"المجتمع المدني": توجهات "العمل" لرفع الحد الأدنى للأجور ضرورية...وهناك محاذير يجب دراستها
الوقائع الإخبارية : رحبت منظمات مجتمع مدني بإعلان وزير العمل نضال البطاينة، نية اللجنة الثلاثية (ممثلو اصحاب العمل والعمال والوزارة)، عقد اجتماع لها الثلاثاء المقبل، لدراسة إمكانية رفع الحد الأدنى للأجور.
ودعت هذه المنظمات، لضرورة التريث في الأمر، قبل ربط الحد الأدنى بالقطاع الانتاجي، لما يحمله من محاذير، كاخراج الداخلين الجدد من الحماية الاجتماعية، اذ سيتسبب ذلك بعزوف الأردنيين عن بعض المهن، في حال كان حدها الأدنى للأجر منخفض، مقارنة بقطاع آخر.
البطاينة توقع أن يجري بحث الحد الأدنى للأجور، بطريقة مختلفة عما كان عليه سابقا، بحيث ستؤخَذ بالاعتبار، نوعية القطاع الانتاجي، وإن حسب الحد الأدنى لأجر ساعة العمل، بالتوازي مع الحد الأدنى للأجر الشهري، لدعم منظومة العمل المرن والجزئي.
ولفت إلى أن القرار، سيكون بعد اجراء دراسة مستفيضة، في نطاق تشكيل لجان فنية، والاستعانة بخبراء متخصصين، وبحثه بشمولية، على ان تكون مصلحة الوطن والمواطن جلية فيه.
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية احمد عوض، أكد أن دعوة اللجنة الثلاثية للاجتماع، خطوة إيجابية وضرورية، "بخاصة أنها تأخرت كثيرا، لأن آخر تعديل للحد الأدنى للأجور كان في آذار (مارس) 2017”.
ودعا عوض المعنيين بدراسة ومراجعة الحد الأدنى للأجور، الأخذ بالاعتبار، مجموعة عوامل تتعلق بالفلسفة التي تقف خلف نشوء فكرة الحد الأدنى للأجور عالميا، إذ الهدف منها، توفير دخل كريم للعاملين والعاملات من الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وممن لا يحملون الكثير من المهارات.
وبين أن أجور العاملين أصحاب المهارات والخبرات، عادة تتجاوز الحد الأدنى للأجور، وتحكمها سياسات العرض والطلب في سوق العمل، كل حسب قدراته المهنية وحاجات منشآت الأعمال لمهاراته وخبراته، لكن للأسف هنالك قطاعات اقتصادية واسعة، تتعامل مع الحد الأدنى للأجور، باعتباره مستوى الأجر الذي تعتمده لعامليها.
وقال عوض "على أصحاب القرار في دراسة وإقرار الحد الأدنى للأجور الجديد، دراسة ارتفاع تكاليف المعيشة في الأردن، بالإضافة للتعرف بوضوح على خطوط الفقر المطلق للأفراد والأسر، وفق ما أصدرته دائرة الإحصاءات العامة قبل أشهر، وامتنعت الحكومة عن إعلانه، والتعرف على معدلات التضخم التي ارتفعت منذ إقرار الحد الأدنى للأجور الأخير قبل ثلاثة اعوام وقاربت الـ8 %”.
أما فيما يتعلق بإعلان النية عن إعلان عدة مستويات من الحد الأدنى للأجور وفقا للقطاعات الاقتصادية، فيرى عوض انه "يخرج هذه الفكرة عن هدفها الرئيس والمتمثل بحماية العاملين الجدد، ومنع استغلالهم، وتوفير الدخل الكافي لهم ولأسرهم، ولمنع الوقوع في براثن الفقر، لذلك على اللجنة الثلاثية، أن تبتعد عن الدخول في هذا المسار لعدم جدواه”.
بدوره؛ رأى مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة، ان دعوة الحكومة للجنة الثلاثية المعنية بالحد الأدنى للأجور لاجتماع الثلاثاء المقبل، خطوة إيجابية برغم أنها جاءت متأخرة جدا، بالنظر إلى ما أقره مجلس الوزراء في شباط (فبراير) 2017.
