هل صارت المواجهة بين الأسد وأردوغان حتمية؟

هل صارت المواجهة بين الأسد وأردوغان حتمية؟
الوقائع الإخبارية : منذ بداية الحرب الأهلية السورية في منتصف عام 2011، لم تقع صدامات مباشرة بين قوات تركية والجيش السوري إلا الأسبوع الماضي، عندما قتل، حسب بيان عسكري تركي، سبعة جنود أتراك ومدني بأثر قصف نفذته قوات سورية تقدمت نحو محافظة إدلب، في شمال غرب البلاد.
تركيا تراقب التقدم الذي حققه الجيش السوري بدعم جوي روسي في محافظة إدلب وتتجهز للتصدي له.
مواجهة أوسع؟
لذا يتساءل جوناثان سباير، مدير مركز الشرق الأوسط للتحرير والتحليلات، وزميل منتدى الشرق الأوسط، عما إذا كان هذا الحادث ينذر بمواجهة أوسع بين تركيا وحلفاء النظام السوري على الارض السورية وعن تبعاته على مساعي روسية للحفاظ على عملية ديبلوماسية تهدف لإنهاء الحرب في سوريا؟. وهل سيتضرر تقارب تركي – روسي، شكل في العام الماضي، حضوراً ملحوظاً في ديبلوماسية المنطقة؟.
وكبداية، لا يشكك الكاتب في أن مهاجمة عناصر نظام الاسد للقوات التركية تعد ضربة للديبلوماسية الروسية. فقد سعت روسيا، منذ بروزها كوسيط ديبلوماسي رئيسي في سوريا بعد انخراطها في القتال في سبتمبر( أيلول) 2015، للحفاظ على علاقات ودية مع عدد من الأطراف المتحاربة، بين إسرائيل وإيران، وبين تركيا وحزب العمال الكردستاني، وأيضاً بين تركيا والحكومة السورية. وهذه هي المرة الأولى التي يشتبك فيها عسكريون أتراك مع الجيش السوري.
تحرك ديناميكي
ولكن الكاتب يرى بأن ذلك التحرك الديناميكي لا يعني انهيار الوساطة والديبلوماسية الروسية عموماً. فقد قتلت إسرائيل جنوداً إيرانيين في عدة مناسبات أثناء غاراتها الجوية طوال السنوات الثلاث الماضية. وجرى كل ذلك فيما تواجدت دفاعات جوية روسية في غرب سوريا.

وعلى نفس المنوال، خيبت موسكو آمال أكراد سوريين مرات، من أجل تحقيق هدف روسي استراتيجي يتمثل في إبعاد تركيا عن تحالفها مع الولايات المتحدة. فقد أبعِد عاملون روس عن منطقة عفرين، ما سهل غزواً تركياً إلى تلك المنطقة، وأدى لتشريد 300 ألف كردي سوري، عند تنفيذ عملية غصن الزيتون في بداية عام 2018.
منع كارثة
ورغم ذلك، يرى الكاتب أن تلك الخيانات الروسية لم تؤد لابتعاد الإيرانيين أو الأكراد السوريين تماماً عن موسكو. وعلى نقيض ذلك، يحتاج كلا القوتين لعلاقتهما مع روسيا لتحقيق بعض مما يطمحون إليه. إذ بدون الوجود الروسي، كان من المرجح أن تكون العمليات الإسرائيلية ضد إيران في سوريا أشد ضراوة. وفي نفس الوقت، منعت روسيا تكرار كارثة عملية غصن الزيتون على نطاق أوسع في شرق الفرات في أكتوبر( تشرين الأول) 2019، عندما بعثت بقوات عبر النهر، وتوسطت لوقف القتال، في 22 أكتوبر(تشرين الأول)، ما منع تقدماً تركياً.
ونتيجة قرار أمريكي لتجنب مشاركة واسعة في الحرب السورية، برزت روسيا كعنصر عسكري حازم وكقوة ديبلوماسية رئيسية في البلاد. ونظراً لأن الجميع بحاجة لتحقيق أي شيء ممكن، وبسبب عدم وجود راعٍ بديل لتنفيذ عدد من المهام في سوريا، تبقى موسكو شريكاً لا غنى عنه بالنسبة للجميع.
ديناميكية
وباعتقاد كاتب المقال، يتوقع أن تنطبق هذه الديناميكية على حالة تركيا ودمشق وإدلب.
ولا شك في أن تركيا خائبة من تقدم كبير حققه الجيش السوري بدعم جوي روسي في محافظة إدلب. ووجه الرئيس التركي أردوغان، قبل أسبوع، تحذيراً للأسد بوجوب سحب قواته لما وراء نقاط مراقبة تركية بحلول نهاية فبراير (شباط)، أو مواجهة عواقب.
وصرح أردوغان بأن عملية أستانة الديبلوماسية برعاية روسية أصبحت "ميتة"، وانتقد روسيا لعدم إيفائها بالتزاماتها وفق اتفاق سوتشي الموقع في سبتمبر( أيلول) 2018.
ومن المشكوك فيه إلى حد كبير أن الأسد سيصغي إلى ذلك التحذير. فقد بات الجيش السوري على مسافة 8 كيلومترات من مركز مدينة إدلب، آخر مدينة رئيسية تحت قبضة المعارضة. ويبدو الأسد مصمماً على رفع علمه على كامل الأراضي السورية. وتدعمه في ذلك روسيا التي ستصبح القوة الحقيقية في البلاد، لو تحقق له ذلك.
ولكن حتى لو جرى اشتباك عسكري محدود بين القوات التركية والسورية، ستكون هناك حاجة لإنهائه ديبلوماسياً. وتبقى روسيا المقصد الوحيد للتوصل إلى أي حل ديبلوماسي في سوريا.


تابعوا الوقائع على