غضب وسخرية بعد اكتشاف سرقة تصميمات محطة مترو مصرية من فنان روسي
الوقائع الاخبارية : تساؤلات عدة أثارتها لوحات تشكيلة زينت محطة مترو في مصر، حيث قال باحثون ورسامون إنها مسروقة من لوحات لفنان روسي ولا تعبّر عن الحضارة المصرية، فيما طالب البعض بمحاسبة المسؤولين عن ذلك.
بدأت الأزمة حين تداول نشطاء صورا للوحات التي زينت محطة مترو الأنفاق "كلية البنات" شرق القاهرة، التي صممتها الفنانة التشكيلية المصرية غادة والي، وقال بعضهم إن الرسوم مقتبسة من لوحات الفنان الروسي جورجي كوراسوف.
ومع انتشار التصميمات، أشار عدد من الفنانين التشكيليين والنقاد الفنيين إلى وجود شبهة سرقة من الفنان التشكيلي الروسي المعروف بالأسلوب التكعيبي.
مع تفاعل الجدل، وصلت الصور للفنان الروسي الذي أكد استخدام 4 من لوحاته في تصميمات مترو أنفاق القاهرة دون تصريح منه أو حتى الإشارة إلى اسمه، بينما لم يصدر أي تعليق من الفنانة غادة والي التي التزمت الصمت بشأن الواقعة رغم محاولات صحف مصرية التواصل معها.
سرقة التصميمات لم تكن الأزمة الوحيدة، إذ أشار البعض أيضا إلى أن الرسوم تعود لسيدات من أفريقيا ولا علاقة لها بنساء مصر الفرعونية.
انتقادات مصرية
وأعرب الفنان التشكيلي محمد عبلة عن أسفه لما حدث، مؤكدا أن لوحات محطة كلية البنات مأخوذة بالنص من الفنان الروسي الشهير، وليس في ذلك نقاش أو وجهات نظر، لأنها ليست مقتبسة منه بتصرف، على حد قوله.
وقال عبلة في تصريحات صحفية إن مصر فيها أفريقيات كثيرات، لكن ليس ذلك مربط الفرس في هذه القضية، وإنما في اقتباس عمل روسي وتلبيسه ملابس مصرية، مشيرا إلى أنه كان يجب تشكيل لجنة لقبول واستلام هذه الأعمال.
بدوره، قالت نقيبة التشكيليين عميدة كلية الفنون الجميلة السابقة صفية القباني، إن الفنانة غادة والي ليست عضوة في نقابة الفنانين التشكيليين ولا تعرفها، وإن ما حدث من استنساخ لأعمال الفنان الروسي دون تصريح منه تعدّ عليه وعلى حقوق الملكية الفكرية.
وأضافت القباني -في منشور لها بموقع فيسبوك– إن المسؤول المباشر عما حدث هو من أوكل لها العمل في مشروع قومي على مرأى ومسمع من العالم كله، دون الرجوع لأرباب الفن وهم كثيرون، خاصة أنها ليست فنانة جداريات.
وطالبت نقيبة التشكيليين بتفعيل قانون مزاولة المهنة لتصبح النقابة جهة حاكمة لأي فنان ويحاسب أمامها، وألا تُسند الأعمال الكبرى إلا لمستشاري النقابات لتنظيم العمل، وحتى لا يتكرر ما حدث مع غادة والي.
وفي مقال بعنوان "في محطة كلية البنات"، قالت الكاتبة الصحفية عبلة الرويني إن غادة والي اختيرت ضمن أقوى 100 امرأة في أفريقيا، وتم تكريمها في المجلس القومي للمرأة بصفتها نموذجا للفتاة الموهوبة، لكن من المؤسف أن تبدأ خطواتها بالسطو على أعمال الفنانين دون أدنى جهد في البحث والتقصي.
وفي المقال المنشور بصحيفة الأخبار الحكومية، قالت الرويني إن أسئلة كثيرة بحاجة إلى رد واضح من المسؤولين عن أعمال المشروع الثقافي والجمالي لتطوير مترو الأنفاق، مثل: ما فلسفة ورؤية المشروع لتجميل محطات مترو الأنفاق؟ وعلى أي أساس ومعيار يتم اختيار الفنانين؟ وما معنى نقل أو استخدام أعمال فنان عالمي أو أي فنان آخر دون الحصول على موافقته، ودون الإشارة إليه، سوى أن يكون ذلك سرقة وفي وضح النهار؟ والأهم كيف يتم تصويب الخطأ؟
وأضافت أنه دون منطق، صوّرت غادة والي الوجوه المصرية الفرعونية في اللوحات باللون البني الداكن والأسود، وهو ما يتشابه مع رسومات وأفكار "الأفروسنتريك" أو المركزية الأفريقية التي تعمل على تسليط الضوء على الهوية الأفريقية وتأثيراتها في العالم، وتنسب الحضارة المصرية القديمة وكل شمال أفريقيا إلى الحضارة الإغريقية.
واعتبرت الكاتبة المصرية أن تقاطع لوحات محطة البنات مع الأفكار "الأفروسنتريك" يشكل جهلا وعبثا بالتاريخ المصري القديم، بحسب وصفها.
تأكيد روسي
من جانبه، أكد الفنان الروسي جورجي كوراسوف استخدام أعماله الفنية في تصميمات مترو الأنفاق، وقال في تصريحات لموقع "صدى البلد" المصري إنه تم استخدام 4 من لوحاته في هذا المشروع، مشيرا إلى أن اللوحات موجودة في الموقع الخاص به.
وأوضح كروسوف أن 3 من اللوحات الأربع مباعة بأرقام 38 لعام 1995، ورقم 116 لعام 2001، ورقم 168 لعام 2005، بينما لا تزال الرابعة متوفرة وتحمل رقم 212 لعام 2012.
وأشار الفنان الروسي إلى أن إحدى اللوحات المستخدمة في محطة المترو ليست عن مصر القديمة، بل هي عن اليونان القديمة، موضحا أن في هذه اللوحة تم رسم "زوجة بينلوب" في ملحمة "هوميروس"، بينما إحدى اللوحات عن الرقص المصري من سلسلته "رقص عالمي" (International Dancing).
وعن شعوره بعد رؤية أعماله ضمن تصميم محطة المترو دون نسبتها إليه، قال الفنان الروسي إنه لا يشعر بالأذى لأنهم استخدموا أعماله، ولكنه اعترض على عدم الإشارة إلى اسمه، وتمنى إيضاح الأمر.
غضب وسخرية
استخدام لوحات كوراسوف دون الإشارة إليه، ونسبة الأمر إلى الفنانة غادة والي، أثار غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، خاصة أن اللوحات منقولة تماما من رسومات الفنان الروسي.
وسخر مغردون من قيام فنانة مشهورة باقتباس تصميمات بهذا الشكل الفج واستخدامها في محطة مترو كبرى يشاهدها الآلاف بشكل يومي، في عصر بات فيه العالم قرية صغيرة.
وزعم عدد من رواد مواقع التواصل أنها ليست المرة الأولى التي تنسب فيه غادة أعمال غيرها لنفسها، في إشارة إلى قيامها بنسبة تصميم الشعار الذي تم استخدامه في حفل افتتاح طريق الكباش لنفسها، دون الإشارة إلى الفريق الذي قام بتصميمه.