ولفت إلى أن قرار مجلس الوزراء تضمن وضع الحد الأدنى للأجور المعمول به حاليا وقدره 220 دينارا، على أن "يراجع هذا القرار من اللجنة الثلاثية، مع بداية كل عام، لتحديد أي زيادة عليه وما تقرره اللجنة”.
كما أشار أبو نجمة إلى المادة (52) من قانون العمل، التي أوجبت أنه عند وضع الحد الأدنى للأجور، يجب الاهتمام بمؤشرات كلف المعيشة، والارتفاعات المتتالية لها، منذ ذلك الوقت وحتى الآن، ما تسبب بتآكل الرقم القياسي للأجور.
وبين ان ذلك يأتي في ظل ضعف النمو الاقتصادي مقابل نمو سكاني كبير، وارتفاع غير مسبوق لمعدل البطالة والفقر، في وقت أكد فيه البنك الدولي، بأن ثلث السكان معرضون للوقوع ضمن خط الفقر لارتفاع تكاليف الطاقة والنقل وتكاليف العلاج وإيجارات الشقق، والضرائب علىالمواد التموينية الرئيسة، وغيرها من السلع والخدمات.
وبين أبو نجمة ان الاقتصاد الوطني شهد مؤخرا تراجعات، أثرت على الأجور على نحو مباشر، وأضعفت القدرة الشرائية للعاملين في القطاعين العام والخاص على نحو لافت، كما شهدج الناتج المحلي الإجمالي انخفاضا وتراجعا في نصيب الفرد منه، ما انعكس سلبا على حركة السوق والقطاعين الصناعي والتجاري، وتسبب بخسائر غير مسبوقة.
ولفت إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور في ظل هذه الظروف، سيسهم بحماية الفئات العمالية الضعيفة، ويسهم بضمان مستوى معيشة أفضل لأفرادها ولأسرهم، ويحد من الفقر، ويحقق إعادة توزيع الدخل على نحو عادل ومنصف، ويزيد الدخل المتاح.
وأكد أن ذلك سيسهم بزيادة الاستهلاك الخاص، وينشط الاقتصاد ويرفع معدلات النمو، ما يحد من البطالة، ويحفز العمالة المحلية للإقبال على فرص العمل المتاحة.
وينظر أبو نجمة للحد الأدنى للأجور، باعتباره أداة حماية اجتماعية، إذ يتلخص دوره بتوفير حماية اجتماعية لأصحاب الدخل المنخفض فقط، وليس بتحديد مستويات الأجور الأخرى، أو لعب دور البديل عن المفاوضة الجماعية، لتحديد مستويات الأجور.
وقال إن "أي مراجعة للحد الأدنى للأجور، يجب أن تراعي تحقيق الهدف منه، وهو توفير مستوى لائق من المعيشة للعمال وأسرهم، والأخذ بالعوامل اللازمة لذلك، وعلى نحو خاص حاجات العمال وأسرهم، وكلف المعيشة/ التضخم، وخط الفقر الوطني، ومتوسط حجم الأسرة ومعدل الإعالة، ومستوى الأجور العام.
وبين أن ذلك يهدف إلى توفير مفهوم الأجر المعيشي الذي أكدت معايير العمل الدولية، أهمية توفيره وفق دستور منظمة العمل الدولية الذي التزم به الأردن، بحكم انضمامه للمنظمة، وإعلانها بشأن العدالة الاجتماعية العام 2008.
ودعا دستور المنظمة لضمان الحد الأدنى للأجور للعمال المحتاجين لهذا النوع من الحماية.
كذلك اتفاقية العمل الدولية رقم (131) الخاصة بالحد الأدنى للأجور، التي تدعو واضعي السياسات، لأخذ حاجات العمال وأسرهم بالاعتبار، في إطار كلف المعيشة ومنافع الضمان الاجتماعي، إلى جانب مستويات المعيشة ذات الصلة في الفئات الاجتماعية الأخرى.
