مشكلة عابرة للحكومات.. "طفل البترا" يسلط الضوء مجددا على ملف الأطفال العاملين
الوقائع الإخبارية: يسلط فيديو "طفل البترا” الضوء مجددا على قضية الأطفال العاملين بشكل عام، والأطفال العاملين في المجال السياحي في منطقة البترا خاصة.
وكان فيديو انتشر مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي لطفل يضرب حمارا، تنفيسا عن غضبه بعد أن تعرض للسخرية من سياح، تبعه فيديو آخر للطفل ذاته وهو يعتذر باللغتين العربية والإنجليزية بسبب ايذائه للحمار، وقد بدا فيه معنفًا.
فيما بدت عليه آثار البكاء والتعرض لتعنيف نفسي.
وفي وقت يؤكد فيه حقوقيون ضرورة رفع الوعي بأهمية الرفق بالحيوان والمحاسبة في حالات الاعتداء على الحيوانات، إلا أنهم لفتوا في المقابل الى اشكالية إنسانية هي "تعرض هذا الطفل لانتهاكات منها السخرية والتعنيف”، بينما يحظر قانون العمل عمل الأطفال.
المديرة التنفيذية لمركز "تمكين” للمساعدة القانونية والتدريب لندا كلش تقول، فيما يتعلق بطفل البترا "من الواضح أنه دون سن 16 عاما، ما يعني حتما انه يحظر عليه العمل تماما”.
وتحصر المادة 74 من قانون العمل "عمل الاطفال بالفئة العمرية بين 16 – 18 عاما، وتشترط أن لا تزيد ساعات العمل اليومي على 6، كما يحظر عملهم بعد الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا، ويحظر عملهم في الأعمال الشاقة التي قد يكون لها آثار نفسية أو بدنية أو كيميائية”.
وتضيف كلش "بدا واضحا في الفيديو أن الطفل تعرض لاستفزاز عندما سقط من على ظهر الحمار وسخر منه السياح، ليعكس ردة فعله على الحمار كونه لا يستطيع تفريغ غضبه على من سخر منه، وهذا بالطبع لا يعني القبول بإيذاء الحيوان، لكن من غير المقبول انتهاك خصوصية الطفل وتصويره ومن ثم معاقبته ليظهر في فيديو معتذرا ويظهر عليه الانكسار”.
وتتفق مديرة ومؤسسة منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية "أرض” سمر محارب مع كلش في الرأي، بالقول إن قضية الطفل "عكست العديد من الانتهاكات خاصة في مجال العمل”، لافتة إلى "ما تعرض له الطفل من سخرية ولوم على تصرفه والتركيز على عقاب الحمار دون تسليط الضوء على الظروف التي أدت للمخالفة، وهو ما يشكل استهانة بحقوق هذا الطفل وإعلاء حق الحيوان”.
واعتبرت أن ما تعرض له الطفل من "تشهير بشخصه تحاسب عليها السلطة قبل أي أحد، ابتداء من استخدام الحيوانات بالنقل الجائر وعدم تنظيمه وتقديم العون التقني والطبي والتوعوي المناسب لهذه المخلوقات التي من ضمن رعايتنا، إلى السماح بعمالة الأطفال وعدم التركيز عليها وعدم توفير الحماية المطلوبة لحقوقهم بالتعليم والرعاية والسلامة”.
وكانت دراسة متخصصة أجريت قبل خمسة أعوام للدكتورة مرام الفريحات من جامعة الحسين بن طلال أظهرت أن معدل عدد الأطفال العاملين في قطاع السياحة في البترا يتجاوز 400 طفل، قد يرتفع العدد إلى 550 في الذورة السياحية.
وبينت الدراسة ان "عمل الأطفال في قطاع السياحة في البترا يشكل خطرا على مستقبلهم، مقارنة بالعمل في قطاعات أخرى، فضلا عن ارتفاع أعداد الأطفال الذين تركوا مدارسهم للعمل في سن مبكرة في السياحة، إلى جانب سوء الأحوال السلوكية التي يكتسبها الطفل من خلال الاتصال الثقافي مع السياح والعاملين الكبار معه في نفس المكان والاحتكاك والمنافسة بين الأطفال أنفسهم”.
وفي المقابل أظهرت آخر احصائية اجرتها منظمة العمل الدولية ومركز الدراسات الاستراتيجية "ارتفاع اعداد الاطفال العاملين من الفئة العمرية 5 – 17 عاما الى 75982 طفلا”، وبحسب المسح الذي أجري في العام 2016 فإن "من بين هؤلاء 45 الفا يعملون في الاعمال الخطرة، وجاء توزيع الأطفال العاملين على الفئات العمرية، كالتالي: 15 – 17 عاما بنسبة 57.3 %، 12 – 14 عاما 27.1 %، وللفئة العمرية الصغيرة 5- 11 عاما 15.5 %”.
بدوره، يشير أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة الدكتور محمد مقدادي إلى "عدم وضوح المهام وتوزيعها بين الجهات العاملة في مجال مكافحة عمل الأطفال”.
ويعول على تعديلات قانون الأحداث بما "يضمن توفير حماية أفضل للأطفال العاملين، الى جانب تحديث الإطار الوطني للحد من عمل الأطفال، والذي يفترض ان يحدد المهام للأطراف الشريكة، خصوصا أن الإطار السابق لم تكن المهام به واضحة كما أن الإطار لم يكن ملزما”.
ويضيف مقدادي "يوفر قانون العمل بنودا تتعلق بالتعامل مع صاحب العمل الذي يشغل أطفالا، لكنه لا ينص على اجراءات تتعلق بالتعامل مع الطفل”، مبينا ان "هذه الفجوة التشريعية تم التعامل معها في قانون الاحداث الجديد والذي اعتبر الأطفال العاملين محتاجين للحماية والرعاية، كما تم استحداث قسم للأطفال العاملين في وزارة التنمية الاجتماعية”.