"المدن الصناعية" تعصف بحقوق العمال
الوقائع الإخبارية : بابتسامة ساخرة، تقول البنغالية ساميتا العاملة في مصنع بمدينة الحسن الصناعية بإربد "لم أتمكن خلال 13 عاما وأنا في بلادي من تخفيف وزني، ودائما كنت ممتلئة الجسم، لكن بعد مرور 8 أشهر من العمل في هذا المصنع، انخفض وزني 18 كلغم، بسبب نوعية التغذية السيئة التي يقدمها المصنع للعاملين”.
35 عاما، مرت على نشأة أول مدينة صناعية مؤهلة في الأردن. كان ذلك في العام 1985، وهي مدينة عبدالله الثاني الصناعية بمدينة سحاب، وتقع على بعد 12 كلم جنوب شرق العاصمة، ثم توالى إنشاء المدن الصناعية لتصل الى 10 مدن حاليا، 4 منها قيد الإنشاء، وعدد مصانعها الإجمالي 843، يعمل فيها قرابة 52404 عاملا وعاملة، 84 % منهم مهاجرون.
يقيم غالبية عمال هذه المصانع في تجمعات تخصصها لهم هذه المدن، وتؤمنهم فيها بالطعام، لكن جزءا من هذهالمصانع، لم يول تغذية عامليه أي اهتمام، وانتهك واحدا من أبسط حقوقهم، بعدم تقديم طعام كاف وصحي ولائق لهم، ليضاف هذا الاعتداء على حقوقهم، في ظل ما يعيشونه أيضا من انتهاكات أخرى.
تقول ساميتا "قدمت للأردن للعمل خيّاطة في أحد مصانع مدينة الحسن. في الأيام الأولى لعملي رفضت تماما تناول أي وجبة يقدمها المصنع.. لا نكهة للطعام، ورائحته سيئة. عشت على المعلبات والخبز والأجبان والفاكهة على حسابي الخاص، لكن بعد مرور ثلاثة أسابيع من العمل، أدركت أن دخلي لن يسمح لي الاستمرار بشراء الطعام على حسابي، فبدأت أجبر نفسي على تناول ما يقدمه المصنع من وجبات، بخاصة وانهم يخصمون ثمنه من أجري”.
نشأت المناطق الصناعية المؤهلة، استنادا على اتفاقية وقعها الأردن مع اميركا، تسمح بتصدير ملابس تنتجها المدن الصناعية الى اميركا، دون خضوعها للجمارك، أو لأي ضرائب أميركية.
اللافت في تاريخ المدن الصناعية، كان في العام 2000، مع توقيع الأردن اتفاقية التجارة الحرة مع اميركا، واشترطت بنودها دخول إسرائيل كطرف في هذه الاتفاقية، على أن تخفض الجمارك الاميركية 10% سنوياً، لتصبح صفرا في العام 2010.
يمكن القول إن هذا العام؛ شهد وفاة اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة، فأصبح أغلب انتاجها يصدر عبر اتفاقية التجارة الحرة، التي سمحت لأي مصنع في الأردن بالتصدير لأميركا، وانتهى بذلك احتكار التصدير لمصانع المناطق الصناعية فقط.
يشار إلى أنه في العام 2005، أصبحت الدول المصدرة لأميركا كافة، وبعد انضمام أغلبها لمنظمة التجارة العالمية، تصدر بدون تحديد كمية، وبالتالي أثرت على حصة الأردن، فأصبح توجه السوق الأميركي يفضل البضائع الصينية لانخفاض أسعارها، ما شكل ضربة للصناعة الأردنية، بخاصة في مجال الملابس.
وعلى الرغم من أهمية ملف الحق في الغذاء لعمال مصانع الغزل والنسيج، التي تشكل أكثر من 98 % من مصانع المناطق الصناعية المؤهلة، وتشكل الاناث العاملات فيها 85 %، العمالة المهاجرة فيها نسبتها 84 %، لكن هذا الملف غاب عن أجندات الحكومة والنقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني.
وفي حال حضر ذكر له، بخاصة في التقارير الصادرة عن منظمات مجتمع مدني، فيكون خجولا ومستعجلا، وقد يعود ذلك لوجود انتهاكات يعتبرونها أولى بالاهتمام، كحرمان العاملين في المصانع من أجورهم، او تأخير دفعها، او حجز وثائقهم الرسمية.
الى جانب ذلك، فإن العاملين يعانون من عنف جسدي او لفظي او جنسي، ما يجعل مطالبتهم، او مطالبة أي جهة نقابية او حقوقية او حكومية، بحقهم في غذاء جيد وكاف ومستدام، أمرا وكأنه نوع من الرفاهية أو امتياز إضافي.
فهل فعلا يعتبر هذا الحق رفاهية أو نوعا من الكماليات؟
تنص المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي يعتبر الأردن طرفا فيها، على أن "تُقر الدول الأطراف في هذا العهد، بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، وأن يوفر له ما يفي بحاجته من الغذاء والكساء والمأوى”.