ولفت أبو نجمة إلى أن التوجه نحو تحديد الحد الأدنى للأجور على أساس قطاعي أو حسب المهنة، خيار له محاذيره، ومن هذه المحاذير، أنه يتطلب توافر دراسات متخصصة لواقع كل قطاع، وبيانات حول قدراته وتنافسيته ومستويات الأجور فيه وطبيعة الأعمال التي يقوم بها العمال وجهودهم في عملهم.
وبين ان ذلك، يصعب معه وضع حد أدنى عادل، لعدم توافر البيانات اللازمة لذلك، كما يتوقع أن يتأثر وضع الحد الأدنى للأجور في ظل هذه الظروف، بضغوطات بعض القطاعات، إما لاستثنائها من الحد الأدنى أو لإقرار حد أدنى منخفض فيها دون مبررات منطقية.
ولفت إلى أن ذلك سيتسبب بعزوف العمالة الأردنية عن التوجه للعمل، في الأعمال التي ينخفض فيها الحد الأدنى للأجور، ما سيؤدي لتكريس استخدام العمالة الوافدة فيها، وإجهاض برامج تدريب وتشغيل الأردنيين، ناهيك عن الصعوبات الإضافية في الرقابة على الالتزام بالحد الادنى للأجور، وزيادة المخالفات وحالات التهرب من الالتزام به.
مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان (تمكين)، جدد توصياته برفع الحد الأدنى للأجور ليتناسب مع الظروف الاقتصادية للاردن، ومعدلات التضخم، وشمول العمال المهاجرين واللاجئين به.
واستعرض "تمكين” في ورقة موقف صادرة عنه، الحد الأدنى للأجور والتضخم والفقر وارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب على مدار سنوات متتالية.
ودعا لتطبيق المادة (8) لقرار رفع الحد الأدنى للأجور للعام 2017، وتضمنت مراجعة الحد الأدنى وتعديله وفقا للظروف الاقتصادية والاجتماعية، وتنفيذ التشريعات التي تنظم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، بما يسهم بتحقيق التنمية الاقتصادية، وحماية حقوق أطراف العملية الإنتاجية.
وأوضحت الورقة، أن الأوضاع بدأت بالتغير بعد الأزمة المالية العالمية، إذ عانى الاقتصاد الأردني جراءها، إلى جانب ضغط الاضطرابات السياسية في المنطقة العربية، فكان من تأثيرات هذه العوامل، حدوث تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي، وصل إلى 1.9 % فقط في العام 2018، ما أدى لارتفاع نسب التضخم.
وطرحت الورقة أيضا، تساؤلات حول مدى كفاية الحد الأدنى للأجور، لتلبية المستوى الأدنى للمعيشة، في ظل الغلاء المتزايد على السلع الأساسية والأولية التي تحتاجها أي أسرة.
وأشارت لضغوط السياسات الاقتصادية الداخلية المتتالية، والتي شملت رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وبعض المنتوجات، ما أدى لتسجيل رقم قياسي جديد لأسعار المستهلك (التضخم) في الأردن بنسبة 0.5 % على أساس سنوي في حزيران (يونيو العام الماضي.
وبحسب بيانات صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، جاءت الزيادة الأخيرة على الحد الأدنى للرواتب، لارتفاع: الإيجارات، واللحوم والدواجن، والخضراوات والبقول الجافة والمعلبة والحبوب ومنتجاتها، والتعليم.
بينما يرجع ارتفاع معدل التضخم الحالي لأسباب عدة أخرى، منها زيادة الضرائب، وتراجع القدرة الشرائية على الإنفاق، وارتفاع أسعار المحروقات، والسلع الرئيسة مثل: الخضراوات والفواكه والمعلبات، إذ أخضعت الحكومة نحو 164 سلعة لضريبة 10 %، فيما أخضعت سلعا أخرى (كانت معفاة) لضريبة 4 % و5 %، في مسعى لزيادة الإيرادات الحكومية بنحو نصف مليار دينار، لتقليص العجز في الموازنة العامة، مع ثبات دخل المواطنين.
