هل كان أبي جباناً!!

هل كان أبي جباناً!!
محمد أبوعمارة
طيلة حياة والدي لم أره ولا مرة واحدة خائفاً أو متردداً ولم أشعر ولا لمرة واحدة أن أبي كان جباناً ولا حتى في موقف واحد!! مرت الأيام وتوفي والدي وأصبحت أنا أباً وبدأت تتخبط بي الحياة هنا وهناك، صراع هنا ومشاكل هناك ودوماً وأنا أواجه هذه المشاكل سؤال كان يراودني ماذا كان والدي سيفعل لو كان مكاني!! ولكنني كنت أواجه هذه المشاكل وأتحداها دوماً ولكن أيضاً كنت أخاف كثيراً وأتردد كثيراً في اتخاذ القرار وأسهر الليالي من القلق على موضوع ما، وأحياناً أحاول اعتزال الناس وأخرى الإنخراط فيهم ومشاعر الحب أحياناً تكون سيدة الموقف وأخرى مشاعر الخوف وأحياناً الكره وأحياناً وحياناً خليط من المشاعر يتخبط بي... مرّت الأيام أكثر وأكثر وأصبحت أباً وبدأ السؤال جديد يدور في ذهني!! تُرى كيف يفكر أبنائي بي؟! وماذا يجب علي أن أفعل أمامهم!! هل أخفي خوفي أحياناً أو ترددي ؟!! كيف سأتعامل أمامهم بضغوط الحياة!!!
وايقنت كم كان والدي جباراً شجاعاً وكيف استطاع أن يخفي عنا كل هذا الوقت ما يتعرض له من ضغوطات الحياة!! أفكر كثيراً بمن اقابل من أشخاص ورجال في عمر والدي الذي ثبت في الخمسين – عمر وفاته- كم أراهم ضعفاء مترددين غير قادرين على اتخاذ قرار واحد!! أين أنت يا والدي لتعلمهم وتدربهم على الحياة وعلى آليات التعامل الناجح... كم نحن بحاجة لرجال مثلك لقيادة هذه المرحلة الحساسة في تاريخ الوطن... لا أدري هل كان والدي بطلاً حقيقياً أمام الجميع أم أنه كان بطلي أنا فقط!! لم أكن أدرك وقتها بسبب صغر سني ذلك!! ولكنني دوماً أقول... ومَنْ كأبي!! وكلما زاد بي العمر سؤال واحد يسيطر على تفكيري.. هل كان أبي جباناً .!! أم كان أبي شجاعاً؟! أم هل كان خليطاً من هذه وتلك؟؟ سؤال لا أجد له إلا إجابة واحدة
وهي أن والدي كان شجاعاً ولم يكن أبداً غير ذلك!!

 
تابعوا الوقائع على