وبذلك؛ يربط هذا العهد بين توفير مستوى معيشي كاف يساعد الشخص، أكان مواطنا او مقيما او عاملا مهاجرا، وقدرته على توفير الغذاء والكساء والمأوى.
وفي حالة مصانع المدن الصناعية المؤهلة؛ ومن منطلق نظام حمائي أبوي، استقطب أرباب العمل في هذه المدن، (أصحاب عمل، تمثلهم غالبا الجمعية الأردنية لمصدري الألبسة والمنسوجات، ونقابتي اصحاب المصانع، والعاملين في الغزل والنسيج، ووزارة العمل) عمالة مهاجرة، على ان توفر لهم مصانعهم، المأوى والغذاء، مقابل خصم مبلغ من اجورهم، قدره 39 دينارا بدل طعام، و56 دينارا بدل سكن.
هذا الاتفاق؛ يجدد دوريا وفق بنود عقد العمل الجماعي، وفيه تفسر المادة (6) معنى الأجر، لتفرق هنا بين العامل الأردني وغير الأردني، اذ يستلم الأردني 220 دينارا، خضوعا للحد الأدنى للأجور، بينما العامل المهاجر والذي يؤكد العقد الجماعي ضرورة عدم التفريق بينه وبين الأردني، يتقاضى 110 دنانير كأجر أساسي و15 دينارا بدل غلاء معيشة، واعتبره العقد اجرا نقديا.
كما أضاف العقد، الأجر العيني؛ المتمثل بما يحتسب بـ95 دينارا، منها 56 دينارا بدل سكن و39 دينارا بدل طعام، وبذلك يكون مجموع ما يتقاضاه العامل المهاجر، مساويا لما يتقاضاه العامل الأردني، وفق عقد العمل الجماعي.
هذه الحسبة؛ تطرح أسئلة كثيرة: هل العمال راضون عنها؟ هل جرت مشاورتهم بهذه الحسبة؟ هل فعلا تقدم لهم وجبات طعام كافية ومغذية، تعينهم على مواصلة عملهم الشاق في المصانع؟ هل فعلا تصرف المصانع 95 دينارا على كل عامل وعاملة مقابل السكن والغذاء؟
خلال شهرين، هي مدة إعداد هذا التقرير، نفذت جولات عدة في مدن: الحسن الصناعية، الحسين بن عبدالله الثاني بالكرك، وعبدالله الثاني، تخللتها مقابلات مع عمال وعاملات وطباخين، وإدارات ولجان عمالية.
وقد مكنت هذه الجولات من الكشف عن ان غالبية المصانع، تقدم للعمال المهاجرين 3 وجبات؛ الافطار، ويتكون من رغيف خبز وبيضتين، او كأس حليب، وعادة تقدم هذه الوجبة في الـ6.30 صباحا داخل السكنات.
تختلف طريقة تقديم الإفطار أحيانا بين بعض المصانع، إذ يجري اللجوء في بعض المصانع لتوفير حصة لكل عامل/ة أسبوعيا، فيعطى علبة حليب سائل، ونصف طبق بيض غير مطهو، يحوي 14 بيضة وكيس خبز.
وبالطبع، يُلقى أمر سلق البيض على عاتق العامل/ة يوميا صباحا، فيما توفر بعض المصانع هذه الخدمة يوميا في غرف خاصة في السكنات، مزودة بمواقد يستخدمها العاملون لإعداد وجبات غذائية سريعة، او لإعداد مشروبات ساخنة.
وقد أوجدت هذه الغرف التي تسمى مطابخ، منذ اعوام قليلة، جراء احتجاجات عمالية، ضد منع إدارات المصانع توفير مواقد لعاملي السكنات، ما اضطر العاملين حينها لتهريب مواقد سرا لسكناتهم، يضعونها في غرفهم، فتسببت بحرائق عديدة.
في مركز العمال التابع لمنظمة العمل الدولية بمدينة الحسن، بين عاملون من الجنسين، ان ما يقدم لهم خلال وجبة الفطور لا يشبعهم.
وكون غالبيتهم يأتون من بلدان آسيوية، اعتادوا فيها على أنماط معينة من الأطعمة، مكونها الرئيس هو الأرز، فإن ما يتناولونه من أطعمة في سكناتهم، غير مستساغ لهم، إذ أن غالبيتهم لا يفضلون البيض المسلوق كوجبة إفطار.
عاملة قالت "يتوقعون منا بأن نعمل 12 ساعة يوميا؛ أربع ساعات منها عمل إضافي يجبروننا على الالتزام بها، بينما يقدمون لنا وجبة إفطار مكونة من بيض مسلوق وحليب! يوميا النوع نفسه من الطعام عند الإفطار، وأنا لا أحب البيض، لذلك لا أتناول هذه الوجبة، وانتظر أكثر من خمس ساعات، إلى أن يحين موعد الغداء، فأتناوله أيضا مجبرة، لأن مذاقه سيئ، وغالبا يكون غير نظيف”.