وبيت الورقة، أن ربط الحد الأدنى للأجور بالتضخم، يزيد القدرة الشرائية للعاملين ويحافظ عليها، فهناك علاقة عكسية بين القوة الشرائية والتضخم، ففي حال ارتفعت الأسعار وبقيت الأجور ثابتة، فإن القوة الشرائية للمواطنين تتراجع، وحين ترتفع الأجور بمعدل أكبر مقارنة بارتفاع الأسعار، ينتج عن ذلك تحسن في القوة الشرائية.
ووفقا للبيانات المتوافرة، تشير الورقة لارتفاع خط الفقر الذي كان محددا بنحو دولار أميركي واحد في اليوم للفرد إلى 1.25 دولار في العام 2008، وبعد الأزمة المالية العالمية ارتفع مجدداً إلى 1.90 دولار في اليوم خلال العام 2015.
وبينت أن قانون العمل الأردني، ربط الحد الأدنى للأجور بتكاليف المعيشة، لكن هناك عائقاً رئيسا عند اتباع هذا المعيار، جراء الجدل حول خط الفقر، بخاصة وأنه وفقاً للمعايير الدولية يفترض أن يكون أعلى من مستويات الفقر، اذ عتبر المشرع خط الفقر هو الخط الأحمر الذي لا يجوز تجاوزه عند إقرار الحد الأدنى للأجور.
لكن تقريرا لدائرة الإحصاءات عن الفقر في المملكة نشر في العام 2012 بعنوان "حالة الفقر في الأردن”، ذكر أن معدل الفقر العام المطلق، بلغ نحو 14.4 % في العام 2010 وفي العام 2008 كان قد بلغ 13.3 %، للأفراد الذين يقل إنفاقهم عن متوسط خط الفقر العام.
كما أشارت إلى أن خط الفقر العام المطلق (الغذائي وغير الغذائي) بلغ 813.7 دينار للفرد سنويا (أي 68 دينارا للفرد شهريا)، وبلغ خط الفقر المدقع (أي الفقر الغذائي) 336 دينارا للفرد سنوياً، أي ما يعادل 28 دينارا للفرد شهريا.
وانتقدت الورقة، استثناء غير الأردنيين عند رفع الحد الأدنى للأجور عامي 2012 و2017، برغم تساوي حجم العمل، وانطباق المستوى المعيشي على الجميع، معتبرة ذلك "تمييزا”.
ودعت هذه المنظمات، لضرورة التريث في الأمر، قبل ربط الحد الأدنى بالقطاع الانتاجي، لما يحمله من محاذير، كاخراج الداخلين الجدد من الحماية الاجتماعية، اذ سيتسبب ذلك بعزوف الأردنيين عن بعض المهن، في حال كان حدها الأدنى للأجر منخفض، مقارنة بقطاع آخر.
البطاينة توقع أن يجري بحث الحد الأدنى للأجور، بطريقة مختلفة عما كان عليه سابقا، بحيث ستؤخَذ بالاعتبار، نوعية القطاع الانتاجي، وإن حسب الحد الأدنى لأجر ساعة العمل، بالتوازي مع الحد الأدنى للأجر الشهري، لدعم منظومة العمل المرن والجزئي.
ولفت إلى أن القرار، سيكون بعد اجراء دراسة مستفيضة، في نطاق تشكيل لجان فنية، والاستعانة بخبراء متخصصين، وبحثه بشمولية، على ان تكون مصلحة الوطن والمواطن جلية فيه.
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية احمد عوض، أكد أن دعوة اللجنة الثلاثية للاجتماع، خطوة إيجابية وضرورية، "بخاصة أنها تأخرت كثيرا، لأن آخر تعديل للحد الأدنى للأجور كان في آذار (مارس) 2017”.
ودعا عوض المعنيين بدراسة ومراجعة الحد الأدنى للأجور، الأخذ بالاعتبار، مجموعة عوامل تتعلق بالفلسفة التي تقف خلف نشوء فكرة الحد الأدنى للأجور عالميا، إذ الهدف منها، توفير دخل كريم للعاملين والعاملات من الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وممن لا يحملون الكثير من المهارات.
