مسلسل "كسر عضم".. تلاعب على الرقابة أم سرقة فنية؟

مسلسل كسر عضم.. تلاعب على الرقابة أم سرقة فنية؟
الوقائع الاخبارية : أثار مسلسل "كسر عضم" منذ بداية عرضه ردود فعل متباينة بسبب حساسية المواضيع التي يتناولها، مما حقق له نسب مشاهدة عالية خلال شهر رمضان المبارك.

لكن الجدل حول المسلسل لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أثار الكاتب السوري (المعارض) فؤاد حميرة عاصفة -ربما ساهمت في زيادة شهرة المسلسل- بعد أن اتهم القائمين بالعمل بـ"سرقة نص قديم له".
 

سرقة أم محض تشابه؟
فؤاد حميرة، الذي اشتهر بكتابة أعمال كثيرة، كان أشهرها "غزلان في غابة الذئاب" و "رجال تحت الطربوش" و"الهيبة-الرد 2020″، اعتبر في تصريح تم تداوله على نطاق واسع مفاده أن نص مسلسل "كسر عضم" هو سرقة "سرية" لبعض شخصيات نصه "حياة مالحة" الذي قدمه لشركة "كلاكيت للإنتاج الفني" عام 2011.

وبحسب حميرة، لم يتم إنجاز العمل بسبب ظروف لها علاقة بالحدث السوري آنذاك، لتعود مخرجة العمل رشا شربتجي وتستخدم أجزاء من النص في رمضان الحالي بعد إجراء تعديلات على اسم العمل وأسماء الشخصيات وإضافة أحداث درامية أخرى تخدم الواقع الراهن في سوريا.

حميرة أرفق تصريحه بصورة لصفحة من سيناريو "كسر عضم" مشيراً إلى أن الكاتب الجديد، الذي يعد النص أولى تجاربه في الدراما، نسي تعديل اسم شخصية تم طرحها في نصه المسروق، وهي شخصية "أم جرير" أو أم ريان في العمل الحالي.

ثم ما لبث أن ظهر حميرة في بث مباشر على منصة فيسبوك ليهاجم مخرجة العمل، رشا شربتجي، ويتهمها بالدفاع عن كاتب النص علي معين صالح "رغم معرفتها الحقيقة"، منوهاً إلى التشابه الكبير في السياق الدرامي بين النصين، خاصة في شخصية المسؤول وابنه وزوجته التي نقلت له المرض.

كما اتهم حميرة مدير شركة كلاكيت، إياد النجار، بعرض النص سابقاً على الكاتب سامر رضوان لتعديله، ولكن الأخير رفض تقديراً لاسم حميرة وتاريخه الفني، وهو ما أكده المنتج عماد ضحية، صاحب شركة "بانة" للإنتاج الفني، عندما قال إنه في وقت سابق قام بشراء النص من الكاتب فؤاد حميرة، قبل أن يقوم باسترداده وبيعه لشركة كلاكيت لاحقاً من أجل أن تقوم بإخراجه رشا شربتجي بعد رفض ضحية ذلك.

علاوة على ذلك، نشر حميرة صورة لمنشور الكاتب فادي زاليفة الذي صرح بأن "كلاكيت" عرضت عليه نص حميرة لتعديله وكتابته باسمه أو الاستفادة منه لإنتاج نص آخر، معتبراً ذلك اعترافاً صريحاً بالتشابه بين نصي "حياة مالحة" و"كسر عضم".

وفي حديث خاص بالجزيرة نت يقول حميرة "أشعر بالندم من فتح هذه المعركة، فقد كان كلامي موجهاً ضد شركة الإنتاج والمخرجة رشا شربتجي التي صمتت عن هذه المؤامرة، لأنها قبلت بإزالة اسمي من النص بسبب موقفي المعارض للنظام الذي سيقف حائلاً دون تصوير العمل داخل سوريا".

يضيف حميرة "أتمنى للكاتب النجاح، فمن حقه أن يستفيد من التجارب التي سبقته، والناس تعلم ماهية أعمالي، ولو أن النص يحمل كثيراً من العرج والعديد من المشاكل الدرامية وعدم الاتساق، لأن الكاتب استعار شخصيتي الأساسية وركّب عليها باقي الشخصيات التي تبدو ركيكة مقارنة بالأولى".

كما أكد حميرة أن حقه المادي وصله كاملاً من شركة كلاكيت منذ بيع العمل آنذاك، ولكن حقه المعنوي في أن يتم الاعتراف بخطوطه هي ما ينتظره من القائمين على العمل، وهو ما كرره في بث مباشر آخر، محذراً من تصعيد هجومه على شركة "كلاكيت" إذا استمرت في تجاهل ذلك خلال التوضيحات التي تعتزم الشركة تقديمها في 20 أبريل/ نيسان الجاري.

جرأة تفرّق وجهات النظر
يقدم المسلسل نقداً واضحاً وجريئاً للواقع الأمني والعسكري في سوريا، عبر تقديم شخصيات اعتبارية وقيادية ذات رتب رفيعة اتخذت شكل المافيات المتقاتلة ولا تتوانى عن إزهاق الأرواح من أجل إتمام مصالحها، بحسب أحداث المسلسل.

ويظهر العمل مدى مسؤولية تلك الشخصيات عن عمليات تهريب الأموال والأسلحة والمخدرات عبر الحدود، لتبدو رسالة العمل كأنه لا مكان لضابط شريف يعمل في موقع حساس سوى أن ينحر نفسه أو يستقيل أو يجاهد ضد الانجراف إلى منظومة الفساد، ولا أمل في التغيير في ظل نظام يبرئ من يشاء ويجرم من يشاء.

كذلك يتناول المسلسل الواقع الاجتماعي المتردي وقضايا مثل جرائم الشرف والفقر والبطالة وتقديم التنازلات لكسب لقمة العيش، تنازلات قد تصل أحياناً إلى حد بيع الأعضاء.

استطاع مسلسل "كسر عضم" خلال 15 حلقة تم عرضها حتى الآن أن يصبح حديث العرب، والسوريين خاصة، على مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك من رأى فيه كثيراً من المبالغة وترويعاً للناس الذين يرسلون بناتهم إلى المدينة الجامعية بعد أن قامت السلطات بالتعتيم على قصة مقتل شابتين حرقاً، أو قصة الفتاة التي تم قتلها بذريعة الشرف بسبب استدعائها إلى قسم الشرطة كمسبب للشجار بين شابين.

في حين أعجب بعض آخر بجرأة القضايا التي تناولها المسلسل مستغرباً من صمت النظام السوري الذي سمح بتصوير هكذا نوع من الأعمال التي تفضح الفساد في الدولة، وترى فئة أخرى أن السماح بعرض هكذا أعمال يندرج تحت إطار "التنفيس"، للتخفيف من حالة الاحتقان الشعبي في ظل الظروف الاقتصادية والأمنية السيئة التي تعصف بالبلاد.

وبغض النظر عن فرضيات المشاهدين وتصريحات القائمين على العمل، وسواء كان النص مسروقاً أم تم التلاعب به لتجاوز مقص الرقيب، يبقى السؤال مشروعاً عن كيفية الوصول إلى ضمان الحقوق الفكرية للكتاب وحمايتهم من سلطتي الأمن وشركات الإنتاج، والجهة التي تمتلك الصلاحيات للبت في نزاعات كهذه.
تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير