مودي لبوتين: الهند ليست محايدة بل مع السلام
الوقائع الإخباري:مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وفي ظل محاولات الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لإنهائها، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، إن «الهند ليست محايدة، الهند تقف في صف السلام»، مؤكداً دعم بلاده «لكل الجهود الرامية إلى تحقيق السلام».
من جهته، لم يكشف بوتين الكثير عن تفاصيل مناقشاتهما بشأن الحرب، لكنه قال إنه أتيح له الحديث «بالتفصيل عن الوضع في أوكرانيا» وعن المحادثات التي بدأت بوساطة أميركية للتوصل إلى «تسوية سلمية محتملة لهذه الأزمة».
وخلال حديثه عن «المشكلات العالمية والإقليمية الأساسية»، قال بوتين: «أكدنا تقارب مواقفنا. كل من روسيا والهند تنتهجان سياسة خارجية مستقلة وذات سيادة»، وتسعيان إلى «نظام عالمي عادل وديمقراطي ومتعدد الأقطاب».
ولاحظ المراقبون أن الزعيمين لم يستخدما كلمة «حرب» أو «نزاع»، بل وصفا الحرب بأنها «أزمة».
ويختلف هذا عن تصريح مودي في سبتمبر 2022، عقب أشهر من الغزو الروسي، حين قال لبوتين: «هذه ليست حقبة حرب»، وفي يوليو 2024 في موسكو حين أكد أن «الحلول لا تُصنع في ساحات القتال». وقد كثفت العواصم الأوروبية مؤخراً ضغوطها على نيودلهي لحث بوتين على إنهاء الحرب.
في بداية لقائهما في «هايدراباد هاوس»، قال مودي: «منذ أزمة أوكرانيا ونحن على تواصل… وكنتم تطلعوننا على المستجدات كصديق حقيقي. هذا المستوى من الثقة قوة كبيرة، وقد ناقشنا هذا الأمر مرات عديدة. رفاه العالم يمر عبر السلام، ويجب أن نعمل جميعاً معاً من أجل السلام. ومع الجهود الجارية حالياً، أعتقد أن العالم سيعود مرة أخرى نحو طريق السلام».
وأضاف: «خلال الأيام الماضية، كلما تحدثت مع قادة العالم، قلت لهم إن الهند ليست محايدة، الهند تقف مع السلام، وتدعم كل الجهود الرامية إليه، ونقف جنباً إلى جنب في هذه الجهود»، وذلك بينما كان بوتين يجلس إلى جواره.
وتناول الزعيمان أيضاً ملف أوكرانيا خلال عشاء خاص مساء الخميس في منزل رئيس الوزراء، حيث قدم مودي لبوتين نسخة من «البهاغافاد غيتا» باللغة الروسية.
وفي إشارته إلى نقاشات العشاء، قال بوتين: «شكراً جزيلاً على الأمسية الدافئة التي جمعتنا — كانت ودية وبنّاءة ومفيدة للغاية. سنحت لنا الفرصة لمناقشة الوضع في أوكرانيا بالتفصيل، والخطوات التي نتخذها مع عدة شركاء آخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة، بخصوص تسوية سلمية محتملة لهذه الأزمة».
وأضاف: «شكراً لاهتمامكم بهذا الموضوع، ولجهودكم الرامية إلى حل الوضع»، مستخدماً عبارة يكررها الرئيس الأميركي دونالد ترمب كثيراً على منصة «تروث سوشال».
وبعد اجتماع القمة، قال مودي: «ناقشنا اليوم أيضاً القضايا الإقليمية والعالمية. الهند لطالما دعت إلى السلام في أوكرانيا، ونرحّب بكل الجهود للتوصل إلى حل سلمي ودائم. والهند مستعدة دائماً للمساهمة في ذلك وستواصل القيام بدورها».
قضية الطاقة والسياسة الأميركية
وحول واردات النفط الهندية من روسيا — التي تضررت بسبب الرسوم الأميركية العقابية بنسبة 25% — حاول الزعيمان تأطير الموضوع باعتباره مسألة «أمن طاقي».
قال مودي: «أمن الطاقة ركيزة مهمة في شراكتنا مع روسيا. تعاوننا الطويل في الطاقة النووية المدنية كان محورياً في تحقيق أهدافنا المشتركة في الطاقة النظيفة. سنواصل هذا التعاون القائم على المكاسب المشتركة».
لم يلتزم مودي بخفض واردات النفط، لكنه أشار إلى أن قرارات الشركات الهندية «تحكمها ديناميات السوق والعوامل التجارية».
من جهته، قال بوتين: «شراكتنا في قطاع الطاقة تتطور بنجاح. روسيا مورد موثوق لموارد الطاقة وكل ما يلزم لتطوير قطاع الطاقة في الهند. نحن مستعدون لضمان إمدادات مستقرة لاقتصاد الهند سريع النمو».
وقال وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري إن «الأولوية الأساسية للهند هي ضمان تلبية احتياجات الطاقة لمليار و400 مليون نسمة»، وإن سياسة الهند في تنويع مصادر الطاقة «محورية لضمان الأسعار المستقرة والإمدادات الآمنة».
ذكريات قديمة وموقع تاريخي
أشاد مودي ببوتين لدوره في تأسيس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين عام 2000، وقال إن زيارة اليوم «تاريخية»، مضيفاً: «حين توليتم السلطة عام 2000، كانت زيارتكم الأولى للهند، ومنذ ذلك الحين مضت 25 سنة. وفي تلك الزيارة أرسيتم أسس الشراكة الاستراتيجية».
وذكّر مودي بأنه كان ضمن الوفد الهندي خلال زيارة 2001: «إنه لمن دواعي سروري أن علاقتي بكم تمتد 25 عاماً أيضاً».
ووصف الأساس الذي وضعه بوتين بأنه «مثال ممتاز على كيفية تطور العلاقات الثنائية بين الهند وروسيا».
وفي سياق وصفه للوضع الجيوسياسي الراهن، قال مودي إن «العالم مرّ بأزمات عديدة بينها كوفيد، ونأمل أن يتجاوز مخاوفه ويمضي في الاتجاه الصحيح».
وأكد: «العلاقات الاقتصادية بين الهند وروسيا ستتعزز، وستصل إلى آفاق جديدة».
وفي تكرار لكلمات مودي، قال بوتين:«علاقاتنا تقوم على أسس تاريخية عميقة. وبغضّ النظر عن كيفية وصفها، فإن جوهرها العميق أبلغ من أي مديح. نحن نقدر ذلك عالياً، ونرى أنك، سيد رئيس الوزراء، توليها اهتماماً شخصياً كبيراً».