الحاكم بامره والمغلوب على امره

الحاكم بامره والمغلوب على امره
بسام الياسين
الاغبياء من لا يُغيرون واقعهم ولا يتغيرون هم انفسهم، رغم معرفتهم ان كل شيء حولهم يتغير. تراهم يلوذون بالصمت على الاخطاء والخطايا، خوفاًعلى مواقعهم او طمعا بزيادة مكاسبهم.سلبيون هم،منهجهم يقوم على :ـ اسكت تسلم فالسكوت سكة السلامة الاسلم في قاموسهم النفعي" هؤلاء ( كالانعام بل هم اضل سبيلا ) . المفارقة انهم هم المحظوظون في الانظمة العربية والمقربون من الحاكم بامره. الحاكم العربي يرى ان المجتمع سيرك من دواب مدجنة، ترقص باشارة من اصبعه وتغني بايماءة من طرف عينه.إيماءة اكثر من رمشة واقل من غمزة.في هذا السيرك القومي يلعب جلاد الحاكم دوراً محورياً في لعبة الحكم وترويض الناس.بمعنى ان سياسة الحكم تقوم على الاذلال. و تاتي ترقية الجلاد سريعة بالاغداق عليه بالارصدة والاوسمة،فاذا ضاقت جيبه فتح له حساباً في ـ بلاد بره ـ. وان ضاق صدره علقوا الاوسمة على ظهره ليغدو مهاباً في غدواته ومرعباً في ساعات آصاله. لهذا كان الضرب بالكرابيج من حصة الخيول الصاهلة بـ ( لا المعترضة ) على ما يجري ،و مَنْ نطق بـ ( لا ) النافية و صرخ بـ ( لا ) الناهية وحتى وان وسوسة له نفسه بـالـ ( لا ) المضمرة. الحاكم بامره، لا تطربه الا نعم الاذعانية الممزوجة بنغمة العبودية لانه يريد سيركاً ( اوادمه اوادم مستأنسة ) لجامها بيديه لا خيولاً برية تركض في براري الحرية تأنف ظهورها السروج.ولنا في الخليفة السفاح ـ المنصور ـ مثالاً على ظلمه وعدوانيته لا يسقط بتقادم الزمن.فقد نكلَّ بالامام ابي حنيفة النعمان وجلده لرفضه التعاون معه والانصياع لاوامره.وتفنن في تعذيب سيدنا مالك بن انس خادم الرسول، واحد رواة الحديث الموثوقين فقد جلده هو الاخرعارياً مكشوف العورة امام الناس اذلالاً له،وتشهيراً به فقط لتذكيره الخليفة بان يتقي الله ويسوس الناس بكتاب الله وسنة رسوله. القصة الاكثر فظاعة ما فعله بابن المقفع، اعظم ادباء عصره . جريرة هذه الاديب المثقف انه لم يستطع السكوت على فساد حاشية الخليفة وقذارة سلوكها، فارسل له كتاباً صغيراً بعنوان ” رسالة الصحابة ”.كتاب يُعتبر من عيون البلاغة والسياسة ناصحا المنصور بحسن اختيار البطانة،وتقوى الله في سياسية الرعية…ما فعله ابن المقفع هو ما يجب ان يفعله اي مثقف في اي زمان ومكان من موقع المسؤولية الثقافية و الاخلاقية والدينية. هذا ان لم يكن المثقف زنديقاً يعمل في فلك السلطة ومنافقاً يشتغل لها بالقطعة.فبدل تكريم ابن المقفع، اوعز الخليفة لاحد كبار اعوانه، بتقطيع اطرافه بعد اشعال النار في تنور ضخم، والقاءها قطعة قطعة امام عينيه وهو يشم احتراق لحمه.من رحمة الله على الاديب انه مات من شدة الالم و الصدمة.المصيبة ان الخليفة بعد الحادثة المروعة، اعتلى المنبر وتكلم عن فوائد الشورى ” الديمقراطية” .مبشراً مريديه بالجنة ومن يشق عصا الطاعة بوادي سقر وجهنم ” ترمي بشرر كالقصىر”. اللافت، ان الخليفة الديمقراطي، اورث ابنه المهدي رعية بشرية، يسوسها كالاغنام لا تستطيع رفع راسها.نسأل في السياق ذاته نسأل :ـ كم منصور سفاح في الوطن العربي ؟!.. المؤسف اكثر للاسف :ـ الكلمة الحرة تعيش كوابيسها المؤلمة،وتتعايش مع حقبة فاضحة مفضوحة |:ـ صحافة ميتة…كُتّاب رديئون…اقلام جافة …مهرجون يعتلون المنصات…شاشات ملونة تضخ سمومها بالوان الطيف السبعة.فلا عجب اذاً عند العربان ان حلَّ رمضان مكان رجب،وانقلب الزمان فصارت شمس اذار " ابو الزلازل والامطار " اشد من شمس حزيران التي كانت شاهدة عيان على هزيمة النظام العربي في ست ساعات لا ستة ايام كما تدعي الانظمة بعظمة لسانها ...مدونة بسام الياسين

تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير