رجل الملح

رجل الملح
فيصل كمال الحروب
كان معلما بسيطا من المعالم القريبة من دوار الشهيد وصفي التل بأربد.....كنت أمر من الشارع الرئيسي و اراه يقف أمام بسطته المتواضعة و التي تعرض باستحياء عددا من أكياس الملح...كان صبورا...بشوشا..قانعا بما قسمه الله له...فضل بيع أكياس الملح و الاكتفاء بهامش ربحها المتواضع على أن يمد يده يستجدي من الناس...أو ينحرف و يتجه إلى أحد جحور الإجرام او الكسب غير المشروع...ظل صابرا متمسكا باصراره على العيش بكرامة و شرف قاهرا تلك الظروف البائسة بابتسامته التي لا تغيب... كنت كلما مررت من امام بسطته يسبقني للتحية و يسلم علي...لقد كان أكثر تواضعا مني و افضل بكثير بالمبادرة بالسلام...كل تلك السنين و لم اكلف نفسي عناء سؤاله عن اسمه!!!
لقد مررت صباح هذا اليوم من مكان بسطته بشارع فلسطين قبل دوار الشهيد وصفي التل ...و لم يكن موجودا و لا كانت بسطته كذلك...لم اعر الأمر اهتماما..لكن لفت نظري لوحة كارتونية ملصقة بجانب الجدار الذي كان يتكأ عليه (مؤيد) هذا هو اسمه...!!! و مكتوب (صاحب البسطة مؤيد انتقل إلى رحمة الله تعالى) و فوق الجدار طرد من عبوات المياه عن روحه...لقد وجده الدفاع المدني ميتا بالمستودع الذي كان يستاجره و ينام فيه....
وقفت بلا حراك و كان صاعقة نزلت علي...!!! مر بذاكرتي شريط (رجل الملح) و هو يطرح علي السلام و الابتسامة على محياه و التواضع يحيط به ليكسبه هالة من السمو و الرفعة....
و غصة في صدري تخنقني و تلومني على عدم اكتراثي ...حتى اني لا أذكر أنني اشتريت منه يوما..
رحمك الله يا رجل الملح...رحمك الله يا مؤيد
اسمح لي أن اطرح على روحك الطاهرة السلام
السلام عليك و رحمة الله و بركاته يا مؤيد
انا لله و انا اليه راجعون  
تابعوا الوقائع على