أما الوجبة الثانية، فهي الغداء، وتعد في مطابخ كبيرة بالمصانع، مخصصة لهذه الغاية، ويفترض بان يكون هناك تنويع في وجبات الغداء، بحيث تحوي أسبوعيا الأرز والدجاج والسمك، لكن على أرض الواقع، تلجأ المصانع لتوفير الوجبة نفسها يوميا، وهي تحوي الأرز وقطعة دجاج، وصلصة تشتمل على بعض أنواع البقول.
أغلب احتجاجات العمال والعاملات على وجبة الغداء، تتبلور في انها وجبات غير نظيفة غالبا.
عند التجوال على المطابخ، يتكشف انعدام معايير النظافة فيها، اذ أن الطبخ يجري في أوان قديمة، ويعاد الطبخ فيها يوميا من دون تنظيفها، كما تفتقد غالبية مطابخ المصانع لأدوات ومود التنظيف، كسائل الجلي والكلور، او لتنظيف محتويات الطبخ، كالدجاج، إذ تنعدم مواد الخل والطحين والليمون التي تستخدم في تنظيفها وطرد الروائح الكريهة منها، مع انها مواد ضرورية لتنظيف اللحوم بخاصة الدجاج.
كما تنعدم أماكن تخزين جيد للطعام، اذ توضع المكونات على ارفف خشبية قديمة، فيما تلقى صناديق المعلبات وأكياس الخضراوات والدجاج في كراتين على الأرض.
غالبية العاملين ممن جرت مقابلتهم؛ اشتكوا من ان وجبة الغداء ليس لها طعم، اذ لا توفر إدارات المصانع أي نوع من البهارات او المنكهات لها أثناء الطبخ. وعند سؤال طاه في أحد المصانع، وهو هندي الجنسية، قال ان الطهاة يطالبون دائما بتوفير بهارات ومنكهات طعام وأوان جديدة وخضراوات جيدة، لكن لا أحد يسمعهم، كما لا توفر إدارة المصانع سوى المكونات الرئيسة كالأرز والدجاج والزيت ومعلبات البقوليات، وتغيب بقية المكونات، وتنعدم الفاكهة والحلويات عن قائمة كافة وجبات العمال.
بالنسبة لوجبة العشاء، فتتكون من بقايا وجبة الغداء، وترسل للسكنات عند الساعة الـ50.00 مساء، وغالبية العاملين، قالوا انهم لا يتناولونها، لأنهم أساسا يتناولون الغداء محبرين، فيضطرون لشراء عشائهم من مالهم الخاص، وغالبا ما يكون من الأجبان والألبان وبعض الخضراوات والفاكهة، ويعدونه بأنفسهم.
إحدى العاملات قالت "أسكن مع 11 عاملة في غرفة مساحتها 16م في 6 م. ومع بداية كل أسبوع، نجمع مبلغا ماليا من كل منا، ونحضر معلبات وخضراوات وأجبان وألبان وعصائر وماء للشرب، ونتناوب على تحضير العشاء للجميع”.
هذه الروايات التي رصدت خلال الجولة، يؤكدها التقرير الأخير لبرنامج "عمل أفضل”، التابع لمنظمة العمل الدولية، وهو برنامج يحاول تعزيز وترسيخ شروط العمل اللائق في مصانع المدن الصناعية المؤهلة.
يقول التقرير إنه من بين 86 مصنعا جرى تقييمها من البرنامج، عثر على 20 مصنعا لا يجري فيها تقديم طعام لائق للعاملين، و12 مصنعا لا توفر مكانا مناسبا لتقديم الطعام لهم.
وقال التقرير الذي يحمل عنوان "تقرير الامتثال لبرنامج عمل أفضل- الأردن 2019” إن "غالبية العمال ممن جرت مقابلتهم في 86 مصنعا، أشاروا الى قلقهم بشأن جودة الغذاء و/ او كميته”، لكن وبناء على معايير يعتمدها البرنامج لتقييم مدى التزام المصانع بتقديم غذاء جيد وكاف ونظيف للعاملين، تبين ان 20 مصنعا هي من لا تلتزم نهائيا بذلك، و12 لا توفر مكانا لتقديم الطعام”.
يذكر ان هذا البرنامج الذي بدأ عمله في الأردن العام 2008، بمراقبة وتقييم المصانع العام 2009، بعد طلب رسمي من الحكومة وقتها، وألزمت مصانع بالتعاون معه، اقتصر عمله على 86 مصنعا فقط، من بين 843 مصنعا، تعمل حاليا في المدن الصناعية.
في حين يبدو ان الرقابة على بقية المصانع، تكاد تصل لأدنى مستوياتها، نتيجة ضعف كوادر التفتيش بوزارة العمل، يرافقها "تخلي النقابة العامة للغزل والنسيج عن ممارسة دورها كرقيب على أوضاع العاملين”.
يقول تقرير البرنامج، إن العمال "أشاروا في عدد من المصانع الى عدم رضاهم عن الطعام المقدم، اذ زادت نسبة شكاواهم العام 2018 بخصوص الطعام المقدم لهم عن العام 2017 بمقدار 11 نقطة مئوية، وتتعلق غالبية الشكاوى بعدم الحصول على ما يكفي من الخضراوات واللحوم المطبوخة”.
وأضاف التقرير "نظرا لأن أصحاب العمل، يغطون تكاليف وجبات الطعام بخصمها من الأجر العيني للعمال الوافدين، فيجب عليهم أيضا توفير الغذاء الجيد للعمال. وسيلفت البرنامج انتباه أصحاب المصلحة في القطاع لهذه المسألة، ويحث أصحاب العمل على اتخاذ إجراءات فورية. وسيؤكد الحاجة لتوفير غذاء يستوفي معايير التغذية للعمال، وسيوصي بأن يستشير أصحاب العمل خبراء في هذا المجال”.
وبشأن دور الوزارة، فإن زياراتها التفتيشية لهذه المصانع لمراقبة واقع العمال، وعيشهم "قليلة جدا”، ولا تتم إلا عندما تقدم شكوى من عاملين، وغالبا ما يخافون التقدم بأي شكوى حيال أي انتهاك يرتكب بحقهم.
يشار هنا إلى أن عدد المفتشين في الوزارة لا يزيد عددهم على 250، مطلوب منهم التفتيش على آلاف الشركات والمنشآت، ما يعني أن فرص تفتيشهم على المصانع محدودة جدا، وفي حال زيارتهم للمصانع، فإنهم يركزون على معاييرها الأساسية، كمدى التزامها بتسليم الأجور في وقتها، ونسبة العمال الأردنيين فيها.
في تموز (يوليو) العام الماضي، نشرت تعليمات صدرت عن الوزارة في الجريدة الرسمية، اشتملت على بنود تسمح للجنة تفتيش مشتركة بين الوزارة ومنظمة العمل، ممثلة بالبرنامج بالدخول للمصانع والتفتيش على التزامها بالمعايير القانونية التي وضعتها الوزارة سابقا، وتتعلق بنسبة تشغيل الأردنيين التي يجب الا تقل عن 25% وتشغيل لاجئين سوريين، والالتزام بتطبيق قانون العمل الأردني، وتوفير بيئة عمل لائقة للعمال.
تحليل بنود هذه التعليمات؛ التي عنونت بـ”تعليمات التفتيش على المصانع المستفيدة من قرار لجنة الشراكة الاردنية الاوروبية، والمتعلق بتبسيط قواعد المنشأ للمصانع الاردنية للتصدير الى الاتحاد الاوروبي لسنة 2019″، يشير الى انها مخصصة فقط للمصانع الحاصلة على تصريح بالتصدير لدول الاتحاد الأوروبي، وعلى نحو أكثر تحديدا للمصانع المشتركة بالبرنامج، وهي 86 مصنعا فقط، وبهذا؛ فإن نسبة قليلة فقط من المصانع يجري التفتيش عليها.
وبشأن دور النقابة، فإن مهمتها تقتصر منذ بدء تنفيذ عقد العمل الموحد العام 2013، على إرسال العقد للعامل ليوقعه، مشتملا على 21 مادة، لا يوجد بينها ما يوضح للعامل، بأن المصنع يخصم منه 95 دينارا بدل مسكن وطعام.
ولكن بنود اتفاقية العمل الموحد، تضم مواد تشير إلى حق العامل بأن تقدم له إدارة المصنع وجبات طعام، ما يعني أن نقطة خصم المبلغ المالي، مقابل الطعام والمسكن، مذكورة فقط في عقد العمل الجماعي، الموقع بين النقابة واتحاد أصحاب المصانع وجمعية مصدري الألبسة فقط، والذي لا يطلع عليه العمال.
كذلك، ترفق النقابة ضمن العقد، نموذج اشتراك في النقابة وفقاً للمادة (13) من عقد عمل موّحد للعمال غير الأردنيين في قطاع صناعة الألبسة، يوضح أن رسوم العضوية في النقابة هي نصف دينار شهرياً (مجموع 6 دنانير سنوياً)، ويقتطع هذا المبلغ من أجور العامل شهريا مباشرة، ليضم هذا النموذج في آخره، سؤالا للعمال "هل تريد الانضمام للنقابة؟”.
بسؤال العمال عن هذا النموذج، بينوا أنهم عادة يوقعون كل العقد، بمعنى أنهم يوقعون على عقد العمل ومن ضمنه نموذج الانضمام للنقابة، لكنهم لا يشعرون بأن النقابة موجودة فعلا للدفاع عن حقوقهم، ومن ضمنها حقهم بتلقي غذاء جيد وصحي.
رئيس نقابة العاملين في الغزل والنسيج فتح الله العمراني، قال ان النقابة تهتم جدا بتوفير طعام كاف للعمال وبنوعية جيدة، لافتا الى انها تتدخل في حال راجعها العمال واشتكوا عدم كفاية الوجبات لهم، أو عدم جودتها.
وقال العمراني "وصلتنا سابقا شكاوى بهذا الخصوص، وعملنا على حلها مع ادارات المصانع التي كان اغلبها يستجيب لمطالبنا، لذلك ندعو العمال لتقديم شكوى بهذا الخصوص”
كما قامت مصادر بمحاولات اتصال مع الجهات المعنية بوزارة العمل ولكنها لم تحصل على أي رد.
35 عاما، مرت على نشأة أول مدينة صناعية مؤهلة في الأردن. كان ذلك في العام 1985، وهي مدينة عبدالله الثاني الصناعية بمدينة سحاب، وتقع على بعد 12 كلم جنوب شرق العاصمة، ثم توالى إنشاء المدن الصناعية لتصل الى 10 مدن حاليا، 4 منها قيد الإنشاء، وعدد مصانعها الإجمالي 843، يعمل فيها قرابة 52404 عاملا وعاملة، 84 % منهم مهاجرون.
يقيم غالبية عمال هذه المصانع في تجمعات تخصصها لهم هذه المدن، وتؤمنهم فيها بالطعام، لكن جزءا من هذهالمصانع، لم يول تغذية عامليه أي اهتمام، وانتهك واحدا من أبسط حقوقهم، بعدم تقديم طعام كاف وصحي ولائق لهم، ليضاف هذا الاعتداء على حقوقهم، في ظل ما يعيشونه أيضا من انتهاكات أخرى.
تقول ساميتا "قدمت للأردن للعمل خيّاطة في أحد مصانع مدينة الحسن. في الأيام الأولى لعملي رفضت تماما تناول أي وجبة يقدمها المصنع.. لا نكهة للطعام، ورائحته سيئة. عشت على المعلبات والخبز والأجبان والفاكهة على حسابي الخاص، لكن بعد مرور ثلاثة أسابيع من العمل، أدركت أن دخلي لن يسمح لي الاستمرار بشراء الطعام على حسابي، فبدأت أجبر نفسي على تناول ما يقدمه المصنع من وجبات، بخاصة وانهم يخصمون ثمنه من أجري”.
نشأت المناطق الصناعية المؤهلة، استنادا على اتفاقية وقعها الأردن مع اميركا، تسمح بتصدير ملابس تنتجها المدن الصناعية الى اميركا، دون خضوعها للجمارك، أو لأي ضرائب أميركية.
اللافت في تاريخ المدن الصناعية، كان في العام 2000، مع توقيع الأردن اتفاقية التجارة الحرة مع اميركا، واشترطت بنودها دخول إسرائيل كطرف في هذه الاتفاقية، على أن تخفض الجمارك الاميركية 10% سنوياً، لتصبح صفرا في العام 2010.
يمكن القول إن هذا العام؛ شهد وفاة اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة، فأصبح أغلب انتاجها يصدر عبر اتفاقية التجارة الحرة، التي سمحت لأي مصنع في الأردن بالتصدير لأميركا، وانتهى بذلك احتكار التصدير لمصانع المناطق الصناعية فقط.
يشار إلى أنه في العام 2005، أصبحت الدول المصدرة لأميركا كافة، وبعد انضمام أغلبها لمنظمة التجارة العالمية، تصدر بدون تحديد كمية، وبالتالي أثرت على حصة الأردن، فأصبح توجه السوق الأميركي يفضل البضائع الصينية لانخفاض أسعارها، ما شكل ضربة للصناعة الأردنية، بخاصة في مجال الملابس.
وعلى الرغم من أهمية ملف الحق في الغذاء لعمال مصانع الغزل والنسيج، التي تشكل أكثر من 98 % من مصانع المناطق الصناعية المؤهلة، وتشكل الاناث العاملات فيها 85 %، العمالة المهاجرة فيها نسبتها 84 %، لكن هذا الملف غاب عن أجندات الحكومة والنقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني.
وفي حال حضر ذكر له، بخاصة في التقارير الصادرة عن منظمات مجتمع مدني، فيكون خجولا ومستعجلا، وقد يعود ذلك لوجود انتهاكات يعتبرونها أولى بالاهتمام، كحرمان العاملين في المصانع من أجورهم، او تأخير دفعها، او حجز وثائقهم الرسمية.
الى جانب ذلك، فإن العاملين يعانون من عنف جسدي او لفظي او جنسي، ما يجعل مطالبتهم، او مطالبة أي جهة نقابية او حقوقية او حكومية، بحقهم في غذاء جيد وكاف ومستدام، أمرا وكأنه نوع من الرفاهية أو امتياز إضافي.
فهل فعلا يعتبر هذا الحق رفاهية أو نوعا من الكماليات؟
تنص المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي يعتبر الأردن طرفا فيها، على أن "تُقر الدول الأطراف في هذا العهد، بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، وأن يوفر له ما يفي بحاجته من الغذاء والكساء والمأوى”.
وبذلك؛ يربط هذا العهد بين توفير مستوى معيشي كاف يساعد الشخص، أكان مواطنا او مقيما او عاملا مهاجرا، وقدرته على توفير الغذاء والكساء والمأوى.
وفي حالة مصانع المدن الصناعية المؤهلة؛ ومن منطلق نظام حمائي أبوي، استقطب أرباب العمل في هذه المدن، (أصحاب عمل، تمثلهم غالبا الجمعية الأردنية لمصدري الألبسة والمنسوجات، ونقابتي اصحاب المصانع، والعاملين في الغزل والنسيج، ووزارة العمل) عمالة مهاجرة، على ان توفر لهم مصانعهم، المأوى والغذاء، مقابل خصم مبلغ من اجورهم، قدره 39 دينارا بدل طعام، و56 دينارا بدل سكن.
هذا الاتفاق؛ يجدد دوريا وفق بنود عقد العمل الجماعي، وفيه تفسر المادة (6) معنى الأجر، لتفرق هنا بين العامل الأردني وغير الأردني، اذ يستلم الأردني 220 دينارا، خضوعا للحد الأدنى للأجور، بينما العامل المهاجر والذي يؤكد العقد الجماعي ضرورة عدم التفريق بينه وبين الأردني، يتقاضى 110 دنانير كأجر أساسي و15 دينارا بدل غلاء معيشة، واعتبره العقد اجرا نقديا.
كما أضاف العقد، الأجر العيني؛ المتمثل بما يحتسب بـ95 دينارا، منها 56 دينارا بدل سكن و39 دينارا بدل طعام، وبذلك يكون مجموع ما يتقاضاه العامل المهاجر، مساويا لما يتقاضاه العامل الأردني، وفق عقد العمل الجماعي.
هذه الحسبة؛ تطرح أسئلة كثيرة: هل العمال راضون عنها؟ هل جرت مشاورتهم بهذه الحسبة؟ هل فعلا تقدم لهم وجبات طعام كافية ومغذية، تعينهم على مواصلة عملهم الشاق في المصانع؟ هل فعلا تصرف المصانع 95 دينارا على كل عامل وعاملة مقابل السكن والغذاء؟
خلال شهرين، هي مدة إعداد هذا التقرير، نفذت جولات عدة في مدن: الحسن الصناعية، الحسين بن عبدالله الثاني بالكرك، وعبدالله الثاني، تخللتها مقابلات مع عمال وعاملات وطباخين، وإدارات ولجان عمالية.
وقد مكنت هذه الجولات من الكشف عن ان غالبية المصانع، تقدم للعمال المهاجرين 3 وجبات؛ الافطار، ويتكون من رغيف خبز وبيضتين، او كأس حليب، وعادة تقدم هذه الوجبة في الـ6.30 صباحا داخل السكنات.
تختلف طريقة تقديم الإفطار أحيانا بين بعض المصانع، إذ يجري اللجوء في بعض المصانع لتوفير حصة لكل عامل/ة أسبوعيا، فيعطى علبة حليب سائل، ونصف طبق بيض غير مطهو، يحوي 14 بيضة وكيس خبز.
وبالطبع، يُلقى أمر سلق البيض على عاتق العامل/ة يوميا صباحا، فيما توفر بعض المصانع هذه الخدمة يوميا في غرف خاصة في السكنات، مزودة بمواقد يستخدمها العاملون لإعداد وجبات غذائية سريعة، او لإعداد مشروبات ساخنة.
وقد أوجدت هذه الغرف التي تسمى مطابخ، منذ اعوام قليلة، جراء احتجاجات عمالية، ضد منع إدارات المصانع توفير مواقد لعاملي السكنات، ما اضطر العاملين حينها لتهريب مواقد سرا لسكناتهم، يضعونها في غرفهم، فتسببت بحرائق عديدة.
في مركز العمال التابع لمنظمة العمل الدولية بمدينة الحسن، بين عاملون من الجنسين، ان ما يقدم لهم خلال وجبة الفطور لا يشبعهم.
وكون غالبيتهم يأتون من بلدان آسيوية، اعتادوا فيها على أنماط معينة من الأطعمة، مكونها الرئيس هو الأرز، فإن ما يتناولونه من أطعمة في سكناتهم، غير مستساغ لهم، إذ أن غالبيتهم لا يفضلون البيض المسلوق كوجبة إفطار.
عاملة قالت "يتوقعون منا بأن نعمل 12 ساعة يوميا؛ أربع ساعات منها عمل إضافي يجبروننا على الالتزام بها، بينما يقدمون لنا وجبة إفطار مكونة من بيض مسلوق وحليب! يوميا النوع نفسه من الطعام عند الإفطار، وأنا لا أحب البيض، لذلك لا أتناول هذه الوجبة، وانتظر أكثر من خمس ساعات، إلى أن يحين موعد الغداء، فأتناوله أيضا مجبرة، لأن مذاقه سيئ، وغالبا يكون غير نظيف”.
أما الوجبة الثانية، فهي الغداء، وتعد في مطابخ كبيرة بالمصانع، مخصصة لهذه الغاية، ويفترض بان يكون هناك تنويع في وجبات الغداء، بحيث تحوي أسبوعيا الأرز والدجاج والسمك، لكن على أرض الواقع، تلجأ المصانع لتوفير الوجبة نفسها يوميا، وهي تحوي الأرز وقطعة دجاج، وصلصة تشتمل على بعض أنواع البقول.
أغلب احتجاجات العمال والعاملات على وجبة الغداء، تتبلور في انها وجبات غير نظيفة غالبا.
عند التجوال على المطابخ، يتكشف انعدام معايير النظافة فيها، اذ أن الطبخ يجري في أوان قديمة، ويعاد الطبخ فيها يوميا من دون تنظيفها، كما تفتقد غالبية مطابخ المصانع لأدوات ومود التنظيف، كسائل الجلي والكلور، او لتنظيف محتويات الطبخ، كالدجاج، إذ تنعدم مواد الخل والطحين والليمون التي تستخدم في تنظيفها وطرد الروائح الكريهة منها، مع انها مواد ضرورية لتنظيف اللحوم بخاصة الدجاج.
كما تنعدم أماكن تخزين جيد للطعام، اذ توضع المكونات على ارفف خشبية قديمة، فيما تلقى صناديق المعلبات وأكياس الخضراوات والدجاج في كراتين على الأرض.
غالبية العاملين ممن جرت مقابلتهم؛ اشتكوا من ان وجبة الغداء ليس لها طعم، اذ لا توفر إدارات المصانع أي نوع من البهارات او المنكهات لها أثناء الطبخ. وعند سؤال طاه في أحد المصانع، وهو هندي الجنسية، قال ان الطهاة يطالبون دائما بتوفير بهارات ومنكهات طعام وأوان جديدة وخضراوات جيدة، لكن لا أحد يسمعهم، كما لا توفر إدارة المصانع سوى المكونات الرئيسة كالأرز والدجاج والزيت ومعلبات البقوليات، وتغيب بقية المكونات، وتنعدم الفاكهة والحلويات عن قائمة كافة وجبات العمال.
بالنسبة لوجبة العشاء، فتتكون من بقايا وجبة الغداء، وترسل للسكنات عند الساعة الـ50.00 مساء، وغالبية العاملين، قالوا انهم لا يتناولونها، لأنهم أساسا يتناولون الغداء محبرين، فيضطرون لشراء عشائهم من مالهم الخاص، وغالبا ما يكون من الأجبان والألبان وبعض الخضراوات والفاكهة، ويعدونه بأنفسهم.
إحدى العاملات قالت "أسكن مع 11 عاملة في غرفة مساحتها 16م في 6 م. ومع بداية كل أسبوع، نجمع مبلغا ماليا من كل منا، ونحضر معلبات وخضراوات وأجبان وألبان وعصائر وماء للشرب، ونتناوب على تحضير العشاء للجميع”.
هذه الروايات التي رصدت خلال الجولة، يؤكدها التقرير الأخير لبرنامج "عمل أفضل”، التابع لمنظمة العمل الدولية، وهو برنامج يحاول تعزيز وترسيخ شروط العمل اللائق في مصانع المدن الصناعية المؤهلة.
يقول التقرير إنه من بين 86 مصنعا جرى تقييمها من البرنامج، عثر على 20 مصنعا لا يجري فيها تقديم طعام لائق للعاملين، و12 مصنعا لا توفر مكانا مناسبا لتقديم الطعام لهم.
وقال التقرير الذي يحمل عنوان "تقرير الامتثال لبرنامج عمل أفضل- الأردن 2019” إن "غالبية العمال ممن جرت مقابلتهم في 86 مصنعا، أشاروا الى قلقهم بشأن جودة الغذاء و/ او كميته”، لكن وبناء على معايير يعتمدها البرنامج لتقييم مدى التزام المصانع بتقديم غذاء جيد وكاف ونظيف للعاملين، تبين ان 20 مصنعا هي من لا تلتزم نهائيا بذلك، و12 لا توفر مكانا لتقديم الطعام”.
يذكر ان هذا البرنامج الذي بدأ عمله في الأردن العام 2008، بمراقبة وتقييم المصانع العام 2009، بعد طلب رسمي من الحكومة وقتها، وألزمت مصانع بالتعاون معه، اقتصر عمله على 86 مصنعا فقط، من بين 843 مصنعا، تعمل حاليا في المدن الصناعية.
في حين يبدو ان الرقابة على بقية المصانع، تكاد تصل لأدنى مستوياتها، نتيجة ضعف كوادر التفتيش بوزارة العمل، يرافقها "تخلي النقابة العامة للغزل والنسيج عن ممارسة دورها كرقيب على أوضاع العاملين”.
يقول تقرير البرنامج، إن العمال "أشاروا في عدد من المصانع الى عدم رضاهم عن الطعام المقدم، اذ زادت نسبة شكاواهم العام 2018 بخصوص الطعام المقدم لهم عن العام 2017 بمقدار 11 نقطة مئوية، وتتعلق غالبية الشكاوى بعدم الحصول على ما يكفي من الخضراوات واللحوم المطبوخة”.
وأضاف التقرير "نظرا لأن أصحاب العمل، يغطون تكاليف وجبات الطعام بخصمها من الأجر العيني للعمال الوافدين، فيجب عليهم أيضا توفير الغذاء الجيد للعمال. وسيلفت البرنامج انتباه أصحاب المصلحة في القطاع لهذه المسألة، ويحث أصحاب العمل على اتخاذ إجراءات فورية. وسيؤكد الحاجة لتوفير غذاء يستوفي معايير التغذية للعمال، وسيوصي بأن يستشير أصحاب العمل خبراء في هذا المجال”.
وبشأن دور الوزارة، فإن زياراتها التفتيشية لهذه المصانع لمراقبة واقع العمال، وعيشهم "قليلة جدا”، ولا تتم إلا عندما تقدم شكوى من عاملين، وغالبا ما يخافون التقدم بأي شكوى حيال أي انتهاك يرتكب بحقهم.
يشار هنا إلى أن عدد المفتشين في الوزارة لا يزيد عددهم على 250، مطلوب منهم التفتيش على آلاف الشركات والمنشآت، ما يعني أن فرص تفتيشهم على المصانع محدودة جدا، وفي حال زيارتهم للمصانع، فإنهم يركزون على معاييرها الأساسية، كمدى التزامها بتسليم الأجور في وقتها، ونسبة العمال الأردنيين فيها.
في تموز (يوليو) العام الماضي، نشرت تعليمات صدرت عن الوزارة في الجريدة الرسمية، اشتملت على بنود تسمح للجنة تفتيش مشتركة بين الوزارة ومنظمة العمل، ممثلة بالبرنامج بالدخول للمصانع والتفتيش على التزامها بالمعايير القانونية التي وضعتها الوزارة سابقا، وتتعلق بنسبة تشغيل الأردنيين التي يجب الا تقل عن 25% وتشغيل لاجئين سوريين، والالتزام بتطبيق قانون العمل الأردني، وتوفير بيئة عمل لائقة للعمال.
تحليل بنود هذه التعليمات؛ التي عنونت بـ”تعليمات التفتيش على المصانع المستفيدة من قرار لجنة الشراكة الاردنية الاوروبية، والمتعلق بتبسيط قواعد المنشأ للمصانع الاردنية للتصدير الى الاتحاد الاوروبي لسنة 2019″، يشير الى انها مخصصة فقط للمصانع الحاصلة على تصريح بالتصدير لدول الاتحاد الأوروبي، وعلى نحو أكثر تحديدا للمصانع المشتركة بالبرنامج، وهي 86 مصنعا فقط، وبهذا؛ فإن نسبة قليلة فقط من المصانع يجري التفتيش عليها.
وبشأن دور النقابة، فإن مهمتها تقتصر منذ بدء تنفيذ عقد العمل الموحد العام 2013، على إرسال العقد للعامل ليوقعه، مشتملا على 21 مادة، لا يوجد بينها ما يوضح للعامل، بأن المصنع يخصم منه 95 دينارا بدل مسكن وطعام.
ولكن بنود اتفاقية العمل الموحد، تضم مواد تشير إلى حق العامل بأن تقدم له إدارة المصنع وجبات طعام، ما يعني أن نقطة خصم المبلغ المالي، مقابل الطعام والمسكن، مذكورة فقط في عقد العمل الجماعي، الموقع بين النقابة واتحاد أصحاب المصانع وجمعية مصدري الألبسة فقط، والذي لا يطلع عليه العمال.
كذلك، ترفق النقابة ضمن العقد، نموذج اشتراك في النقابة وفقاً للمادة (13) من عقد عمل موّحد للعمال غير الأردنيين في قطاع صناعة الألبسة، يوضح أن رسوم العضوية في النقابة هي نصف دينار شهرياً (مجموع 6 دنانير سنوياً)، ويقتطع هذا المبلغ من أجور العامل شهريا مباشرة، ليضم هذا النموذج في آخره، سؤالا للعمال "هل تريد الانضمام للنقابة؟”.
بسؤال العمال عن هذا النموذج، بينوا أنهم عادة يوقعون كل العقد، بمعنى أنهم يوقعون على عقد العمل ومن ضمنه نموذج الانضمام للنقابة، لكنهم لا يشعرون بأن النقابة موجودة فعلا للدفاع عن حقوقهم، ومن ضمنها حقهم بتلقي غذاء جيد وصحي.
رئيس نقابة العاملين في الغزل والنسيج فتح الله العمراني، قال ان النقابة تهتم جدا بتوفير طعام كاف للعمال وبنوعية جيدة، لافتا الى انها تتدخل في حال راجعها العمال واشتكوا عدم كفاية الوجبات لهم، أو عدم جودتها.
وقال العمراني "وصلتنا سابقا شكاوى بهذا الخصوص، وعملنا على حلها مع ادارات المصانع التي كان اغلبها يستجيب لمطالبنا، لذلك ندعو العمال لتقديم شكوى بهذا الخصوص”
كما قامت مصادر بمحاولات اتصال مع الجهات المعنية بوزارة العمل ولكنها لم تحصل على أي رد.