المراكز النهارية لذوي الإعاقة بانتظار الحسم بين "التربية" "التنمية الاجتماعية"

المراكز النهارية لذوي الإعاقة بانتظار الحسم بين التربية التنمية الاجتماعية
الوقائع الإخبارية: رغم مرور أكثر من عامين على دخول قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حيز التنفيذ، إلا أن إشكاليات برزت حالت دون تطبيق العديد من بنود القانون الذي وصف بـ”الحقوقي”، وذلك بسبب الاختلافات في تفسير القانون من جهة، وعدم جاهزية جهات حكومية على تطبيقه من جهة أخرى. مصادر رصد بدورها أبرز هذه الإشكاليات، تزامنا مع إحياء اليوم العالمي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي يصادف اليوم.
ويعد نقل ترخيص المراكز النهارية للأشخاص ذوي الإعاقة من وزارة التنمية الاجتماعية إلى وزارة التربية والتعليم، أحد أبرز الإشكاليات، وذلك بعد اعتذار "التربية” عن متابعة هذا الملف، بسبب ما قاله مصدر فيها لـ”الغد” سابقا، وهو "عدم اختصاص الوزارة، خصوصا أن نسبة من المراكز النهارية لا تقدم أي خدمات تعليمية إلى جانب عدم قدرة الوزارة بإمكاناتها الحالية على متابعة هذا الملف”. وتنص المادة 20 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على أن "تتولى وزارة التربية والتعليم وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة ترخيص المؤسسات التعليمية للأشخاص ذوي الإعاقة والإشراف عليها، وعلى المؤسسات التعليمية المرخصة لدى أي جهة أخرى قبل نفاذ أحكام هذا القانون تصويب أوضاعها بما يتفق مع أحكامه خلال سنتين من تاريخ نفاذه وفقا للإجراءات التي يحددها وزير التربية والتعليم لهذه الغاية”. من ناحيته، يبين الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية، أشرف خريس، أن "جميع المراكز النهارية التابعة للقطاع الخاص والتطوعي تم نقل تبعيتها إلى "التربية” بموجب المادة 20 من القانون”. ويبلغ إجمالي عدد المراكز النهارية في المملكة 160 مركزا يبلغ عدد المنتفعين منها حاليا 4315 منتفعا، بحسب خريس، الذي أوضح أن "عدد المراكز التابعة للقطاع الخاص يبلغ 60 مركزا يلتحق بها نحو 1395 منتفعا، أما المراكز التطوعية فعددها 80 مركزا وعدد المنتفعين منها 2210 منتفعين، وهي مراكز أصبحت حكما بموجب القانون تابعة للتربية والتعليم”. ويلفت خريس إلى وجود 20 مركزا نهاريا تابعا لـ”التنمية الاجتماعية” سيتم نقلها لاحقا إلى "التربية”، ويبلغ عدد المنتفعين منها 710 منتفعين. لكن في المقابل، فإن القائمين على "التربية”، يرون أن القانون تحدث عن مؤسسات تعليمية وليس مراكز نهارية قد تكون تقدم خدمات مختلفة غير التعليم، كالمهارات الحياتية، العلاج السلوكي والوظيفي وغيرها. وبحسب مصادر "الغد”، فإن لجنة متخصصة تعمل حاليا على معالجة الفجوة بين الوزارتين للخروج بآلية تضمن تحقيق المصلحة الفضلى للمنتفعين بالدرجة الأولى، وتضمن إعادة استئناف ترخيص وتسجيل هذه المراكز التي تقدم خدماتها بشكل أساسي للاشخاص ذوي الإعاقات الذهنية المختلفة وبدرجاتها "بسيطة، متوسطة، وشديدة”. أخصائية التربية الخاصة سارة العذاربة، تقول إنها "راجعت وزارة التربية والتعليم قبل فترة بقصد ترخيص مركز متخصص لصعوبات التعلم، حيث أخبرها الموظف المختص أن "التربية” ليس لديها أي تعليمات أو أنظمة تحكم تطبيق قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، ناصحا إياها بالانتظار لحين حسم الملف والجهة المسؤولة عن تطبيقه أو خروج تعليمات تنظم عملية الترخيص من قبل التربية”. حالة التشتت والخلاف دفعت بالمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلى طلب فتوى من ديوان التشريع والرأي لبيان الرأي في الجهة المختصة بترخيص المراكز النهارية التي تقدم خدماتها لذوي الإعاقة. الفتوى تطرقت إلى تعريف القانون للمؤسسات التعليمية بأنها "أي من المؤسسات التعليمية الحكومية وغير الحكومية التي تقدم خدمات أو برامج تعليمية للأشخاص ذوي الإعاقة أيا كانت جهة ترخيصها أو تسجيلها”.
