فنانون أوكرانيون يتمسكون بالبقاء في بلادهم رغم الحرب

فنانون أوكرانيون يتمسكون بالبقاء في بلادهم رغم الحرب
الوقائع الاخبارية : مع استمرار الهجمات الروسية على أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي، أصدرت مجموعة من صانعي الأفلام الأوكرانيين تصريحات حول تجاربهم من الخطوط الأمامية للحرب، وطالبوا بضرورة اتخاذ إجراءات لعزل روسيا وفرض مقاطعة ثقافية كلية عليها.

وتأتي تصريحات الفنانين في أعقاب مطالبة المخرج السينمائي والناشط السياسي الأوكراني أوليغ سينتسوف بتوقيع العريضة التي نشرتها أكاديمية الأفلام الأوكرانية عبر الانترنت والتي تدعو إلى مقاطعة الأفلام الروسية.

ونشر سينتسوف -الذي سُجن في روسيا لمدة 5 سنوات بتهم تتعلق بالإرهاب- مقطعا مصورا له من وسط الحرب، حيث انضم إلى الخطوط الأمامية كجندي احتياطي في الحرس الوطني.

وقال خلال المقطع المصور "منذ أسبوع وأنا أقف في الخنادق كمشارك في الدفاع الإقليمي عن كييف. لقد تغيرت الحياة في لحظة مع سقوط أول قنبلة على أراضي أوكرانيا، وكل ما نعرفه عن غزو هتلر أصبح الآن حقيقيا مرة أخرى".

وأضاف "القنابل الروسية تسقط على الأطفال الأوكرانيين، ويختبئ الملايين في الملاجئ، ويعاني الملايين من البرد ونقص الغذاء، ومن أجل ذلك، نحن بحاجة إلى دعم المثقفين والفنانين المعارضين لنظام بوتين، ونطلب دعمكم لمقاطعة السينما الروسية بجميع أشكالها، بما في ذلك التعاون السينمائي الذي يشمل الإنتاج المشترك والمهرجانات العالمية".

مقاطعة كاملة
وضم مجموعة من صانعي الأفلام الأوكرانيين، الذين مكثوا في بلدهم رغم استمرار الهجمات، صوتهم إلى صوت سينتسوف؛ وهم المؤلفة ومخرجة الأفلام الروائية مارينا إر غورباتش، وأشهر أعمالها فيلم الدراما والحرب "كلوندايك" (Klondike)، وألينا غورلوفا، صانعة الأفلام الوثائقية، وأشهرها "هذا المطر لن يتوقف أبدا" (This Rain will Never Stop)، والمنتجة داريا باسل.

وكذلك فالنتين فاسيانوفيتش، كاتب ومخرج فيلم "أطلانتس" (Atlantis)، وأنطونيو لوكيش، كاتب ومخرج فيلم "أفكاري صامتة" (My Thoughts are Silent)، ورومان بوندارتشوك، مخرج الوثائقي "عمداء أوكرانيا" (Ukrainian Sheriffs)، والمخرج ناريمان علييف المعروف بفيلمه "هوموارد" (Homeward).

وقال لوكيش إنه اضطر إلى ترك تسجيلات فيلمه الجديد في كييف، من أجل إجلاء أطفاله من منطقة الحرب، وأضاف "لقد عملنا لتسجيل هذه اللقطات لأكثر من عامين ونصف، وقمنا بتصويرها في كييف ولوبني ولوكسمبورغ، وبذلنا قصارى جهدنا، لكن لم أتمكن من أخذ مواد الفيلم إلى مكان آمن، ونأمل الآن ألا يتم تدميرها".

واستطرد المخرج الأوكراني قائلا "لكن هل هذا مهم الآن؟ ليس مهما حقا.. أشياء أخرى مهمة الآن"، وأكد أن أهم شيء الآن يستطيع العالم تقديمه، هو أن "يدعم المجتمع السينمائي الدولي المقاطعة الكاملة للأفلام والثقافة الروسية".

أسلحة دعائية
وأما المخرج علييف، فقد أكد أيضا على ضرورة فرض المقاطعة على روسيا، وقال إن الأعمال الفنية والثقافية الروسية التي ترعاها موسكو "لطالما كانت أداة تستخدم لإضفاء الشرعية على جميع الجرائم التي ترتكبها سلطاتهم".

وأضاف "لا يختلف ما يقوم به الجنود والقنابل الروسية عما تفعله أسلحتهم الدعائية، التي قد لا تقتل الناس بشكل مباشر، لكنها تبرر هذه الفظائع"، ورأى أن "مقاطعة السينما والثقافة الروسية في الوقت الحالي هي محاولة لتطهير العالم من الدعاية لدولة إرهابية".

وشددت مجموعة صانعي الأفلام الأوكرانيين بأن أي إجراء لا يحظر الأعمال الروسية بشكل كامل، هو بمثابة دعم ضمني لهجمات بوتين العسكرية على بلادهم.

ومن جهته، قال المخرج فاسيانوفيتش "الحقيقة أن روسيا استخدمت في جميع الأوقات إنجازاتها الثقافية والفنية كغطاء لأعمالها العدوانية، ومن الضروري خفض الستار الثقافي عن روسيا"، وأكد على مطالبته بإيقاف "أي تعاون ثقافي مع ممثلي دولة إرهابية تهدد بتدمير العالم بأسره".

وفي السياق نفسه، قالت غورلوفا "إلى أن تعترف روسيا علنا بخطأ أفعالها (في أوكرانيا)، أو تتم إدانتها بموجب القانون الدولي، أعتبر أي تمثيل أو دعم للسينما الروسية غير مقبول".

وربطا بين الحرب الحالية وما فعله الفنانون الألمان سابقا لدعم النظام النازي، قال المخرج بوندارتشوك إن الثقافة المدعومة من الدولة الروسية "هيأت الأساس الأيديولوجي لهذه الحرب، وبعد انتهاء الحرب، يمكن العودة إلى هذه الأعمال ودراستها والبحث فيها، تماما مثل دراسة أفلام ليني ريفنستال أو أعمال ريتشارد فاغنر هذه الأيام".

وأضاف أن الطريقة الوحيدة المقبولة لإذاعة أعمال روسية، هي عرض مقطوعة "بحيرة البجع" (Swan Lake) التي ألفها الموسيقار الروسي تشايكوفسكي، والتي كانت تستخدم خلال الحقبة السوفياتية كإشارة للاضطراب السياسي في البلاد.

وهو بالضبط ما فعله العاملون في المحطة التلفزيونية الروسية المستقلة الرائدة "دوزد" (Dozhd) في الثالث من مارس/آذار الجاري، حيث أعلن العاملون جميعا استقالتهم من مناصبهم على الهواء مباشرة، بعد تلقيهم تهديدا بإغلاق المحطة من قبل السلطات، وسط ضغوط مرتبطة بتغطيتها الانتقادية للعمليات العسكرية الروسية على أوكرانيا.

وقالوا كلمتهم الأخيرة "لا للحرب"، قبل أن يعرضوا المقطوعة الشهرية "بحيرة البجع"، كما حدث في أغسطس/آب عام 1991، أثناء محاولة الانقلاب التي كانت إيذانا ببداية نهاية الاتحاد السوفياتي.

ومن الشعب الروسي نفسه، غرد المخرج كانتيمير بالاغوف أنه غادر بلاده روسيا في أعقاب الحرب على أوكرانيا، وكتب "قلوبنا مع أوكرانيا والشعب الروسي الذي يقف ضد هذا الكابوس".

تابعوا الوقائع على