وبين أن أجور العاملين أصحاب المهارات والخبرات، عادة تتجاوز الحد الأدنى للأجور، وتحكمها سياسات العرض والطلب في سوق العمل، كل حسب قدراته المهنية وحاجات منشآت الأعمال لمهاراته وخبراته، لكن للأسف هنالك قطاعات اقتصادية واسعة، تتعامل مع الحد الأدنى للأجور، باعتباره مستوى الأجر الذي تعتمده لعامليها.
وقال عوض "على أصحاب القرار في دراسة وإقرار الحد الأدنى للأجور الجديد، دراسة ارتفاع تكاليف المعيشة في الأردن، بالإضافة للتعرف بوضوح على خطوط الفقر المطلق للأفراد والأسر، وفق ما أصدرته دائرة الإحصاءات العامة قبل أشهر، وامتنعت الحكومة عن إعلانه، والتعرف على معدلات التضخم التي ارتفعت منذ إقرار الحد الأدنى للأجور الأخير قبل ثلاثة اعوام وقاربت الـ8 %”.
أما فيما يتعلق بإعلان النية عن إعلان عدة مستويات من الحد الأدنى للأجور وفقا للقطاعات الاقتصادية، فيرى عوض انه "يخرج هذه الفكرة عن هدفها الرئيس والمتمثل بحماية العاملين الجدد، ومنع استغلالهم، وتوفير الدخل الكافي لهم ولأسرهم، ولمنع الوقوع في براثن الفقر، لذلك على اللجنة الثلاثية، أن تبتعد عن الدخول في هذا المسار لعدم جدواه”.
بدوره؛ رأى مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة، ان دعوة الحكومة للجنة الثلاثية المعنية بالحد الأدنى للأجور لاجتماع الثلاثاء المقبل، خطوة إيجابية برغم أنها جاءت متأخرة جدا، بالنظر إلى ما أقره مجلس الوزراء في شباط (فبراير) 2017.
ولفت إلى أن قرار مجلس الوزراء تضمن وضع الحد الأدنى للأجور المعمول به حاليا وقدره 220 دينارا، على أن "يراجع هذا القرار من اللجنة الثلاثية، مع بداية كل عام، لتحديد أي زيادة عليه وما تقرره اللجنة”.
كما أشار أبو نجمة إلى المادة (52) من قانون العمل، التي أوجبت أنه عند وضع الحد الأدنى للأجور، يجب الاهتمام بمؤشرات كلف المعيشة، والارتفاعات المتتالية لها، منذ ذلك الوقت وحتى الآن، ما تسبب بتآكل الرقم القياسي للأجور.
وبين ان ذلك يأتي في ظل ضعف النمو الاقتصادي مقابل نمو سكاني كبير، وارتفاع غير مسبوق لمعدل البطالة والفقر، في وقت أكد فيه البنك الدولي، بأن ثلث السكان معرضون للوقوع ضمن خط الفقر لارتفاع تكاليف الطاقة والنقل وتكاليف العلاج وإيجارات الشقق، والضرائب علىالمواد التموينية الرئيسة، وغيرها من السلع والخدمات.
وبين أبو نجمة ان الاقتصاد الوطني شهد مؤخرا تراجعات، أثرت على الأجور على نحو مباشر، وأضعفت القدرة الشرائية للعاملين في القطاعين العام والخاص على نحو لافت، كما شهدج الناتج المحلي الإجمالي انخفاضا وتراجعا في نصيب الفرد منه، ما انعكس سلبا على حركة السوق والقطاعين الصناعي والتجاري، وتسبب بخسائر غير مسبوقة.
ولفت إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور في ظل هذه الظروف، سيسهم بحماية الفئات العمالية الضعيفة، ويسهم بضمان مستوى معيشة أفضل لأفرادها ولأسرهم، ويحد من الفقر، ويحقق إعادة توزيع الدخل على نحو عادل ومنصف، ويزيد الدخل المتاح.
وأكد أن ذلك سيسهم بزيادة الاستهلاك الخاص، وينشط الاقتصاد ويرفع معدلات النمو، ما يحد من البطالة، ويحفز العمالة المحلية للإقبال على فرص العمل المتاحة.
وينظر أبو نجمة للحد الأدنى للأجور، باعتباره أداة حماية اجتماعية، إذ يتلخص دوره بتوفير حماية اجتماعية لأصحاب الدخل المنخفض فقط، وليس بتحديد مستويات الأجور الأخرى، أو لعب دور البديل عن المفاوضة الجماعية، لتحديد مستويات الأجور.
وقال إن "أي مراجعة للحد الأدنى للأجور، يجب أن تراعي تحقيق الهدف منه، وهو توفير مستوى لائق من المعيشة للعمال وأسرهم، والأخذ بالعوامل اللازمة لذلك، وعلى نحو خاص حاجات العمال وأسرهم، وكلف المعيشة/ التضخم، وخط الفقر الوطني، ومتوسط حجم الأسرة ومعدل الإعالة، ومستوى الأجور العام.
وبين أن ذلك يهدف إلى توفير مفهوم الأجر المعيشي الذي أكدت معايير العمل الدولية، أهمية توفيره وفق دستور منظمة العمل الدولية الذي التزم به الأردن، بحكم انضمامه للمنظمة، وإعلانها بشأن العدالة الاجتماعية العام 2008.
ودعا دستور المنظمة لضمان الحد الأدنى للأجور للعمال المحتاجين لهذا النوع من الحماية.
كذلك اتفاقية العمل الدولية رقم (131) الخاصة بالحد الأدنى للأجور، التي تدعو واضعي السياسات، لأخذ حاجات العمال وأسرهم بالاعتبار، في إطار كلف المعيشة ومنافع الضمان الاجتماعي، إلى جانب مستويات المعيشة ذات الصلة في الفئات الاجتماعية الأخرى.
ولفت أبو نجمة إلى أن التوجه نحو تحديد الحد الأدنى للأجور على أساس قطاعي أو حسب المهنة، خيار له محاذيره، ومن هذه المحاذير، أنه يتطلب توافر دراسات متخصصة لواقع كل قطاع، وبيانات حول قدراته وتنافسيته ومستويات الأجور فيه وطبيعة الأعمال التي يقوم بها العمال وجهودهم في عملهم.
وبين ان ذلك، يصعب معه وضع حد أدنى عادل، لعدم توافر البيانات اللازمة لذلك، كما يتوقع أن يتأثر وضع الحد الأدنى للأجور في ظل هذه الظروف، بضغوطات بعض القطاعات، إما لاستثنائها من الحد الأدنى أو لإقرار حد أدنى منخفض فيها دون مبررات منطقية.
ولفت إلى أن ذلك سيتسبب بعزوف العمالة الأردنية عن التوجه للعمل، في الأعمال التي ينخفض فيها الحد الأدنى للأجور، ما سيؤدي لتكريس استخدام العمالة الوافدة فيها، وإجهاض برامج تدريب وتشغيل الأردنيين، ناهيك عن الصعوبات الإضافية في الرقابة على الالتزام بالحد الادنى للأجور، وزيادة المخالفات وحالات التهرب من الالتزام به.
مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان (تمكين)، جدد توصياته برفع الحد الأدنى للأجور ليتناسب مع الظروف الاقتصادية للاردن، ومعدلات التضخم، وشمول العمال المهاجرين واللاجئين به.
واستعرض "تمكين” في ورقة موقف صادرة عنه، الحد الأدنى للأجور والتضخم والفقر وارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب على مدار سنوات متتالية.
ودعا لتطبيق المادة (8) لقرار رفع الحد الأدنى للأجور للعام 2017، وتضمنت مراجعة الحد الأدنى وتعديله وفقا للظروف الاقتصادية والاجتماعية، وتنفيذ التشريعات التي تنظم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، بما يسهم بتحقيق التنمية الاقتصادية، وحماية حقوق أطراف العملية الإنتاجية.
وأوضحت الورقة، أن الأوضاع بدأت بالتغير بعد الأزمة المالية العالمية، إذ عانى الاقتصاد الأردني جراءها، إلى جانب ضغط الاضطرابات السياسية في المنطقة العربية، فكان من تأثيرات هذه العوامل، حدوث تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي، وصل إلى 1.9 % فقط في العام 2018، ما أدى لارتفاع نسب التضخم.
وطرحت الورقة أيضا، تساؤلات حول مدى كفاية الحد الأدنى للأجور، لتلبية المستوى الأدنى للمعيشة، في ظل الغلاء المتزايد على السلع الأساسية والأولية التي تحتاجها أي أسرة.
وأشارت لضغوط السياسات الاقتصادية الداخلية المتتالية، والتي شملت رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وبعض المنتوجات، ما أدى لتسجيل رقم قياسي جديد لأسعار المستهلك (التضخم) في الأردن بنسبة 0.5 % على أساس سنوي في حزيران (يونيو العام الماضي.
وبحسب بيانات صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، جاءت الزيادة الأخيرة على الحد الأدنى للرواتب، لارتفاع: الإيجارات، واللحوم والدواجن، والخضراوات والبقول الجافة والمعلبة والحبوب ومنتجاتها، والتعليم.
بينما يرجع ارتفاع معدل التضخم الحالي لأسباب عدة أخرى، منها زيادة الضرائب، وتراجع القدرة الشرائية على الإنفاق، وارتفاع أسعار المحروقات، والسلع الرئيسة مثل: الخضراوات والفواكه والمعلبات، إذ أخضعت الحكومة نحو 164 سلعة لضريبة 10 %، فيما أخضعت سلعا أخرى (كانت معفاة) لضريبة 4 % و5 %، في مسعى لزيادة الإيرادات الحكومية بنحو نصف مليار دينار، لتقليص العجز في الموازنة العامة، مع ثبات دخل المواطنين.
وبيت الورقة، أن ربط الحد الأدنى للأجور بالتضخم، يزيد القدرة الشرائية للعاملين ويحافظ عليها، فهناك علاقة عكسية بين القوة الشرائية والتضخم، ففي حال ارتفعت الأسعار وبقيت الأجور ثابتة، فإن القوة الشرائية للمواطنين تتراجع، وحين ترتفع الأجور بمعدل أكبر مقارنة بارتفاع الأسعار، ينتج عن ذلك تحسن في القوة الشرائية.
ووفقا للبيانات المتوافرة، تشير الورقة لارتفاع خط الفقر الذي كان محددا بنحو دولار أميركي واحد في اليوم للفرد إلى 1.25 دولار في العام 2008، وبعد الأزمة المالية العالمية ارتفع مجدداً إلى 1.90 دولار في اليوم خلال العام 2015.
وبينت أن قانون العمل الأردني، ربط الحد الأدنى للأجور بتكاليف المعيشة، لكن هناك عائقاً رئيسا عند اتباع هذا المعيار، جراء الجدل حول خط الفقر، بخاصة وأنه وفقاً للمعايير الدولية يفترض أن يكون أعلى من مستويات الفقر، اذ عتبر المشرع خط الفقر هو الخط الأحمر الذي لا يجوز تجاوزه عند إقرار الحد الأدنى للأجور.
لكن تقريرا لدائرة الإحصاءات عن الفقر في المملكة نشر في العام 2012 بعنوان "حالة الفقر في الأردن”، ذكر أن معدل الفقر العام المطلق، بلغ نحو 14.4 % في العام 2010 وفي العام 2008 كان قد بلغ 13.3 %، للأفراد الذين يقل إنفاقهم عن متوسط خط الفقر العام.
كما أشارت إلى أن خط الفقر العام المطلق (الغذائي وغير الغذائي) بلغ 813.7 دينار للفرد سنويا (أي 68 دينارا للفرد شهريا)، وبلغ خط الفقر المدقع (أي الفقر الغذائي) 336 دينارا للفرد سنوياً، أي ما يعادل 28 دينارا للفرد شهريا.
وانتقدت الورقة، استثناء غير الأردنيين عند رفع الحد الأدنى للأجور عامي 2012 و2017، برغم تساوي حجم العمل، وانطباق المستوى المعيشي على الجميع، معتبرة ذلك "تمييزا”.