كيف تؤثر الموسيقى على حالتنا المزاجية؟

كيف تؤثر الموسيقى على حالتنا المزاجية؟
الوقائع الاخبارية : يقول أفلاطون "الموسيقى هي قانون أخلاقي يمنح الروح للكون ويمنح أجنحة للعقل، تساعد على الهروب إلى الخيال، وتمنح السحر والبهجة للحياة".

يعود تاريخ الموسيقى إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث صُنعت الأدوات الموسيقية البدائية من الخشب أو عظام الحيوانات دون أن يكون لدى البشر معرفة علمية بأهمية الموسيقى، لكنها تبقى عاملا في التأثير على الحالة المزاجية للإنسان.

نعرف ذلك بأنفسنا واختبرناه بالفعل. لدينا جميعا تلك الأغنية التي تجعلنا نبكي، والأغنية التي نكررها مرات ومرات. إذن بالتأكيد للموسيقى تأثير هائل على المشاعر، وهذا أحد الأسباب التي تجعل المخرجين يضيفون الموسيقى إلى الأفلام، حتى يجعلونا نشعر بالحزن أو السعادة أو الخوف في الوقت المناسب تماما للمشاهد المعروضة.

على جانب آخر، يمكن أن نختار الموسيقى بأنفسنا، كأن نختار قائمة تشغيل تحفيزية أثناء ممارسة الرياضة، أو موسيقى هادئة قبل النوم، أو أي موسيقى أثناء العمل.

دعمت الأبحاث المعاصرة تلك الأفكار عن الموسيقى، إذ إن الموسيقى السعيدة المتفائلة تساعد على إنتاج الدوبامين والسيرتونين، وهما من الهرمونات التي تثير مشاعر الفرح. أظهرت الأبحاث أيضا أنه كما تؤثر الموسيقى على مزاجنا الشخصي، تؤثر حالتنا المزاجية على الموسيقى التي نختار الاستماع إليها.

الموسيقى بوصفها علاجا ومضادا للتوتر
وفقا للجمعية البريطانية للعلاج بالموسيقى، يمكن للموسيقى أن تساعد ذوي الاحتياجات النفسية أو الإدراكية أو التواصلية على معالجة المشكلات التي لا يمكنهم عالاجها من خلال الطب التقليدي.

يعتمد العلاج بالموسيقى على التحفيز الحسي لإثارة استجابة إيجابية لمواقف معينة. يشمل العلاج بالموسيقى عزف الموسيقى، وليس فقط الاستماع إليها.

أحد الأسباب الرئيسية لنجاح العلاج بالموسيقى هو أنها تساعد في الحفاظ على تناغم نظام القلب والأوعية الدموية. للاستماع إلى الموسيقى أو عزفها تأثير كبير على نبضات القلب تبعا لنوع الموسيقى والإيقاع الخاص بها.

عندما يتعلق الأمر بالأمراض المزمنة، وجدت أبحاث حديثة في المجلة العالمية للطب النفسي أن الموسيقى يمكن أن تكون علاجا فعالا لاضطرابات المزاج المتعلقة بالحالات العصبية لأمراض مثل الخرف والباركنسون والسكتة الدماغية والتصلب المتعدد.

كما خلص الباحثون إلى أن الموسيقى علاج فعال للحد من الاكتئاب والقلق، وكذلك لتحسين المزاج العام واحترام الذات، بالإضافة إلى أنها علاج منخفض التكاليف ودون آثار جانبية تذكر.

موسيقى عابرة للثقافات
غالبا ما تكون الموسيقى شخصية للغاية، كطريقة للتواصل مع النفس أو الأصدقاء أو العائلة أو التعبير عن الذات.

أجريت الدراسات على العديد من البشر من ثقافات مختلفة، لنكتشف أنه رغم ذاتية التلقي للموسيقى، فإنه يمكن للمستمعين تفسير الموسيقى غير المألوفة من الثقافات الأخرى بطرق مماثلة.

على سبيل المثال، يمكن للمستمعين من أي ثقافة معرفة ما إذا كانت الأغنية سعيدة أم حزينة عندما تكون من ثقافة غير مألوفة.

