تأييد حقوقي لتجريم انتهاك خصوصية مصابي "كورونا"

تأييد حقوقي لتجريم انتهاك خصوصية مصابي كورونا
الوقائع الإخبارية: استقبل قانونيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، أمر الدفاع (8)، بردود فعل متباينة، فمنهم من أشاد بتجريم مخالفة تعليمات السلامة العامة جراء تفشي فيروس كورونا، والتشهير بمصابي المرض ومخالطيهم، ومنهم من رأى أن تغليظ العقوبات، غير مبرر ولا ينسجم مع طبيعة الجرم بما "قد” يمس حرية التعبير في وسائل الإعلام”.
وتضمن الأمر قرارات، أولها؛ وجوب الافصاح للسلطات عن الإصابة بالفيروس، أو إصابة آخرين، أو مخالطين، والالتزام بتعليمات الحكومة فورا، لمنع انتشار العدوى، بما في ذلك الحجر المنزلي أو الصحي، وعدم عرقلة أية تعليمات صادرة عن لجنة الأوبئة بهذا الشأن، وعدم تعريض أي شخص للعدوى والالتزام بالتدابير الوقائية.
كما تطرق في المادة (2) منه، لتجريم أي انتهاك لخصوصية المرضى، كعرض الأسماء أو الصور أو أماكن العمل أو السكن، بنشرها أو إعادة نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من الوسائط، باستثناء الجهات المصرح لها.
وشمل البند (2)؛ تجريم: وسائل الاعلام، اذ حظر نشر أو إعادة نشر أو تداول أي أخبار حول الوباء تروع الناس، وفرض عقوبات مغلظة تصل إلى الحبس 3 سنوات وغرامة 3 آلاف دينار كحد أقصى على أي مخالفات للأمر، أو العقوبتين معا.
المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبدالعزيز، بينت أن هناك ضرورة قصوى لحماية خصوصية الحالات المصابة وتجريم انتهاكها، فالنشر عبر وسائل التواصل، عائق حقيقي أمام التبليغ، ودافع لإحراج عائلات المصابين أو المخالطين، يمنعهم من التبليغ أو طلب المساعدة في الحالات المرضية، خشية "الوصمة الاجتماعية”.
وتعتقد عبد العزيز في تصريح له أن تعطيل بنود في قانون الصحة العامة، تتعلق بمعاقبة من يخفي مصابا قصدا، أو تعريض شخص للعدوى بمرض وبائي، أو عدم تبليغ الطبيب المعالج لمصاب بمرض سار، والعقوبات المترتبة على ذلك، كانت مناسبة، ولم تكن هناك حاجة لتعطيلها، بل كان يمكن تفعيلها بدلالة قانون الدفاع ذاته، واللجوء لعقوبة الحبس بين شهرين إلى سنة، كما ورد في المادة (66)، أو بغرامة لا تقل عن 500 دينار، ولا تزيد على ألف أو بكلتاهما، وقالت إن "عقوبة الحبس 3 سنوات تعتبر كبيرة، وعقوبة الحبس سنة تعتبر رادعة”.
وبينت أن أي أوامر دفاع، يجب اقتصارها على عقوبات وجرائم وقضايا، لا ينظمها القانون وبالحدود الدنيا، فيما رأت أن تغليظ العقوبة لا يحل الاشكاليات، إلا إذا ترافق مع التزام الحكومة بمعايير منضبطة باستخدام الاجراءات والبروتوكولات المعلنة، تجاه التعامل مع الأزمة الحالية.
وقالت عبدالعزيز إن "تغليظ العقوبات، قد لا يحقق الردع دائما، والحديث عن حظر نشر وإعادة نشر ما قد يتسبب بترويع للناس من الوباء في الاعلام، عبارة فضفاضة، قد تستخدم لتقييد عمل الإعلام، بخاصة وأن الدراسات متباينة حيال جدوى بعض الاجراءات الوقائية عالميا”.
الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، أوضح أن تشديد العقوبات في أمر الدفاع بشان وسائل الإعلام، وما يعتبر مثيرا لـ”الهلع”، يمس حرية التعبير، معتقدا بأن "أداء مواقع التواصل في ظل وجود 10 ملايين مستخدم في أزمة كورونا، كان منضبطا إلى حد ملحوظ”، ومتساوقا مع الموقف الرسمي، ولم يطرح تساؤلات على الحكومة.