كما لفتت إلى تعريف مراكز الأشخاص ذوي الإعاقة بحسب النظام المستند إلى قانون وزارة الشؤون الاجتماعية، والذي عرف المراكز بأنها "أي جهة تقدم خدمات التعليم والتدريب والتأهيل والايواء والرعاية أو أي منها للأشخاص ذوي الإعاقة سواء في القطاع الخاص أو التطوعي أو الحكومي”.
وبالنظر إلى تعريف المؤسسات التعليمية وما نصت عليه المادة 20 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن القانون اقتصر على منح "التربية” ترخيص المؤسسات التعليمية التي تقدم خدمات تعليمية فقط. وقال ديوان التشريع والرأي، "نرى أن صلاحية تراخيص المراكز النهارية التي تقدم خدمات التعليم لهذه الفئة، أصبح من صلاحيات "التربية” بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، على أن تبقى لوزارة التنمية الاجتماعية صلاحية ترخيص المراكز التي تقدم خدمات التأهيل والرعاية والإيواء أو أي منها سواء في القطاع الخاص أو التطوعي أو العام”. من جانبه، يقول الأمين العام لـ”الأعلى لذوي الإعاقة”، مهند العزة، "ما يحكم الموضوع هو نص القانون والاعتبارات العملية والمصلحة الفضلى لهذه المراكز والملتحقين فيها”. وأضاف "القانون واضح تماما ورد الأمور إلى نصابها، إذ إن أي جهة تقدم خدمات تعليمية يجب أن تكون ملحقة بوزارة التربية، وهذا يعني أن أي جمعية أو أي مؤسسة لديها صفوف وبرامج تعليمية وخدمات تعليمية هذه الجهات، يجب أن تكون تحت مظلة "التربية” ترخيصا وإشرافا ومتابعة”. وقال العزة، "هناك بعض المراكز النهارية التي لا تقدم خدمات تعليمية إنما خدمات تأهيل كالعلاج الطبيعي والوظيفي والتدريب على المهارات الحياتية، هذه المراكز قولا واحدا ليست من مسؤولية التربية، إنما التنمية الاجتماعية، وهذه هي فحوى فتوى ديوان التشريع والرأي والتي صدرت بناء على استفسار تم إرساله من قبل المجلس”. ووفق العزة، "إذا كان انتقال المراكز والجهات التي تقدم خدمات تعليمية إلى وزارة التربية يحتاج إلى تدرج وإلى جدول زمني.. هذا عين الصواب وهو ما يجب أن يتم التوافق عليه حتى لا تحدث فجوة أو نوع من الإرباك في العمل، وأن يكون هناك خطة انتقالية تمهيدية تمهد لانتقال هذه الجهات التي ينطبق عليها تعريف المؤسسات التعليمية إلى وزارة التربية”. وإلى جانب إشكالية تبعية المراكز النهارية، يبرز تأخير الإعلان عن الخطة العشرية للتعليم الدامج بوصفه أحد أبرز العثرات أمام تطبيق بنود القانون والمتعلقة بالحق في التعلم، حيث ينص قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المادة 17 على "یحظر استبعاد الشخص من أي مؤسسة تعلیمیة على أساس الإعاقة أو بسببها وإذا تعذر التحاق الشخص ذي الإعاقة بالمؤسسة التعلیمیة لعدم توافر الترتیبات التیسیریة المعقولة أو الأشكال المیسرة أو إمكانیة الوصول، فعلى وزارة التربیة والتعلیم إیجاد البدائل المناسبة بما في ذلك ضمان التحاق الشخص بمؤسسة تعلیمیة أخرى”، كما لا یجوز حرمان الطالب ذي الإعاقة من دراسة أي مبحث أكادیمي أو ترسیبه أو ترفیعه تلقائیاً على أساس إعاقته أو بسببها. كما ينص القانون ذاته، على وضع خطة وطنیة شاملة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمؤسسات التعلیمیة بالتنسیق مع المجلس والجهات ذات العلاقة، على أن یبدأ العمل على تنفیذها خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاریخ نفاذ أحكام هذا القانون وأن لا یتجاوز استكمال تنفیذها 10 أعوام. وبحسب القانون، كان من المفترض أن يتم الإعلان عن الخطة العام الماضي، لكن ظروفا حالت دون إطلاقها لثلاث مرات، حيث جاء التأجيل في المرة الأولى بسبب استقالة وزير التربية والتعليم الأسبق، عزمي محافظة، إثر "فاجعة البحر الميت”، أما التأجيل الثاني، فجاء قبل يوم واحد من إعلان الخطة بسبب أزمة إضراب المعلمين حينها، فيما جاء التأجيل الأخير إثر استقالة وزير التربية والتعليم السابق، وليد المعاني، فيما لم يعلن بعد عن موعد جديد لإطلاق الخطة. ويعد إطلاق الخطة حاجة أساسية في ظل أرقام رسمية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة للعام 2015، تبين "أن نحو 79 % من الأطفال ذوي الإعاقة لا يتلقون أي شكل من أشكال التعليم”، في حين تكشف أرقام وزارة التربية والتعليم عن وجود 5000 طالب وطالبة فقط من ذوي الإعاقة على مقاعد الدراسة في المدارس التابعة لها. ويفترض أن تشمل الخطة في مرحلتها الأولى التي تمد على مدار 3 أعوام، تأهيل 25 مدرسة لتكون مدارس دامجة، ليصل العدد الإجمالي بعد عشرة أعوام إلى 250 مدرسة، فيما عكفت الوزارة على تطبيق التعليم الدامج في 4 مدارس كتجربة نموذجية، لكن قائمين على التطبيق لفتوا إلى أنه لم يكن بالمستوى المأمول. في مقابل ذلك، يعد إطلاق وزارة التنمية الاجتماعية والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الشهر الماضي الإستراتيجية الوطنية لبدائل دور الإيواء الحكومية والخاصة المتخصصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، والتي ستعمل خلال عشرة أعوام على تفكيك البيئات المقيدة والعازلة في الدور الإيوائية وتحويلها إلى بيئات ومؤسسات نهارية دامجة، من أبرز الإنجازات المتعلقة بتطبيق القانون. وفي وقت يبلغ به عدد الأشخاص ذوي الإعاقة المقيمين في دور رعاية إيوائية سواء حكومية أو خاصة نحو 1471 فردا، فإن إطلاق الاستراتيجية يأتي إنفاذاً لأحكام قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2017، حيث ألزم القانون وزارة التنمية الإجتماعية بالتنسيق مع "الأشخاص ذوي الإعاقة” بإعداد خطة وطنية شاملة يتم تنفيذها على مدار 10 أعوام، بإنهاء وتحويل المنظومة الإيوائية في المملكة إلى منظومة دامجة من خلال تهيئة البيئة المادية والسلوكية وتوفير الترتيبات التيسيرية ومتطلبات تحقيق العيش المستقل اللازمة للأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك وصولاً لمجتمعات شاملة تستوعب التنوع والاختلاف. وبحسب خريس، فإن "الوزارة تشرف حاليا على 5 مراكز إيوائية يبلغ عدد المنتفعين منها 567 منتفعا من ذوي الإعاقة العقلية المتوسطة والشديدة الذين لدى أسرهم ظروف إنسانية "تفكك أسري، وفاة أحد الوالدين، فاقد للسند الأسري، وجود أكثر من شخص من ذوي الإعاقة”، حيث سيتم شمول هذه المراكز في الخطة العشرية لبدائل الإيواء وستكون باكورة هذا العمل في مركز الكرك للرعاية والتأهيل بالتعاون مع الجهات الشريكة.

تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير