فقر المرأة...أسباب متشابكة تزيد الظاهرة تعقيدا
الوقائع الإخبارية : في أحد منازل عمان الغربية تعمل ريهام (اسم مستعار) الأربعينيّة عاملة منزل، وتتقاضى 90 دينارا أجرا أسبوعيا (زهاء 360 دينارا شهريا).
ريهام تعتبر المعيلة الوحيدة لعائلتها المكونة من طفلين وزوج لا يعمل بسبب مرضه، وهي تعمل يوميا من 6 إلى 8 ساعات، وليس لديها تأمين صحي أو ضمان اجتماعي.
وليس لدى ريهام تأمين صحي أو ضمان اجتماعي، وبدا على وجهها الدهشة عند سؤالها عن هذا التأمين.
في منطقة أخرى من العاصمة عمان كانت أم محمد (اسم مستعار) تجلس خلف مكتب صغير في إحدى الجمعيات الخيرية التي وظفتها بـ200 دينار شهريا مقابل تسلم الطلبات والاجابة عن الاستفسارات الواردة على الهاتف.
أم محمد تعمل أيضا في المنازل بين الحين والآخر وفق قولها، لتزيد من دخل أسرتها المكونة من 4 أبناء وزوج محكوم عليه بالسجن منذ أكثر من عام ونصف.
تعمل هذه السيدة منذ ما يزيد على 20 عاما في أعمال وصفتها بأنها "غير مستقرة” تارة عاملة نظافة في إحدى المؤسسات ومرة أخرى في جمعيات ومدارس ومرات عدة عاملة في المنازل.
وهي أيضا ليس لديها ضمان اجتماعي، وحظيت هي وأبناؤها بتأمين صحي "أسر السجناء”.
وتشير الى أنّها كانت تتقاضى 146 دينارا شهريا من التنمية الاجتماعية، إلا أنها خفضت إلى 50 دينارا بعد انضمام ابنها الأكبر إلى التدريب المهني وتقاضيه 150 دينارا شهريا مقابل تدريبه.
أسرتا ريهام وأم محمد تعتبران ضمن العائلات التي تدخل ضمن خط الفقر في المملكة، والذي يقدّر ب100 دينار شهريا للفرد (480 دينارا شهريا للأسرة المعيارية التي حددت بـ 4.8 فرد وفقا لدائرة الاحصاءات العامة).
وتلفت هاتان السيدتان بقصتيهما إلى ظاهرة باتت تعرف عالميا بـ ظاهرة "تأنيث الفقر”، والتي تعني ارتفاع نسب الفقر لدى النساء مقارنة بالذكور في بلد ما.
ورغم رفض دائرة الاحصاءات العامة عن الافصاح عن نسب الفقر وأعداد الفقيرات النساء في المملكة، إلّا أن هناك دراسة صادرة عن الاحصاءات بعنوان "المرأة والرجل في الأردن- صورة احصائية” تشير إلى أن نتائج الفقر للعام 2010 بينت أن نسبة الفقر بين الاناث تقدّر بـ7.4 %، فيما أن هذه النسبة بين الذكور قد قدرت بـ6.9 %.
ويصف صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (UNIFEM) "تأنيث الفقر” بأنه "عبء الفقر الذي تتحمله المرأة، خاصة في الدول النامية”.
و”لا تعتبر هذه الظاهرة نتيجة لضعف الدخل فقط، بل هي أيضا نتيجة للحرمان من الفرص والوصول الى مصادر الدخل المتاحة”.
وتشير الأستاذة المشاركة في علم الاجتماع ودراسات المرأة في مركز دراسات المرأة /الجامعة الأردنية الدكتورة أمل العواودة إلى أنّ معدلات الفقر وحدته لدى النساء أعلى منها لدى الرجال، وهذا ما يؤكد انتشار ظاهرة "تأنيث الفقر” بسبب تركز المال في أيدي الرجال، مقابل حرمان النساء، وأن حدة فقر النساء أكبر مما هي بين الرجال مما يعكس فرص المرأة الأقل.
وقد ظهرت هذه الآثار على المستوى المحلي – بحسب العواودة- بسبب انتشار البطالة بين النساء وانخفاض مشاركتهن الاقتصادية بالدرجة الأولى، إضافة إلى "خصخصة الكثير من المؤسسات العامة” والتي تعد المصدر الرئيسي لتوظيف النساء في الأردن، وعزوف القطاع الخاص عن توظيف المرأة لأسباب عدة اقتصادية واجتماعية.
وترى العواودة أن مفهوم الفقر بشكل عام هو مفهوم مركب متعدد الأبعاد يتجاوز مجرد الحرمان من الضرورات المادية، ليتضمن أيضا الحرمان من الخيارات والفرص التي تعتبر أساسية لتحقيق التنمية البشرية.
وتبين العواودة أنّ مفهوم الفقر اقتصاديا يشير إلى عدم القدرة على المواءمة بين الدخل والإنفاق أو عدم القدرة على إشباع الحاجات الأساسية، لكنّه أيضا يرتبط بالحرمان من الحريات الأساسية التي تمكنه من الوصول إلى مصادر وموارد الدخل. وتوضح أن ظاهرة الفقر ترتبط بالجانب المادي دائما، إلا أن لها أوجها أخرى ترتبط بالتهميش والتمييز الاجتماعي والسياسي لضعف القدرة على اتخاذ القرارات المرتبط بالتمكين الاقتصادي للمرأة.
وتعرف العواودة ظاهرة تأنيث الفقر بـ”عدم تكافؤ الفرص في التعليم والعمل وملكية الأصول وإتاحة فرص أقل للمرأة”، وهي ترى بأن من شأن هذه الظاهرة أن تعمق الفجوات بين الجنسين على مستوى الملكية والتمكين الاقتصادي.
فالنساء أكثر تعرضا للفقر وأكثر معاناة من التعرض لآثاره سواء في الدول النامية أو الدول المتقدمة والسبب الأساسي لهذه الظاهرة يكمن في التقسيم الجنسوي للعمل الذي يجعل من العمل مدفوع الأجر مسؤولية الرجال في الأساس فيما تقوم المرأة بمهمات العمل غير مدفوع الأجر.
وتذكر العواودة أنّ ما يسمى بالـ "الاسقف الزجاجية” التي تحول دون وصولها لمواقع قيادية عليا وبالتالي تمتعها بدخل عالٍ سوف يصعد من وتيرة انتشار تأنيث الفقر.
وتلفت العواودة إلى أنّ النساء في حال توفر لهن دخل ينفقن دخلهن على رعاية وتوفير الغذاء لأسرهن أكثر من الرجال، كما أن دخلهن يوجه لتوفير الحاجات الأساسية لأطفالهن وكلما زاد دخل الأم قلت احتمالية أن يعاني أطفالها من الجوع وسوء التغذية.
وتوفر النساء خدمات مجانية للأسر قد تكلف الدول الكثير للحصول على نفس الأثر. هذا بالإضافة لفكرة مكافحة فقر القدرات التي تمنع نصف المجتمع من المشاركة الفعالة في التنمية. والهدر العام لمواهب النساء وقدراتهن وامكانياتهن على صعيد الانتاج والانتاجية التي تحسن من اوضاعهن الاقتصادية وترفع من مستوى انتاجية المؤسسات التي يعملن بها.
ناهيك عن وجود الفروقات ما بين الأسر الفقيرة التي يرأسها الرجال والأسر التي ترأسها امرأة حيث تكون أسر النساء أشد فقرا وتزداد سوءا فيما إذا كانت تعاني من عدم المساواة والاقصاء من عمليات التنمية البشرية.
ووفقا لرئيسة جمعية "شقائق الرجال” الخيرية صالحة العجلوني فإنّ الفقر منتشر بين الاناث أكثر كون فرص العمل بالعادة ما تكون من نصيب الرجل، فيما أنّ هذه الفرص ولو وجدت فهي تكون قليلة جدا ومنخفضة الأجر.
وتشير العجلوني إلى أنّ هذه الظاهرة تنتشر أكثر بين النساء غير المتعلمات واللاتي لم يحصلن على التدريب والتأهيل الكافي.
وبالتالي فإنّ هؤلاء السيدات حتى عندما يقررن انشاء مشروع خاص بهن فإن هذا المشروع يكون متواضعا صغيرا وغالبا ضمن المهن التقليدية التي ارتبطت بالمرأة والتي لا تحصل دخلا جيدا. وتقف الالتزامات العائلية عائقا أساسيا أمام السيدات للعمل وبالتالي بقاؤهن تحت الفقر، حيث لا يستطعن الذهاب إلى أي عمل في حال كان لديهن أطفال ومسؤوليات عائلية.
وتلفت العجلوني إلى أنّ هناك فئة من هؤلاء السيدات "استسهلت” ولم تعد تبحث أصلا عن عمل خصوصا أنها تتلقى المعونات والمساعدات من جهات مختلفة.
ريهام تعتبر المعيلة الوحيدة لعائلتها المكونة من طفلين وزوج لا يعمل بسبب مرضه، وهي تعمل يوميا من 6 إلى 8 ساعات، وليس لديها تأمين صحي أو ضمان اجتماعي.
وليس لدى ريهام تأمين صحي أو ضمان اجتماعي، وبدا على وجهها الدهشة عند سؤالها عن هذا التأمين.
في منطقة أخرى من العاصمة عمان كانت أم محمد (اسم مستعار) تجلس خلف مكتب صغير في إحدى الجمعيات الخيرية التي وظفتها بـ200 دينار شهريا مقابل تسلم الطلبات والاجابة عن الاستفسارات الواردة على الهاتف.
أم محمد تعمل أيضا في المنازل بين الحين والآخر وفق قولها، لتزيد من دخل أسرتها المكونة من 4 أبناء وزوج محكوم عليه بالسجن منذ أكثر من عام ونصف.
تعمل هذه السيدة منذ ما يزيد على 20 عاما في أعمال وصفتها بأنها "غير مستقرة” تارة عاملة نظافة في إحدى المؤسسات ومرة أخرى في جمعيات ومدارس ومرات عدة عاملة في المنازل.
وهي أيضا ليس لديها ضمان اجتماعي، وحظيت هي وأبناؤها بتأمين صحي "أسر السجناء”.
وتشير الى أنّها كانت تتقاضى 146 دينارا شهريا من التنمية الاجتماعية، إلا أنها خفضت إلى 50 دينارا بعد انضمام ابنها الأكبر إلى التدريب المهني وتقاضيه 150 دينارا شهريا مقابل تدريبه.
أسرتا ريهام وأم محمد تعتبران ضمن العائلات التي تدخل ضمن خط الفقر في المملكة، والذي يقدّر ب100 دينار شهريا للفرد (480 دينارا شهريا للأسرة المعيارية التي حددت بـ 4.8 فرد وفقا لدائرة الاحصاءات العامة).
وتلفت هاتان السيدتان بقصتيهما إلى ظاهرة باتت تعرف عالميا بـ ظاهرة "تأنيث الفقر”، والتي تعني ارتفاع نسب الفقر لدى النساء مقارنة بالذكور في بلد ما.
ورغم رفض دائرة الاحصاءات العامة عن الافصاح عن نسب الفقر وأعداد الفقيرات النساء في المملكة، إلّا أن هناك دراسة صادرة عن الاحصاءات بعنوان "المرأة والرجل في الأردن- صورة احصائية” تشير إلى أن نتائج الفقر للعام 2010 بينت أن نسبة الفقر بين الاناث تقدّر بـ7.4 %، فيما أن هذه النسبة بين الذكور قد قدرت بـ6.9 %.
ويصف صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (UNIFEM) "تأنيث الفقر” بأنه "عبء الفقر الذي تتحمله المرأة، خاصة في الدول النامية”.
و”لا تعتبر هذه الظاهرة نتيجة لضعف الدخل فقط، بل هي أيضا نتيجة للحرمان من الفرص والوصول الى مصادر الدخل المتاحة”.
وتشير الأستاذة المشاركة في علم الاجتماع ودراسات المرأة في مركز دراسات المرأة /الجامعة الأردنية الدكتورة أمل العواودة إلى أنّ معدلات الفقر وحدته لدى النساء أعلى منها لدى الرجال، وهذا ما يؤكد انتشار ظاهرة "تأنيث الفقر” بسبب تركز المال في أيدي الرجال، مقابل حرمان النساء، وأن حدة فقر النساء أكبر مما هي بين الرجال مما يعكس فرص المرأة الأقل.
وقد ظهرت هذه الآثار على المستوى المحلي – بحسب العواودة- بسبب انتشار البطالة بين النساء وانخفاض مشاركتهن الاقتصادية بالدرجة الأولى، إضافة إلى "خصخصة الكثير من المؤسسات العامة” والتي تعد المصدر الرئيسي لتوظيف النساء في الأردن، وعزوف القطاع الخاص عن توظيف المرأة لأسباب عدة اقتصادية واجتماعية.