اتفق المستمعون على أن الموسيقى الهادئة أو البطيئة غالبا ما تعكس الحزن، أما الموسيقى ذات الإيقاع السريع غالبا ما تعكس السعادة والبهجة. لذلك يبدو أن هناك سمات مشتركة في كل التجارب الموسيقية تشير إلى أن الموسيقى تطورت بطرق مماثلة لإلهام تجارب عاطفية وشعورية مماثلة.

الرغبة أساس التغيير
تؤثر الموسيقى على الحالة المزاجية أيضا تبعا لرغبة الإنسان في التغيير. لا يعني وصف قطعة موسيقية بالحزن أو الكآبة أنها ستغير حالة الإنسان المزاجية بشكل مباشر. إذ اكتشفت الدراسات روابط واضحة فيما يتعلق بالطريقة التي يتعامل بها الأفراد مع الموسيقى.

وجد الباحثون أن المشاركين الذين تلقوا تعليمات لمحاولة تحسين مزاجهم، فعلوا ذلك في الواقع عندما استمعوا إلى الموسيقى المبهجة أو الممتعة. ومع ذلك لم يظهر أولئك الذين لم يتم إعطاؤهم التعليمات التحسن المزاجي نفسه. لذلك يبدو من المنطقي اكتشاف أن الموسيقى ستحسن مزاج الشخص إذا كانت لديه هذه النية فعلا. كما أن الموسيقى الحزينة تجعل الناس ينفسون عن حزنهم الخاص بالفعل، وهي واحدة من أهم طرق المعالجة الإيجابية للمشاعر.

الحالات المزاجية المختلفة والموسيقى المختلفة
هناك حالات مزاجية مختلفة يختبرها كل منا، ويمكن أن نتحرك في العديد منها خلال اليوم الواحد. أهم الحالات المزاجية الأساسية هي السعادة والحزن والإثارة والقلق والعصبية. في بعض الأحيان نشعر بمزاج ملتبس نكافح من أجل تحديد ماهيته لأنه ليس مزاجا واحدا، ولكنه قد يكون مزيجا من حالات مزاجية متعددة.

الموسيقى الكلاسيكية
تعد الموسيقى الكلاسيكية مهدئا طبيعيا، ويلاحظ ذلك من خلال مقدار هذا النوع الموسيقي الذي يظهر في قوائم التشغيل الخاصة بالدراسة والعمل والتركيز. إذ نجد أن مؤلفات بيتهوفن وباخ وشوبان لها تأثير محفز وإيجابي في الوقت نفسه.

موسيقى الروك
على الرغم من أن المعروف عن موسيقى الروك أنها تزيد التوتر، فإنها في الواقع تزيد من الرفاهية والإنتاجية، كما أنها تساعد على إدراة الغضب والتعبير عنه.

الموسيقى الراقصة
تجعل الموسيقى الراقصة الناس سعداء بشكل واضح، وتعمل على رفع الحالة المعنوية للأشخاص خاصة إذا استطاع الشخص التفاعل الجسدي مع الموسيقى، تتحول هنا الموسيقى إلى شكل من أشكال الشعور بالتحرر وتجربة مشاعر جديدة والطيران إلى عالم آخر.

الموسيقى الحزينة
قد يظن البعض أن الموسيقى الحزينة قد تجعل الحزن أشد وطأة، لكن الحال ليس هكذا دائما. على الرغم من أن هذه الفكرة شائعة، فإنها تعد طريقة للتعبير عن الحزن والتخلص منه. هذا هو السبب الذي يجذبنا للموسيقى الحزينة عندما ننغمس في حالات الكآبة والحزن.

أظهرت الدراسات التي أجريت على مدى العقدين الماضيين أن الدماغ والموسيقى لديهما اتصال قوي بطريقة فطرية. إذ إن الموسيقى لا تعزز فقط المشاعر الإيجابية أو تنفس عن المشاعر السلبية، بل تساعدنا على تحليل مشاعرنا وإدراكها، وبالتالي التعامل معها بما يلائم الحالة والموقف.

تابعوا الوقائع على