وأضاف منصور إن "التحريض والاشاعات تراجعت بشكل ملحوظ الشهر الماضي، والأغلبية كانت متوحدة خلف رسالة الدولة. لا يمكن أن نجعل كل مستخدمي مواقع التواصل نسخا كربونية. جلالة الملك عبدالله الثاني، أوعز بحماية الحقوق السياسية والمدنية، وتفعيل القانون في أضيق حدوده”.
ونبّه لانتهاكات سجلتها في الأزمة؛ وسائل إعلام رسمية ومن مصادر رسمية، مقدرّا في الوقت ذاته اعتذارها عن عدم نشر أسماء مصابين في وقت سابق.
ورأى أن تكرار العقوبات ليس له ضرورة، في ظل وجود قانون جرائم الكترونية وتشريعات أخرى، مشددا على أهمية انتهاج الحكومة سياسة إعلامية أكثر حرفية، تتجاوز شكل الايجاز الصحفي، بما يضمن الحوار معها من وسائل إعلام متعددة، وهو أفضل من فرض العقوبات.
وقال إن "معالجة الاختلالات في الرسالة الاعلامية أهم من فرض العقوبات. الايجاز ليس كافيا، وهناك أسئلة شائكة على الجهات ذات الاختصاص الاجابة عنها”.
أما المحامي المختص بقضايا النشر والإعلام، عبدالرحمن الشراري، فيرى أن تجريم نشر الاشاعات وانتهاك الخصوصية مطلوب، لترافق أشكال انتهاك الحريات الشخصية بالقدح والذم والتهديد والوعيد، ما يعني وقوع أكثر من جريمة، إذ لم تقتصر على نشر الأسماء والصور للمصابين.
وبرأي الشراري، "لم يكن هناك ضرورة لسن عقوبة لتلك الأفعال في أمر الدفاع، لما تضمنه قانون الدفاع بالاصل من صلاحيات بفرض عقوبات، استنادا إلى المادة (4) منه.
وقال "لم يكن هناك داع لعقوبة بأمر الدفاع، لأن أوامر الدفاع محصورة بحدود الصلاحيات الممنوحة في المادة (4) من قانون الدفاع”، مشيرا إلى أن البند (1) من الأمر الـ(8) قسّم إلى: الالتزام الايجابي بالافصاح، والسلبي بالامتناع عن الافصاح في حالات محددة.
ونوّه إلى أن المادة (7) من قانون الدفاع، نصت على عقوبة صريحة بحق من يخالف أوامر الدفاع، وأن الاشارة للإفصاح عن العقوبة بالمقابل، إيجابية، ومن باب إعلام الناس، مبينا أن اختيار العقوبة هنا من صلاحية القضاء فـ”السياسة العقابية دائما ترتكز على مدى خطورة الفعل أو الجرم، وتحقيق الردع العام ومنع انتشار الجريمة أو تكرارها”.
ورأى أن الأفعال المجرمة المنصوص عليها في المادة (2) من الأمر ضرورية للغاية، في وقت تجاوزت فيه الانتهاكات، حدود النشر إلى التهكم والسخرية والتسجيلات والاشاعات، موضحا اننا "سنرى استمرارا بنشر الاشاعات واختراق الخصوصية، لكنها لن تكون بالزخم ذاته قبل صدور الأمر”.
ولا يرى الشراري أن الامر الـ(8)، يمس بحرية التعبير في وسائل الإعلام، التي يتوجب عليها هي الأخرى، فرض معايير نشر "استثنائية” في هذا الظرف، واعتماد المصادر الرسمية فقط بنشر المعلومات الحساسة المتعلقة بالوباء.
واشار إلى أن وسائل التواصل والمواطنين، هي المقصودة في البند (2) من المادة (2) في الأمر، بخاصة فيما يتعلق بـ”إثارة الهلع” بين الناس، عند النشر وإعادة النشر.
وشدد الشراري على أن الأمر، يتواءم مع الاطار الدستوري، والالتزام به مطلوب، وأن أي نشر صحفي يجب أن يبتعد عن التضخيم، داعيا للتريث في النشر.

تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير