بعد 6 أشهر من حكومة رئيسي.. ما الذي تحقق على الصعيد الاقتصادي ومعيشة الناس؟

بعد 6 أشهر من حكومة رئيسي.. ما الذي تحقق على الصعيد الاقتصادي ومعيشة الناس؟
الوقائع الاخبارية : تباينت آراء الإيرانيين بشأن أداء الفريق الاقتصادي للحكومة الجديدة، بين من يتهمها بتقديم تقارير كاذبة، وبين من يحذر من فقدان الرأي العام ثقته بالسلطات، في حين تتهم شريحة أخرى فريقا سياسيا بالعمل على تشويه سمعة الحكومة.

ورغم الوعود التي أطلقها الرئيس إبراهيم رئيسي خلال حملته الانتخابية والانتقادات التي وجهها لحكومة سلفه حسن روحاني وفريقه الاقتصادي فإن بعض المراقبين في إيران لا يرون تغييرا ملموسا في معيشة المواطن خلافا لما تشير إليه البيانات الاقتصادية الرسمية.

وبعد نصف عام من بداية عمل حكومة رئيسي أكد المتحدث باسم منظمة الجمارك الإيرانية روح الله لطيفي أن تجارة بلاده الخارجية خلال الأشهر الماضية تجاوزت 133 مليونا و636 ألف طن بقيمة 80 مليارا و236 مليون دولار.

ارتفاع الصادرات
وأوضح لطيفي -في حديث للجزيرة نت- أن الصادرات غیر النفطية ارتفعت خلال الأشهر العشرة الماضية بنسبة 37.5% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حيث بلغت هذا العام أكثر من 100 مليون طن بقيمة 39 مليار دولار.

وأضاف المسؤول الإيراني أن قيمة الواردات بلغت 41 مليارا و473 مليون دولار، مسجلة ارتفاعا بنسبة نحو 35% خلال الفترة الماضية من العام الإيراني الجاري.

والسبب الرئيسي وراء ارتفاع الصادرات الإيرانية خلال حقبة رئيسي -والكلام للمتحدث باسم الجمارك الإيرانية- هو احتواء جائحة كورونا في البلاد، ورفع القيود عن الصادرات والتجارة العالمية، واهتمام الحكومة الحالية بالتبادل التجاري مع دول الجوار.

وأضاف أن "الصين والعراق وتركيا والإمارات العربية المتحدة وأفغانستان تشكل الدول الخمس الأولى في استيراد البضائع الإيرانية"، مؤكدا أن الإمارات تؤمن 31% من احتياجات طهران، وتأتي كل من الصين وتركيا وألمانيا وسويسرا بعد الإمارات في سلم مصدري البضائع إلى إيران.

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان رئيس المصرف المركزي الإيراني علي صالح أبادي تحسن مؤشر التضخم خلال الأشهر الأربعة الماضية، وتراجع نسبة صعوده من 3.3 إلى 1.1% خلال الأشهر الماضية من حكومة رئيسي.


وفي السياق، أعلن وزير الصناعة والمناجم والتجارة رضا فاطمي أمين عن تحسن مؤشر التضخم بنسبة 15% خلال الأشهر الماضية، مما أثار انتقادات واسعة في الأوساط الشعبية وعلماء الاقتصاد.

انتقادات وتحذيرات
من ناحيته، اعتبر عالم الاقتصاد الإيراني حسين راغفر البيانات الرسمية غير دقيقة ولا تتناسب مع ما يلمسه المواطن على أرض الواقع، مؤكدا أن الأسعار في ارتفاع يومي بما لا يتفق مع ما تعلنه السلطات المعنية عن تراجع مؤشر التضخم في البلاد.

ونقلت وكالة أنباء "إيلنا" عن راغفر قوله إن فبركة البيانات قد دخلت إلى الاقتصاد الإيراني منذ أعوام، مما أدى إلى فقدان الناس ثقتهم بهذه التقارير الرسمية، مشددا على ضرورة الاهتمام بمعيشة المواطن لا الإحصاءات والتقارير.

وحذر من تداعيات التخطيط واتخاذ قرارات على المستوى الوطني بناء على هذه البيانيات الناقصة أو المفبركة، على حد قوله.

ويحذر علماء الاجتماع في إيران من تداعيات الإدلاء بتصريحات رسمية عن تحسن الوضع المعيشي في ضوء الغلاء والتضخم المستفحل في البلاد، مما قد يزلزل ثقة الرأي العام بالسلطات المعنية.

بدوره، اعتبر عالم الاجتماع الإيراني أمان الله قرائي واقع المعيشة في البلاد مختلف تماما عما يدعيه بعض المسؤولين، ولا سيما التقارير التي تتحدث عن تحسن المؤشرات الاقتصادية والمعيشية، متهما الحكومة بالكذب في ما يتعلق باحتواء التضخم.

وفي تصريح لصحيفة "اقتصاد بويا" قال قرائي إن نفقات الحياة تفوق دخل المواطن العادي، وطالما أن أسعار البضاعة المحلية مثل الرز تواصل ارتفاعها بشكل يومي فلا يمكن الحديث عن احتواء التضخم.

وأكد عالم الاجتماع الإيراني أمان الله قرائي أنه رغم التقارير المعلنة فإن البيانات والإحصاءات الحقيقة تشير إلى عدم احتواء التضخم، وهذا ما سيؤدي إلى زعزعة ثقة الرأي العام بالمسؤولين.

معطيات سلبية
وفي السياق، عقد معهد تحريرية للدراسات الاقتصادية ندوة بالمناسبة بحضور الباحث في الاقتصاد السياسي عطا بهرامي الذي قال إن المواطن لم يشعر بحدوث تغيير إيجابي في وضعه المعيشي.


وكشفت الندوة عن فقدان العملة الوطنية نحو 20% من قيمتها منذ وصول الرئيس إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم قبل 6 أشهر، ناهيك عن ارتفاع أسعار السيارات المحلية بنسبة 30%، وإيجارات البيوت والشقق السكنية بنسبة 70%، في حين واصلت البورصة الإيرانية انهيارها وخسر مؤشرها الرئيسي نحو 20% خلال الفترة ذاتها.

وانتقد بهرامي عجز الفريق الاقتصادي الحكومي عن تثبيت سعر العملة الصعبة في البلاد رغم مضاعفة الموارد النفطية خلال الفترة الأخيرة وارتفاع الصادرات للخارج.

ووفقا لمعهد تحريرية للدراسات الاقتصادية، فإن حكومة رئيسي تقوم بجهود جبارة في سبيل تحسين حياة المواطن، مثل رفع صادرات البترول، والانضمام إلى منظمة شنغهاي، والعمل على تعزيز علاقاتها مع الجوار، مما يبشر بتحسن الوضع الاقتصادي في الأشهر المقبلة.

وعزا بهرامي سبب عدم النهوض بالاقتصاد الإيراني بعد مجيء حكومة رئيسي إلى نفوذ المنافسين في الحكومة وترددها في اتخاذ القرارات الصعبة.

إرث وتحديات
في المقابل، تذهب شريحة أخرى من الخبراء والباحثين في الشأن الاقتصادي إلى أن حكومة رئيسي ورثت تحديات جمة من الحكومة السابقة، وأن تحييد هذه القضايا والعبور بالبلاد إلى بر الأمان الاقتصادي بحاجة إلى مزيد من الوقت.

ويرى الباحث في الاقتصاد السياسي علي رضا روح الله زاد أن الحكومة لم تدخر جهدا في تخفيف وطأة التضخم والغلاء على معيشة الإيرانيين، وتسديد ديون الحكومة السابقة للمصرف المركزي، فضلا عن إيقافها طباعة العملة دون رصيد وتبنيها سياسة نقدية انكماشية للحد من التضخم المستفحل.

وأوضح زاد -في حديثه للجزيرة نت- أن الحكومة الإيرانية الحالية تتبنى نهجا حكيما لتعزيز التجارة الخارجية للبلاد والانفتاح علی الدول الجوار، لكنها لا تزال تعاني مشكلات كثيرة، منها العقوبات الأجنبية التي تحول دون دخول الموارد الإيرانية بالعملة الصعبة إلى البلاد.

وأشار إلى مفاوضات إحياء الاتفاق النووي المتواصلة في فيينا، مؤكدا أنه رغم حرص الخارجية الإيرانية على التوصل إلى اتفاق جيد مع القوى العالمية فإنها لم ترهن الوضع المعيشي بالمفاوضات، وحدا بها إلى خوض مباحثات مع الدول التي تجمد الأموال الإيرانية لتحريرها، وأنها نجحت في تحرير أجزاء منها، آملا بحدوث ثورة اقتصادية في الداخل الإيراني عقب استعادة الأموال المجمدة في الخارج.

وأضاف أن "المواطن الإيراني في المدن الصغيرة والقرى بدأ يلمس تحسنا في حياته المعيشية، لكن هناك فريق سياسي يمتلك صحفا ووكالات أنباء ولديه تجربة كبيرة في التعاطي مع الرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي يروج لفشل الحكومة الراهنة وإظهارها في موقف العاجز عن فعل أي شيء من أجل معيشة المواطن".

وختم زاد بأنه على يقين بأن سياسات الفريق الاقتصادي للحكومة ستثمر خلال الأشهر المقبلة، وأن ما يعول منافسو الحكومة عليه لن يلقى صدى لدى المواطن العادي.

تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير