أيهما يتقدم في سلم أولوياته: حل معضلة المعلم في المدرسة النموذجية أم اكمال مشروع نافورة رئاسة اليرموك ؟!

أيهما يتقدم في سلم أولوياته: حل معضلة المعلم في المدرسة النموذجية أم اكمال مشروع نافورة رئاسة اليرموك ؟!
الوقائع الإخبارية: على مدى الأيام القليلة الماضية، انشغل جزء كبير من أولياء أمور الطلبة في المدرسة النموذجية في جامعة اليرموك بمعضلة توفير الكادر التدريسي للطلبة في المدرسة بعد أن تم ترحيل جزء من ذوي الكفاءة منهم لصالح برنامج دبلوم تدريبي، فما اكتملت فرحت الأهل بعودة التعليم الوجاهي بعد انقطاعها لفترة طويلة جدا بسبب الوباء الذي أصاب البشرية (على رأي أحدهم). المهم أن الامر تفاقم لدرجة أدت إلى وقوف عدد كبير من أولياء الأمور من الجنسين في ساعات الصباح الباكر على أبواب تلك المدرسة التي ما انفكت تكون علامة مميزة لهذه الجامعة الكبيرة، ولما تعذر حلّ المشكلة من قبل إدارة المدرسة، ارتفعت التطلعات إلى رئاسة الجامعة لإيجاد الحل السريع لهذه المشكلة، فما كان من الأهل إلا الوقوف على درج الرئاسة للمطالبة بتصحيح الوضع وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.

المهم، لم أكن لأتحدث عن المعضلة لولا أن الحل الذي قدمه نائب الرئيس يتمثل (كما سمعناه من فيه حينئذ) بعودة المدرسين الذين تم نقلهم إلى موقعهم السابق في المدرسة (وبعدين متأكد من صحة الخبر)، ليكون السؤال الذي يجب أن يطرق مسامع المسئولين أجمعين هو: ماذا كسبنا من فعلتكم تلك التي فعلتموها غير تأزيم الوضع وانتشار الأخبار التي أساءت إلى سمعة تلك المدرسة المميزة؟ وماذا كسبت المدرسة (والجامعة من بعدها) جراء فعلتكم تلك التي فعلتموها غير انسحاب عدد غير قليل من الطلبة من هذه المدرسة لحساب مدارس خاصة (ربما لا ترقى لمستوى المدرسة النموذجية) في المحيط الجغرافي؟ وماذا كسب طلبتنا (وأولياء أمورهم من بعدهم) جراء فعلتكم تلك التي فعلتموها غير اضاعة الوقت الذي كان الطلبة ينتظرونه منذ بدء الجائحة للعودة إلى التعليم الوجاهي الذي حُرموا منه لأكثر من عام ونصف؟ والسؤال الأكبر: هل تم محاسبة من فعل فعلته تلك التي فعلها عندما بان للجميع عوار "عبقريته الخالدة"؟ ألم يتبين للجميع بأن قراره ذاك كان على حساب المدرسة والجامعة والطلبة وأولياء أمورهم؟

لعلي أجزم القول بأن الفاعل قد "نفذ بجلده" فما تمت مساءلته، وربما أعطي مكافئة على فعلته بتمديد "فترة صلاحيته" في موقعه كما أشارت التشكيلات الأخيرة في الجامعة، ولعلي أجزم القول بأنه لن يسأل في قادم الأيام عن فعلته تلك التي فعلها لأنه ما تمت محاسبة من كان قبله عندما فعل فعلته التي فعل باتخاذ قرار كانت نتيجته المباشرة انسحاب عدد كبير من الطلبة المتميزين من أبناء العاملين في جامعة العلوم والتكنولوجيا من هذه المدرسة المتميزة؟ لقد كان وجود أبناء العاملين في جامعة العلوم سببا رئيسيا في رفع مستوى التعليم في المدرسة كما كان سببا في حصول طلبة هذه المدرسة على مراكز متقدمة جدا في امتحان الثانوية العامة في كل عام، الأمر الذي انعكس إيجابيا على أداء وسمعة المدرسة عبر عقود من الزمن.

المهم، عندما تعجز الجامعة (من مثل اليرموك) التي ترفد المجتمع المحلي والإقليمي بالكفاءات التدريسية في كل مجالات المعرفية عن سد حاجة مدرستها من المعلمين الأكفاء، فهذا ما يكون سببه إلا خلل في عقلية المسئول الذي أمن المساءلة إن هو أخطأ في اتخاذ القرار،

المهم، كيف لنا أن نتخيل عدم وجود معلم لغة انجليزية لطلبة الصفوف الأولى في الوقت الذي يتخرج في كل فصل مئات الشباب الاكفاء، المتحمسين والمستعدين حتى "للعمل بالمجان" في هذه المدرسة؟ وكيف لنا أن نتخيل ذلك في الرياضيات والفيزياء واللغة العربية وعلوم الحاسوب؟

أتدرون – يا سادة- أين تكمن المعضلة في ذلك كله؟

سأبوح لكم بالسر الذي تكمن فيه المعضلة برمتها (كما نراها طبعا): أنها في تلك العقلية التي انشغلت في حفر بركة مياه صغيرة على مدخل درج الرئاسة التي وقفنا عليه في الوقت الذي كانت عاجزة فيه عن توفير معلم لطلاب الصف الأول في المدرسة. نعم يا سادة، رئاسة الجامعة الحالية منشغلة في انجاز مشروع البركة العظيم كما انشغلت الإدارة التي سبقتها في بناء الكشك المحاذي لها على أطراف ذلك الدرج المتعرج الذي يصعد عليه الرئيس وكادره صباح مساء. المشكلة تكمن – يا سادة- في عقلية من كان عليه أن يسدد الشيكات التي وقعها وإلا فالسجن ينتظره وهو لا يفكر إلا بتغيير ستائر (أو لنقل برادي) غرفة الضيوف في منزله القديم!

واللي مش مصدقني يروح ويشوف بعينه كيف أن العمل في البركة على قدم وساق، بينما الطلاب في المدرسة ينتظرون الرئاسة الجلية أن تفرغ لهم من وقتها لإيجاد حل لمشكلاتهم كلها وليس فقط عودة المعلمين المنقولين من عندهم لحساب برامج غيرهم
 
تابعوا الوقائع على