"الحكومة البرلمانية".. المخاض الصامت للواقع الغامض

الحكومة البرلمانية.. المخاض الصامت للواقع الغامض
الوقائع الإخبارية: قبل أسابيع، تساءل رئيس حزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة عما "إذا كنا عاجزين عن محاكاة النموذج المغربي؟”، استتبعته عبارة للنائب عبدالكريم الدغمي، خلال لقاء تلفزيوني مؤخرًا، وصف فيها مجلس النوّاب بـ”الديكور”. وفي معمعة الواقع السياسي الأردني، تناهت معلومات حول "التمهيد” لحكومة برلمانية، قد يتم استيلادها بعد الانتخابات النيابية، وهو ما ذهب إليه، سياسيّون وحزبيّون رجحوا أن تقود الانتخابات البرلمانية المقبلة إلى حكومة برلمانية، إذا ما تمكنت الأحزاب بمختلف رؤاها السياسية أن تؤسّس لبرامج انتخابية تتوافق مع احتياجات المواطن وطموحاته.
ومنذ أفول التجربة الديمقراطية الأردنية في خمسينيات القرن الماضي، نتيجة لظروف إقليمية، كان الأردن خلالها خندقا للقوى الايديولوجية، لكنه استطاع بعد ذلك إغلاق مصاريعه باستقرار لا يلبث أن تستثيره صراعات إقليمية، إضافة الى تأجج النيران داخله نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، حيث كان الحفاظ على الهوية الأردنية أو نسج خيوطها ضرورة، وهذا ما جعل احتجاجات نيسان (ابريل) 1989 تحقق توازنًا علائقيًا بين "السلطة والشعب”، في حين تداعت، وفي المقابل من ذلك بسبب هذه العلاقة أربع سلطات في مصر، تونس، ليبيا، وسورية. إلى ذلك، أكد الأمين العام للحزب الشيوعي منير الحمارنة أنّ الحريات العامة هي الشرط الأساسي كي نصل إلى حكومة حزبية او برلمانية، مضيفا أنّ هذه الحريات هي ضمانة كي تستطيع الأحزاب تشكيل الحكومات. ودعا، الحكومة إلى "رفع يدها عن الحياة السياسية، فالحكومة البرلمانية تحتاج إلى برلمان سياسي”، ومثال ذلك المملكة المتحدة. وأضاف الحمارنة، منذ العام 1989 لم ننجح في تشكيل حكومة برلمانية بسبب قوانين الانتخابات كالصوت الواحد والقائمة المفتوحة، مؤكدا أن الحياة السياسية في الأردن أثناء خمسينيات القرن الماضي "كانت أقوى من الآن”، متسائلًا لماذا؟. وبمجمل التفسيرات السياسية، لم يكن الأردن معزولا عن هذا التداعي، حيث أصيب بـ”شرارات”، أدت إلى استشاطة الرغبة الشعبيّة لانتزاع "اصلاحات سياسية حقيقية”، وبالرغم من أن الأردن لا يستحوذ على موارد مائية تتلاءم مع ظروفه، فإنّه تمكّن من إطفاء هذه "الشرارات بماء الإصلاح السياسي”، لكنه برأي سياسيين لم يخمد الظمأ وإنما "بلّة ريق بقطرات دستورية” لطالما تحفظ عليها الذين لم يرتووا بعد.
"الحريات أولًا وقبل كل شيء”، هذا الشرط الضروري الذي بيّن الحمارنة أنه "يمهد لحكومة برلمانية وعبر قانون انتخابي عصري يسمح بتمثيل المواطنين”. وأشار الحمارنة إلى الأوراق النقاشية الملكية، التي تحدث فيها جلالة الملك عن الحريات وضرورتها، متسائلًا "لماذا لم تطبق الحكومات المتعاقبة ما تضمنته هذه الأوراق؟، وكيف سنصل إلى حكومة برلمانية إذا القانون لا يطبق، والدستور لا ينفذ، والحريات غائبة؟”.
يذكر أنه قبل عام، وفي حديث لجلالة الملك مع طلبة الجامعة الأردنية، استبانت الرغبة الملكية بضرورة أن تصبح الحكومة برلمانية ولكن ضمن شروط "برامجيّة”، أي أن تحظى الأحزاب ببرامج اقتصادية واجتماعية كي تؤلف حكومة، وهذا يتماهى مع معلومات عن انهماك "القصر” لاجتراح هذا الواقع الذي إذا ما تحقّق فسيؤدّي إلى بزوغ تجليات سياسية أخرى.
من جانبه، قال النائب قيس زيادين "لا أعتقد أنّ هُناك حكومة برلمانية قادمة، لأنّ الأساس لهذه الحكومة هو وجود أحزاب برامجية، أي لها برامج تتعلّق بكل القضايا: الصحة، التعليم، الاقتصاد، وتخوض الانتخابات بناءً على هذه البرامج”.
وأكد ضرورة أن تكون هذه البرامج "قابلة للتطبيق، وواقعية، وتنتج كتلةً نيابية متجانسة تستطيع أن تؤلّف حكومة برلمانية”. وأضاف زيادين "لا يوجد أي حزب في المملكة الآن يملك برامج تشمل كل مناحي الحياة”، لافتًا إلى أن الأوراق النقاشية الملكية، وتحديدًا الخامسة والسادسة، هي خريطة طريق للحكومة البرلمانية. وفيما يتعلق بقانون الانتخابات، بيّن زيّادين "أنّه مجرد مدخل من المدخلات، حتى لو استجلبنا قانونًا من سويسرا، فلن يطرأ أي تغيير في الواقع السياسي والحزبي الأردني، إذا استمر التفكير كما هو”.
وعما إذا كان حزب التحالف المدني لديه مقوّمات تشكيل الحكومة، رأى زيادين أن الحزب ورغم التجاذبات والاختلافات بداخله التي اعتبرها "ظاهرة صحية”، ورغم أنه "ما يزال في طور البناء”، إلا أنه يمتلك مقومات تشكيل حكومة لأنّه يعبر عن تيار مدني كبير داخل المملكة، ولديه قدرة على ابتداع برامج.
بدورها، قالت النائب ديما طهبوب "إنّ التصريحات الحكومية ما تزال تراوح مكانها في هذه القضية”، خصوصًا أنّ وزيري الدولة لشؤون الإعلام والشؤون السياسية والبرلمانية يعتبران قانون الانتخابات الحالي "جيّدًا”، ولذلك فإن الانتخابات التي ستجرى "ستكون على غرار سابقاتها، كما أن افرازات هذا القانون لن تنتج كتلةً لها القدرة على تشكيل حكومة”، معتبرة أنه "لا توجد كتلة انتخابيّة لها استقرار أو ثبات، باستثناء كتلة الإصلاح النيابية”، التي تتبع بطريقة أو أخرى لحزب جبهة العمل الإسلامي. ولم تخف طهبوب رأيها بخصوص "القدرات الحزبية” على تشكيل حكومة، موضحة أن هناك "بعض الأحزاب ضعيفة، وأحزاب أُخرى تُسمّى دكاكين”، وهذا لا يعني أن بعض الأحزاب ليست قوية، فـ”العمل الإسلامي” هو واحد من الأحزاب القوية. وأشارت إلى أن حزب جبهة العمل الإسلامي "لم يستلم مخصصاته كاملة من الحكومة”، مشيرة الى أن نظام تمويل الأحزاب "لم يرفع سقف التمويل الذي إذا ما ارتفع فسيعزّز دور المرأة والشباب والمرشحين للانتخابات داخل الحزب”.
تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير