبت بتوقيت الأردن، بزاوية ميل تقارب 28.387 درجة.
كما أشار إلى أن القمر سيغرب صباح الجمعة نحو الساعة التاسعة عند زاوية سمتية تبلغ حوالي 300 درجة وهي أبعد نقطة نحو الشمال، ثم يعود للظهور مساء اليوم ذاته عند السادسة تقريبًا من الزاوية 57 شمال شرق الأفق، وهي أقصى نقطة شمالية يظهر منها خلال هذه الدورة، على أن يغرب صباح السبت الساعة 7:52 تقريبًا عند الزاوية نفسها.
ودعا السكجي هواة الفلك إلى رصد هذه الظاهرة النادرة من مواقع مرتفعة وأثرية، نظراً لأهميتها في مجال الفلك الآثاري وما تتيحه من توثيق مشاهد لا تتكرر إلا بعد قرابة 19 عاماً، مشيرًا إلى إمكانية مشاهدة القمر فوق السيق في البترا مقابل الخزنة عند الساعة 10 مساء الجمعة في مشهد جمالي مميز.
من جانبه، قال أستاذ الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور علي الطعاني، إن هذا البدر العملاق يأتي بعد بدرين عملاقين متتالين ظهرا في تشرين الأول وتشرين الثاني الماضيين، وسيظهر عاليًا غربًا قبل الفجر. وأوضح أن المسافة بين مركزي الأرض والقمر خلال هذه الظاهرة تبلغ نحو 357,200 كيلومتر، وهي أقل بكثير من متوسط المسافة المعتاد البالغ حوالي 385,000 كيلومتر، ما يمنح القمر سطوعًا لافتًا وفرصة مثالية للتصوير، موصياً بأن أفضل وقت لرصده هو مساء الخميس عند شروقه، ثم فجراً وقت اكتماله تقريبًا قبل غروبه.
وأكد الطعاني ندرة الظاهرة، موضحاً أن اكتمال القمر لا يتزامن غالباً مع وجوده في أقرب نقطة من الأرض، رغم دورانه الشهري، وبالتالي فإن تزامن الحضيض مع البدر لا يتكرر إلا مرات محدودة سنويًا.
أما الراصد والمحاضر الفلكي في الجمعية الفلكية الأردنية عدلي الحلبي، فأشار إلى أن تغير لون القمر عند الأفق يعود إلى مرور ضوئه داخل طبقة أكبر من الغلاف الجوي، حيث تُشتّت الألوان ذات الأطوال الموجية القصيرة كاللونين الأزرق والأخضر، فيما تمر الألوان الطويلة كالبرتقالي والأحمر، فيبدو القمر بلون وردي أو أحمر، ويزداد تأثير ذلك عند البدر العملاق لشدة سطوعه وكبر حجمه الظاهري.
وأضاف أن ما يراه المشاهد من تضخم في حجم القمر عند الأفق لا يعني تغير حجمه الحقيقي، بل هو نتيجة خدعة بصرية ترتبط بمقارنة القمر بعناصر المنظر المحيط مثل الجبال والأبنية وخط الأفق، ما يعطي الدماغ انطباعاً بأنه أكبر مما هو عليه عندما يكون في السماء العالية دون مراجع بصرية.