بئر مدين بالكرك.. تاريخ وقداسة أذهب الإهمال معالمهما

بئر مدين بالكرك.. تاريخ وقداسة أذهب الإهمال معالمهما
الوقائع الاخبارية : هل تحظى بئر مدين الموجودة في بلدة مدين جنوب شرق الكرك ببعديها التاريخي والديني الذي يصل بها البعض حتى القداسة لارتباطها بسيرة نبي الله شعيب وموسى اللذين تقول روايات تاريخية موثقة انهما تواجدا بالمكان، باهتمام اولي الشأن في وزارتي الاوقاف والسياحة، سؤال يطرحه مواطنو البلدة وهم يرون ما عليه المكان رغم اهميته للتأسيس لحركة سياحة دينية نشطة وفاعلة تثري المنطقة وتنهض بها من اهمال قد يتسع مداه ليندثر المكان وتختفي معالمه في زمن قريب.

منذ سنوات ويقول مواطنون في بلدة مدين: حفيت اقدامنا والتواصل قائم مع الوزارتين المعنيتين الاوقاف والسياحة للارتقاء بالمكان وتطويره الا انهما بقيتا في واد غير وادينا، بيد اننا لم نيأس وما زالت محاولتنا مع الوزارتين قائمة وسؤالنا هل يأتي قادم الايام بجديد هذا ما نأمله ولن نكل من المطالبة به لاننا نتحدث عن شأن وطني عام.

وفي توضيح لقصة البئر التاريخية والدينية وعلاقة نبيي الله شعيب وموسى بها يقول الباحث والمؤرخ حامد النوايسة: إن الروايات التاريخية تشير الى ان موقع بئر مدين الذي ورد ذكره في القرآن الكريم والذي استسقى منه سيدنا موسى لابنتي سيدنا شعيب ويقال انه موجود في بلدة مدين بالكرك ينسب لاكثر من مكان هي اضافة للاردن السعودية وفي كنيسة سانتا كاترينا في سيناء، بيد ان مطابقة الجغرافيا مع التاريخ تشير تاريخيا الى ان مدين قرية قديمة العهد في محافظة الكرك التي يعود تاريخها لاكثر من (10) الاف عام قبل الميلاد، واما الدلالة الجغرافية لموقع بلدة مدين فانها تستمد من القرآن الكريم بقوله تعالى في سور هود حينما خاطب قوم شعيب «وماقوم لوط منكم ببعيد» وبربط هذه الدلالة بقرب كهف لوط المطل على مشارف البحر الميت من منطقة مدين فهذا يعني ان البئر موجودة في الاردن وليس في سواه.

واضافة للدلالة الجغرافية كما قال الباحث النوايسة فان سيدنا موسى عندما سار من مدين باتجاه الغرب توقف في خربة الطور غرب مدين حيث يمكن من الخربة المطلة مشاهدة مدين وشجرة الميسة التي لها ارتباط بتواجد سيدنا موسى في المنطقة التي خرج منها عبر موقع وادي اطوي الموجود قرب مدينة الكرك.

وبالوصف التكويني لبئر مدين قال رئيس جمعية مدين الخيرية سامر البيايضة وعضوي الجمعية عطاالله البيايضة وخلدون البيايضة: ان مياه البئر ظلت للان متدفقة وبغزارة دون اي تغيير على منسوبها الذي لم ينقص ولم يزد منذ زمن طويل رغم ما اصاب المنطقة من مواسم جفاف اذهبت الكثير من مياهها الجوفية، واوضحوا ان مياه البئر بتكوينها الاصلي تتدفق من تجويف جبلي ويمكن الهبوط الى البئر بواسطة درجات حجرية ما زالت بعض بقاياها ماثلة لليوم بعد ان تعرض المكان للعبث على مدى اعوام عديدة غيبت الكثير من معالمه.

وبينوا ان ما تم اجراؤه من اعمال صيانة بتدخل عبثي من قبل احدى المنظمات الدولية تسبب بتغيير بعض معالم الموقع خاصة في البئر التجميعية التي تتوسط ساحة المكان وتتغذى من نبع الماء الاساسي المتدفق من جوف الجبل، فاعمال الصيانة التي تمت لم تأخذ بالنمط الانشائي التاريخي والاثري للموقع بل تمت بمواصفات اعمال حديثة بما في ذلك السور المحيط بالموقع الذي تم ببناء اسمنتي خالص حين كان بالامكان الاستفادة من بقايا الاحجار المتهدمة من هيكل الموقع لتكون اعمال الصيانة بالشكل الذي يقربه من طبيعته الاولى.

واضاف المتحدثون: ان الموقع بوضعه الحالي مهمل ويشارف ان ظلت الامور تراوح مكانها على الاندثار، موضحين ان مطالب ابناء بلدة مدين قائمة منذ سنوات طويلة بضرورة تدخل وزارتي الاوقاف والسياحة للارتقاء بالمكان وتطويره باعادة تأهيله بمواصفات تاريخية ودينية تعيده الى شأنه السابق ورفده بالخدمات الاساسية باضاءته وبايجاد مرافق عامة واماكن للجلوس اضافة الى تحسين الطريق المؤدية اليه ووضع لوحات ارشادية تدل على الموقع، وغير ذلك من خدمات يحتاجها قاصدو الموقع ومن ثم ادراجه على خارطة الاردن السياحية وتأهيل عدد من شباب المنطقة كادلاء سياحيين وبعمل نشرات تعريفية تعطي زوار المكان لمحة عن تاريخه. وبين المتحدثون ان فريقا من اللجنة الملكية للاعمار الهاشمي لمقامات الصحابة في المملكة زار الموقع وطالبنا بادراجه كموقع ديني ضمن مشاريع الاعمار، كما زار الموقع مدير اثار الكرك وعرضنا له حاجة الموقع للترميم والتأهيل.

وقالت رئيسة جمعية سيدات مدين الخيرية هنية البيايضة ان الذاكرة الشعبية لابناء منطقة مدين تسجل ما كان للبئر من اهمية في حياتهم الاجتماعية يرتوون منه ويوردون اليه مواشيهم لسقاتها، فيما كان موقع البئر محاطا بالبساتين والكروم التي كانت تشكل مردودا زراعيا مجديا لهم، فيما تراجعت اهمية البئر حاليا وتعرضت معالم الموقع للعبث فزال اكثرها.

وبينت البيايضة ان الجمعية اطلقت من مركز الاميرة بسمة للتنمية البشرية وبدعم من المعهد الديمقراطي الوطني مبادرة بعنوان «يلا على مدين» بهدف احياء المنطقة وانعاشها اجتماعيا واقتصاديا لما فيها من مقومات، ومن ضمن ذلك الاهتمام بالبئر وتحسين واقعها بما يعيد سيرتها الاولى، وفي هذا الاطار قالت البيايضة انه تم ايضا تنظيم مؤتمر مدين الاول بالتعاون جمعية مدين الخيرية شارك فيه اكثر من 45 مختصا بالشأن السياحي وناشطا في هذا المجال من عدد من الجامعات الاردنية وبالتنسيق مع جمعية الادلاء السياحيين، وخلص المؤتمر بعدة توصيات ابرزها عمل كتيب يتحدث عن تاريخ منطقة وبئر مدين مدعما بالدراسات لاثبات اهميتها التاريخية والحقائق الدينية المتعلقة بالبئر، اضافة الى انشاء مركز للزوار في مدين وطرح مبادرات للاستثمار هناك لتكون مدين منطقة جذب للسياحة الدينية والتراثية وترويجها محليا وخارجيا.

وفيما يخص مسؤولية وزارة الاوقاف حيال النهوض ببئر مدين ومحيطه لبعده الديني قال مدير اوقاف الكرك احمود الضمور: ان موقع البئر يتبع حاليا للجنة الملكية لاعمار مقامات الانبياء والصحابة وذلك بعد استملاكه العام الحالي من قبل الوزارة، لافتا الى انه تم اعداد مخططات لتطوير الموقع بما يحافظ على وضع البئر الاساسي وذلك من خلال اجراء اعمال صيانة واسعة, مضيفا انه تم رصد قرابة 200 الف دينار لهذه الغاية في موازنة الوزارة للعام القادم، مشيرا الى التنسيق القائم بين وزارة الاوقاف ووزارة السياحة لوضع كافة المواقع الدينية في محافظة الكرك ومنها بئر مدين على خارطة الاردن السياحية وترويجها لاستقطاب السواح اليها من داخل وخارج المملكة.

مدير سياحة الكرك الدكتور امجد المعايطة قال: ان محافظة الكرك تتميز بتنوع منتجها السياحي بوجود العديد من مواقع الجذب السياحي الدينية والاثرية والعلاجية، اضافة الى سياحة المغامرة والاستكشاف وسواها، موضحا ان وزارة السياحة معنية بالترويج للمواقع السياحية وادراجها على خريطة الوطن السياحية، بهدف استقطاب الافواج السياحية المحلية والعالمية لزيارتها. وبين ان موقع بئر مدين وبعد ان يصار الى اعادة تأهيله سيأخذ حقه من الاهتمام ليكون من مناطق الجذب السياحي في المملكة.

تابعوا الوقائع على