المفلح: نقل أي طفل من دار أحداث إلى أخرى لغايات تأديبية مرفوض

المفلح: نقل أي طفل من دار أحداث إلى أخرى لغايات تأديبية مرفوض
الوقائع الإخبارية: عمم وزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح بوقف حالات النقل الداخلي للأطفال بين دور الأحداث باستثناء الحالات التي تصب في مصلحة الطفل الفضلى "شريطة تضمين أسباب موجبة لذلك وبموافقة الوزير”، تماشيا مع دعوات حقوقية لوقف ما يسمى بـ”النقل التأدبيي للأطفال في نزاع مع القانون”.

وقال المفلح في تصريح له إن "من غير المقبول نقل أي طفل من دار أحداث الى أخرى بسبب سلوك ارتكبه او لغايات تأديبية، والأصل اجراء التدخلات السلوكية والنفسية للطفل، وليس معاقبته بالنقل”.

وأضاف، أن "أي حالة نقل يجب أن تتم بموافقة واطلاع الوزير وأن تكون ضمن مسببات ودواع تحقق مصلحة الطفل الفضلى، كأن يكون دافع نقل الطفل الى دار قريبة من سكن ذويه، وليس التأديب”.

وكانت والدة الطفل المرحوم فواز "15 عاما” والذي أقدم على الانتحار مساء الإثنين الماضي في دار أحداث مادبا بشنق نفسه بقطعة ملابس داخلية قالت في تصريحات صحفية مساء أول من أمس، إنه "تم نقل طفلها تأديبيا من دار أحداث عمان الى دار أحداث مادبا قبل نحو شهر ونصف شهر” معتبرة أن "قرار النقل هو السبب في إقدامه على الانتحار”.

وقالت الأم "قرر مدعي عام الاحداث توقيف ابني في دار أحداث عمان، لماذا تم نقله خلافا لقرار المدعي العام”.

ورغم أن المدعي العام قرر توقيف الحدث في دار احداث عمان، لكن قانون الأحداث أعطى الصلاحية لمدير المديرية المعنية في وزارة التنمية الاجتماعية الجهة المشرفة على دور الاحداث (مديرية الدفاع الاجتماعي) نقل الحدث من دار الى أخرى.

وتنص المادة 31 من القانون على أنه "لمدير المديرية من تلقاء نفسه او بناء على تنسيب مدير دار تربية الاحداث أو بطلب من ولي الحدث أو وصيه او حاضنه نقل الحدث الموقوف أو المحكوم من دار لأخرى بقرار يستند الى سبب أو أكثر من الأسباب المحددة بالتعليمات الصادرة لهذه الغاية”.

ورغم أن القانون اشترط وجود سبب أو أكثر، لكن القانون لم ينص على تشكيل لجنة ادارة حالة لاتخاذ القرار، كما لم تربطه بموافقة الوزير أو قاضي الأحداث، إنما أعطى الصلاحية كاملة لمدير المديرية المعنية.

المفلح قال إنه "تواصل مع عائلة الطفل المرحوم”، واعدا بمتابعة كافة الاجراءات المتعلقة بنقل الحدث من دار الى أخرى.

وأضاف، "تم تشكيل لجنة تحقق لمتابعة حالة الطفل، ولم يتبين تعرض الطفل لأي مضايقة أو إساءة خلال وجوده في الدار كما أن تقرير الطب الشرعي اثبت عدم وجود أي آثار لعنف أو سحجات او كدمات على جسد الطفل، وأن سبب الوفاة كان الاختناق”.

وتابع، "مع نتائج التحقيقات الاولية لعدم وجود عنف على الطفل، فإن المتابعة تتركز الآن على اسباب نقل الطفل من دار الى أخرى”، مشددا على موقفه الرافض لما يسمى بـ”النقل التأديبي”.

واكد أنه "طلب إعداد مراجعة لجميع العاملين في دور الأحداث من حيث مؤهلاتهم العلمية والعملية وقدرتهم على التعامل مع الأطفال في نزاع مع القانون والاحتياجات الخاصة للأطفال من الجوانب النفسية والاجتماعية”.

تصريحات المفلح تتفق مع مطالب حقوقية، بضرورة تطوير منظومة الحماية الاجتماعية الخاصة بالأطفال في نزاع مع القانون باعتبارهم ضحايا بالدرجة الأولى لظروفهم المعيشية، والتعامل معهم يتطلب فلسفة عدالة اصلاحية لا عقابية.

