تمكنوا من اختراق الحواجز الأمنية.. المحتجون استحضروا رمزية 19 ديسمبر ونجحوا بالحشد في الخرطوم
الوقائع الاخبارية : خرجت حشود من السودانيين اليوم الأحد إلى الشوارع للتنديد بالانقلاب العسكري والاتفاق السياسي الموقع بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بالتزامن مع حلول الذكرى الثالثة للثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع عمر البشير.
وبخروجهم اليوم يحاول المحتجون استغلال دلالات تاريخ اليوم الذي يرتبط بحدثين مهمين في تاريخهم، وهما انطلاق الثورة الشعبية ثورتهم ضد نظام عمر البشير قبل 3 أعوام، وحين أعلن الشعب السوداني من داخل البرلمان استقلاله من نير الحكم الإنجليزي في العام 1955.
والتاريخ كان حاضرا كذلك بإطلاق اسم مليونية "تحرير الخرطوم" على تحركات اليوم التي استهدفت الإطاحة بساكني القصر الرئاسي بصورة سلمية كما جرى في 1885 حين تمت الإطاحة باللورد غوردون باشا على يد ثوار المهدية بعد عدة أشهر من حصارهم الخرطوم.
اختراق الطوق
عشية الاحتجاجات جرى إغلاق الجسور الرئيسية الواصلة بين مقاطعات العاصمة (الخرطوم، بحري، أم درمان)، في محاولة من الأجهزة الأمنية لتأمين القصر الرئاسي والحيلولة دون وصول المحتجين إليه.
بيد أنه على الرغم من خفوت الحركة صباحا، والانتشار الكثيف للقوى الأمنية، وتحرك السيارات المحملة بالجنود في الشوارع الرئيسة، إلى جانب إغلاق وإخلاء وسط الخرطوم القريب من القصر الرئاسي فإن الثوار التزموا بتلبية دعوات التظاهر، فتجمعوا بكثافة في نقاط التجمع والمسارات البعيدة من وسط الخرطوم، ثم زحفوا إلى وجهتهم الرئيسية.
بعد عدة محاولات تكللت جهود المحتجين في بحري وأم درمان وشرق النيل بالنجاح في عبور الحواجز والقوى الأمنية بجسور المك نمر، النيل الأبيض، المنشية، وذلك على التوالي.
استخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المدمع لتفريق المتظاهرين ولعل أبرز ما جرى اليوم هو دخول محتجي بحري في حوارات مع قادة القوى الأمنية المسؤولة عن تأمين جسر المك نمر، قبل عبورهم نواحي الخرطوم، تخللها رفع شعارات، مثل "سلمية"، و"الجيش جيش السودان، الجيش ما جيش برهان".
وفي أم درمان كان التواصل بين المحتجين والجيش أكثر ودا، فعقب تخطي المحتجين الأسلاك الشائكة على مقربة من مباني السلاح الطبي (أهم مشفى عسكري بالبلاد) من دون أن يتعرضوا للقمع علت الهتافات التي تمجد الجيش الوطني، والتقط البعض صورا مع أفراد الجيش، في حين عانق آخرون الضباط والجنود الذين لم يخفِ بعضهم تأثره بالموقف فظهر وهو يجهش بالبكاء.
شهدت مناطق عدة احتكاكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن غازات ودموع
التصميم على الوصول إلى القصر الرئاسي كان العامل المشترك الأكبر في مواكب (مظاهرات) العاصمة، في حين كان استخدام الغاز المدمع هو العامل المشترك الأكبر في تعامل القوى الأمنية مع المحتجين.
وتعرضت مواكب الخرطوم -التي استطاعت الوصول إلى الشوارع القريبة من القصر الرئاسي مبكرا- للنصيب الأكبر من الغازات المدمعة.
ونجح محتجو بحري وشرق النيل في العبور إلى الخرطوم لكن بعد استنشاقهم كميات من الغاز المدمع ضمن محاولات لتفريقهم، فيما تعرض متظاهرو أم درمان لقمع شديد عند عبورهم للخرطوم، واضطروا للتراجع إزاء استخدام قوى الأمن الغاز المدمع بكثافة كبيرة.
ووقعت عدة إصابات في المواجهات، معظمها جراء الاختناق بالغاز، وذلك على الرغم من ارتداء المتظاهرين الكمامات واستخدام وسائل وقائية بدائية كشم ورق شجر النيم وغسل الوجود بالماء المخلوط بالخميرة.
وقعت إصابات عديدة في صفوف المتظاهرين بعد أن لجأت قوات الأمن إلى العنف لتفريق المتظاهرين
الهتاف والشعار
كانت أعلام السودان تعلو رؤوس الجميع، وصور قتلى المظاهرات السابقة تسير جنبا إلى جنب مع الثوار الذي هتفوا "شهدانا ما ماتوا.. عايشين مع الثوار".
لكن أبرز شعارات اليوم هي "تقفل شارع تقفل كوبري.. يا برهان جايينك دغري"، في إشارة إلى نواياهم الواضحة بتحقيق مبتغاهم في الوصول إلى القصر الرئاسي رغم إغلاق الجسور وإغلاق الطرق المؤدية إلى مباني القيادة العامة للقوات المسلحة.
وفي هتافاتهم المتكررة اليوم حضر هتاف "الثورة ثورة شعب.. والسلطة سلطة شعب.. والعسكر للثكنات"، "الشعب أقوى أقوى.. والردة مستحيلة"، إلى جانب "يا برهان، ثكناتك أولى.. ما في مليشيا بتحكم دولة".
وقال مهيد إنهم يهدفون إلى الوصول لوجهتهم كما هو محدد مسبقا، و"من ثم انتظار توجيهات قادة لجان المقاومة، إن قالوا انسحبوا انسحبنا، وإن قالوا ندخل في اعتصام أمام القصر فحتما سنفعل".
أما ريم مأمون -وهي طالبة جامعية كانت ضمن طيف واسع من النساء المشاركات في موكب (مظاهرة) اليوم- فقالت إن موكب 19 ديسمبر "يعطي الثوار أفضلية ومصداقية في تنفيذ وعودهم الثورية، وبالتالي تعهداتهم بشأن إعادة السودان إلى مسار الديمقراطية والازدهار".