الجزيرة: استعادة الأردن لأراضي الغمر يوقف استنزاف إسرائيل للمياه الجوفية والسطحية
الوقائع الإخبارية: تشكل استعادة الأردن لأراضي الغمر جنوب غرب البلاد تحديا جديدا لعمّان، لتحقيق أمثل استغلال للمناطق الزراعية البالغة مساحتها أربعة آلاف دونم، وذلك بعد 25 عاما من انتفاع سلطات الاحتلال الإسرائيلي منها زراعيا ومائيا.
الأراضي الشاسعة في الصحراء الجنوبية الأردنية، تعد بنظر المتخصصين مجالا خصبا لزراعات صحراوية تلقى قبولا وحضورا لدى الشارع الأردني والعربي.
سلطات الاحتلال ما فتئت بدورها تستغل أراضي الغمر الصحراوية بزراعات متطورة عبر تقنيات عالية الجودة والمستوى، يصدر معظمها لدول أوروبا وأميركا.
الجيب الزراعي الذي احتلته إسرائيل عام 1968 عقب معركة الكرامة وللحد من هجمات الفدائيين الفلسطينيين، يلتقي مع مستوطنة زوفار اليهودية على الجانب الشرقي من فلسطين المحتلة، وتستخدم فيها تقنيات النانو وأنظمة ري محوسبة.
سكان المنطقة الذين زاروا الجيب المستعاد من سلطات الاحتلال تمنوا على الحكومة الأردنية استغلالها بشكل مثالي للحد من نسبة البطالة المرتفعة في منطقة وادي عربة إذ تتجاوز نسبتها 19% بحسب دائرة الإحصاءات العامة، فيما تقدرها إحصاءات رسمية بـ40% بين صفوف الشباب.
وبحسب أستاذ القانون الدولي أنيس القاسم، فإن إسرائيل استنزفت المياه الجوفية بعدما سمحت لها الاتفاقية باستخدام الأراضي للزراعة، وهو ما يعني بالضرورة استباحة "ما فوق الأرض وتحتها" لتحقيق أهدافها.
ويأتي انتهاء العمل في اتفاقية الغمر الصحراوي على وقع معاناة الأردن من تدهور مائي مستمر عاما بعد آخر، جعله ثاني أفقر البلدان عالميا بالمياه.
الملف المائي في الأردن غير مطمئن بحسب مراقبين، فيما تتيح اتفاقية السلام لإسرائيل حفر آبار في منطقة وادي عربة في حال نضبت الآبار المتفق عليها بين الجانبين، في ظل استنزاف إسرائيلي مستمر للمياه الجوفية لأغراض الزراعة في صحراء النقب والجنوب.
في الأثناء، دعا نقيب المهندسين الزراعيين -في تصريح للجزيرة- إلى استغلال أمثل زراعيا ومائيا للجيب الصحراوي، نظرا لملاءمته لكثير من الزراعات الموسمية والاستوائية، ولا سيما الكاكا والمانغو وبعض الفواكه الصحراوية التي تلقى رواجا في الاتحاد الأوروبي وأميركا، بما يساعد في انتعاش المنطقة.
وأكد أن نقابة المهندسين الزراعيين بصدد عقد ورشة متكاملة للعديد من خبراء التربة والمياه والبيئة، من أجل بحث السبل العلمية الصحيحة لإنعاش منطقتي الباقورة والغمر، عقب استعادتهما كاملتين من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
واستفادة الأردن من منطقتي الباقورة والغمر -اللتين تقدر مساحتهما مجتمعة بنحو عشرة آلاف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع)- تزيد العبء المائي على البلاد التي تعاني من الفقر المائي.
فمنطقة الباقورة تقع على نقطة التقاء نهري اليرموك والأردن، مما يزيد من خصوبة الأرض وإنتاجها، لكن اضطراب العلاقة المائية بين سوريا أثرت سلبا على الأردن الذي لم يحصل على حصته من نهر اليرموك المقدرة بـ208 ملايين مترا مكعبا سنويا، وحصل فقط على تسعين مليون متر نتيجة احتجاز سوريا للمياه قبل وصولها للأردن.
وعلى الجهة المقابلة، فإن إسرائيل لا تزال تستنزف مياه نهر الأردن وروافده للزراعة في صحراء النقب والجنوب، وهي تحوّل للأردن خمسين مليون متر مكعب من المياه سنويا، بعد تخزينها في بحيرة طبريا.
هذا الواقع يدفع الحكومة -بحسب مراقبين- للمطالبة بحصة المملكة من المياه دوليا، بعد تراجع حصة الفرد في الأردن إلى زهاء مئة متر مكعب من المياه سنويا فقط.