وترى العواودة أن مفهوم الفقر بشكل عام هو مفهوم مركب متعدد الأبعاد يتجاوز مجرد الحرمان من الضرورات المادية، ليتضمن أيضا الحرمان من الخيارات والفرص التي تعتبر أساسية لتحقيق التنمية البشرية.
وتبين العواودة أنّ مفهوم الفقر اقتصاديا يشير إلى عدم القدرة على المواءمة بين الدخل والإنفاق أو عدم القدرة على إشباع الحاجات الأساسية، لكنّه أيضا يرتبط بالحرمان من الحريات الأساسية التي تمكنه من الوصول إلى مصادر وموارد الدخل. وتوضح أن ظاهرة الفقر ترتبط بالجانب المادي دائما، إلا أن لها أوجها أخرى ترتبط بالتهميش والتمييز الاجتماعي والسياسي لضعف القدرة على اتخاذ القرارات المرتبط بالتمكين الاقتصادي للمرأة.
وتعرف العواودة ظاهرة تأنيث الفقر بـ”عدم تكافؤ الفرص في التعليم والعمل وملكية الأصول وإتاحة فرص أقل للمرأة”، وهي ترى بأن من شأن هذه الظاهرة أن تعمق الفجوات بين الجنسين على مستوى الملكية والتمكين الاقتصادي.
فالنساء أكثر تعرضا للفقر وأكثر معاناة من التعرض لآثاره سواء في الدول النامية أو الدول المتقدمة والسبب الأساسي لهذه الظاهرة يكمن في التقسيم الجنسوي للعمل الذي يجعل من العمل مدفوع الأجر مسؤولية الرجال في الأساس فيما تقوم المرأة بمهمات العمل غير مدفوع الأجر.
وتذكر العواودة أنّ ما يسمى بالـ "الاسقف الزجاجية” التي تحول دون وصولها لمواقع قيادية عليا وبالتالي تمتعها بدخل عالٍ سوف يصعد من وتيرة انتشار تأنيث الفقر.
وتلفت العواودة إلى أنّ النساء في حال توفر لهن دخل ينفقن دخلهن على رعاية وتوفير الغذاء لأسرهن أكثر من الرجال، كما أن دخلهن يوجه لتوفير الحاجات الأساسية لأطفالهن وكلما زاد دخل الأم قلت احتمالية أن يعاني أطفالها من الجوع وسوء التغذية.
وتوفر النساء خدمات مجانية للأسر قد تكلف الدول الكثير للحصول على نفس الأثر. هذا بالإضافة لفكرة مكافحة فقر القدرات التي تمنع نصف المجتمع من المشاركة الفعالة في التنمية. والهدر العام لمواهب النساء وقدراتهن وامكانياتهن على صعيد الانتاج والانتاجية التي تحسن من اوضاعهن الاقتصادية وترفع من مستوى انتاجية المؤسسات التي يعملن بها.
ناهيك عن وجود الفروقات ما بين الأسر الفقيرة التي يرأسها الرجال والأسر التي ترأسها امرأة حيث تكون أسر النساء أشد فقرا وتزداد سوءا فيما إذا كانت تعاني من عدم المساواة والاقصاء من عمليات التنمية البشرية.
ووفقا لرئيسة جمعية "شقائق الرجال” الخيرية صالحة العجلوني فإنّ الفقر منتشر بين الاناث أكثر كون فرص العمل بالعادة ما تكون من نصيب الرجل، فيما أنّ هذه الفرص ولو وجدت فهي تكون قليلة جدا ومنخفضة الأجر.
وتشير العجلوني إلى أنّ هذه الظاهرة تنتشر أكثر بين النساء غير المتعلمات واللاتي لم يحصلن على التدريب والتأهيل الكافي.
وبالتالي فإنّ هؤلاء السيدات حتى عندما يقررن انشاء مشروع خاص بهن فإن هذا المشروع يكون متواضعا صغيرا وغالبا ضمن المهن التقليدية التي ارتبطت بالمرأة والتي لا تحصل دخلا جيدا. وتقف الالتزامات العائلية عائقا أساسيا أمام السيدات للعمل وبالتالي بقاؤهن تحت الفقر، حيث لا يستطعن الذهاب إلى أي عمل في حال كان لديهن أطفال ومسؤوليات عائلية.
وتلفت العجلوني إلى أنّ هناك فئة من هؤلاء السيدات "استسهلت” ولم تعد تبحث أصلا عن عمل خصوصا أنها تتلقى المعونات والمساعدات من جهات مختلفة.