"بين الحياة والموت".. فيلم يتوج رحلة مخرج سوري من السجون إلى ألمانيا
الوقائع الاخبارية : يشكل الفن وسيلة فعالة لتوثيق الأحداث التاريخية، وتسليط الأضواء بشكل مكثف على القضايا الحيوية والمعاناة التي يعيشها الناس في مختلف البلدان حول العالم.
ومن بين تلك القضايا، كانت الثورة السورية وما تبعها من أحداث عانى خلالها المواطن السوري في رحلة البحث عن أبسط حقوقه الأساسية داخل سوريا، أو حتى في رحلاته المختلفة من أجل البحث عن لجوء آمن في أوروبا ودول الغرب.
واستطاع المخرج السوري بادي خليف إنتاج فيلم وثائقي قصير باسم "بين الحياة والموت"، تناول فيه قصة الشعب السوري مع الثورة، وأجاب عن كافة التساؤلات الغربية بشأن حقيقة ما يحدث هناك، والتحوّل من التظاهر السلمي إلى حمل السلاح، ودخول جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية، إلى جانب اضطرار السوريين إلى اللجوء خارج البلاد.
وكالة "سند" للرصد والتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة، تواصلت مع خليف، الذي بدوره أكد أن "الفن يحمل مسؤولية إيصال أصوات الناس والدفاع عن حقوقهم، ويجب أن تكون الأعمال المقدمة على قدر هذه المسؤولية".
بداية عرفنا بنفسك؟
اسمي بادي خليف من مدينة حماة في سوريا، وثائر ضد النظام السوري، ومعتقل سابق لدى النظام السوري ولدى داعش (تنظيم الدولة)، وعملت في مجال التصوير الصحفي بوكالة رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية، أقيم حاليا في ألمانيا، وأعمل في صناعة الأفلام.
كيف دخلت إلى عالم الإخراج والفن؟
الثورة السورية كانت بوابة دخولي إلى عالم الفن، وما شهدته ووثقته من أحداث خلال الثورة كان بمثابة تذكرة دخولي إلى مجال إخراج الأفلام.
كيف انعكست تجارب الاعتقال على إبداعك الفني؟
انعكست تجربتي مع الاعتقال وما شهدته داخل المعتقلات على كل أعمالي الفنية، التي تمحورت بالأساس حول معاناة أبناء الشعب السوري من المعتقلين، وأيضًا ما تعرض له المتظاهرون السلميون في الشوارع، وحتى اللجوء إلى أوروبا بعد ذلك.
من أين جاءت فكرة فيلم "بين الحياة والموت"؟
بين الحياة والموت جاءت فكرته من رحم الثورة السورية، وصوت الشارع السوري، والأحداث التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، خروجي من سوريا لا يعني التوقف عن المطالبة بإسقاط النظام والدفاع عن حقوق الشعب السوري، بل إن الفيلم بالأساس هو وسيلة من وسائل الدفاع عن الثورة، وإيصال حقيقة ما يحدث إلى العالم.
ما الذي يتناوله الوثائقي؟ وكيف جسد حكاية الشعب السوري في السنوات الأخيرة؟
يحاول الفيلم الوثائقي الإجابة على كافة التساؤلات حول الثورة السورية، وكيف تحوّلت المظاهرات السلمية إلى حمل السلاح، وكيف كان النظام السوري يداهم منازل الثوار والنشطاء، وحملات الاعتقالات الموسعة، وسبب انشقاق الجيش الحر عن النظام، إلى جانب دخول تنظيم الدولة (داعش) إلى سوريا.
العمل يتناول أيضًا رحلة السوريين في اللجوء إلى أوروبا والغرب بعد الثورة، ويجيب على كثير من الأسئلة التي تطرحها عليهم تلك المجتمعات الجديدة عن ماهية ما يحدث في سوريا، وهل هناك ثورة أم حرب؟ وغيرها من المواقف التي يتعرض لها اللاجئ السوري بشكل يومي.
ما أبرز الجوائز التي حصلت عليها؟
الفيلم شارك في أكثر من 22 مهرجانا حول العالم، وحصد أكثر من 15 جائزة كأفضل فيلم وثائقي، من بينها المهرجان الفرنسي الهندي، ومهرجان برلين للأفلام القصيرة، إلى جانب دول أخرى مثل التشيك وبريطانيا وإيطاليا وهولندا.
كيف ترى حال الفن السوري في ظل الوضع السياسي القائم؟
الفن في سوريا يجسد الحكم العسكري، وإحكام القبضة الأمنية على كل شيء هناك، لا يوجد لدينا ديمقراطية فنية تحمل على عاتقها مشاكل الشارع السوري، ولعلي أتساءل بعد كل هذه السنوات: ألا يرى الفنانون السوريون حقيقة ما يحدث ليخرجوه لنا في عمل فني أو درامي يدعم أبناء شعبهم؟
في رأيي نحن نعيش في عصر دكتاتوري بقيادة بشار الأسد، ولو قامت الثورة في بلد آخر يتمتع بقدر صغير من الحرية، لرأينا فنا حقيقيا يدعمها، ولكن في الوقت الحالي، الفن في سوريا لا يجب أن نطلق عليه اسم "الفن".
ما أبرز أعمالك القادمة؟
لدي عدة مشاريع أعمل عليها في الوقت الحالي، أبرزها فيلم عن الشباب الذين عاشوا سن المراهقة في سوريا بالتزامن مع الثورة، الهدف منه إيصال فكرة الحرية لهذا النشء الموجود الآن في أوروبا ويتمتع بكل حقوقه وحرياته، ونقل نضال آبائه وأشقائه من الشعب السوري، وبشكل يضمن استمرار الثورة في قلوب الأطفال الذين وُلدوا في أوروبا.
أستعد أيضًا إلى عرض فيلم "بين الحياة والموت" في المركز الثقافي الألماني في مدينة نورنبرغ لمدة شهر، وهو الحدث الذي سيشهد وجود معرض لصور التقطتها بنفسي من قلب الأحداث، إلى جانب عرض روايتي "زنزانة 5 نجوم".
هل يمكن أن تخرج من عباءة الأفلام الوثائقية إلى السينما والدراما؟
لقد عملت بالفعل على فيلم درامي يسمى "خارج السرب"، ويستعد الآن للمشاركة والعرض في المهرجانات السينمائية الدولية، وهو فيلم قصير يحكي تفاصيل أكثر دقة من الثورة السورية عن تعامل النظام مع المتظاهرين السوريين السلميين والاعتقالات، ويتناول الفيلم جزءا من الأحداث التي تعرضتُ لها في المعتقلات بصفتي أحد الناجين من سجون النظام.
ما رسالتك للفنانين الشباب في سوريا والوطن العربي؟
لا أستطيع أن أدعو أي أحد لعيش التجربة التي عيشتها، ولا أتمنى أن يعيشها أحد أو تتكرر مع أي إنسان، ولكني أود الإشارة إلى أن الفن يحمل مسؤولية إيصال أصوات الناس والدفاع عن حقوقهم، ويجب أن تكون الأعمال المقدمة على قدر هذه المسؤولية.
يجب أن تتمتع تلك الرسائل التي نود إيصالها بشفافية عالية، وأن تكون من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان، وأن تحمل معنى، فالفن من دون الحرية والمبادئ لا يمكن أن نطلق عليه "فنا"، وأتمنى النجاح والتوفيق للجميع في مسيرتهم الفنية.