وبحسب معلومات "الغد” فإن الطفل فواز "ضحية تفكك أسري، وكان يتم استغلاله من قبل احد اقربائه في أعمال التسول والسرقة، وتم توقيفه في مركز احداث عمان قبل شهرين ونصف شهر على جنحة ليتم نقله بعد شهر الى دار أحداث مادبا”.

وتقول المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الإنسان "ميزان” المحامية ايفا أبو حلاوة، إن "الأردن تبنى سياسات العدالة الاصلاحية بدلا من العدالة الجنائية، وذلك باقراره قانون الاحداث العام 2014 وهو قانون قائم على فلسفة اصلاحية تضع أولوية اصلاح الاحداث الجانحين وتشمل هذه المنظومة اجراءات مثل تسوية النزاع والوساطة او التدابير البديلة غير الاحتجازية، وفي اثناء المحاكمة لا يتم احتجاز الطفل الا كملاذ اخير”.

وتلفت أبو حلاوة كذلك الى ما نص عليه القانون من اجراءات "تجاه الاطفال المستغلين من قبل ذويهم باتخاذ تدابير الحماية والرعاية باعتبارهم ضحايا ومحاسبة مستغليهم”، لكنها ترى أن "حادثة انتحار هذا الطفل تثير عدة تساؤلات حول مدى الالتزام بسياسات العدالة الاصلاحية للأحداث ومدى ملاءمة ظروف الاحتجاز لمصلحة الاطفال وتلبية احتياجتهم”.

وأشارت الى أن "تطبيق سياسات العدالة الاصلاحية والحماية الاجتماعية للأحداث كان من الممكن أن يجنبنا هذه الحادثة المأساوية التي قرر بها طفل انهاء حياته”، لافتة الى ضرورة تجنيب نقل الاطفال بين المراكز التي يفترض ان تكون مصنفة ويخضع بها الاطفال لخطط التأهيل النفسي والاجتماعي”.

وترى أبو حلاوة في قرار وزير التنمية الاجتماعية وقف النقل التأديبي بين دور الرعاية بأنه "خطوة ايجابية ومهمة لتعزيز مبدأ تحقيق المصلحة الفضلى للطفل، مع ضرورة التأكيد على تعزيز برامج الاصلاح وإعادة ادماج الاطفال في نزاع مع القانون”.

من جانبها تتفق مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبدالعزيز مع أبو حلاوة لجهة ضرورة "تفعيل فلسفة العدالة الاصلاحية للأطفال المحتاجين للحماية والاطفال في نزاع مع القانون على أرض الواقع”.

وتقول ابو حلاوة، "لدينا في الاردن سياسات وتشريعات توفر الحماية الاجتماعية للاطفال المحتاجين للحماية والرعاية أو الاطفال في نزاع مع القانون، اذ تقوم فلسفة هذه السياسات على مبدأ المصلحة الفضلى للطفل”.

وتضيف، "لكن الاشكالية تكمن في أننا نحتاج الى تحويل هذه السياسات الى أمر واقع”، مشيرة الى أنه "خلال السنوات الاخيرة تم بذل العديد من الجهود لتفعيل مبدأ العدالة الاصلاحية للاطفال في نزاع مع القانون "لكن هذه الجهود لم ترتق بعد لدرجة أن تحقق أهدافها في توفير الحماية لهذه الفئة من الأطفال”.وتشير الى أن "أحد أبرز التحديات هو كيف يتحول الطفل الضحية والمحتاج للحماية والرعاية الى طفل جانح بسبب ضعف برامج الحماية الاجتماعية لهم، يلي ذلك كيف يتحول الطفل الى مكرر للجنوح”. وأكدت ابو حلاوة "الحاجة لتفعيل برامج اعادة الدمج المجتمعي والتأهيل النفسي والاجتماعي للاطفال، عبر توفير المخصصات اللازمة لذلك من الموارد البشرية المؤهلة واعتماد التدابير غير السالبة للحرية وبرامج الرعاية اللاحقة”.

وكان تقرير اللجنة الملكية حول اوضاع دور الرعاية تطرق للنقص الفادح في برامج الإرشاد النفسي والتوعية وبناء الشخصية وتعديل السلوك في مراكز الاحداث، فضلا عن طغيان الجانب الرعائي، وغياب البعد التنموي القائم على دراسة توجهات الأطفال والمراهقين والجانحين والفتيات في المراكز.

وطالب التقرير بتزويد دور رعاية الأحداث بعدد كاف من العاملين يتناسب مع عدد المنتفعين في الدور وتحديدا الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والمهنيين.

تابعوا الوقائع على