حبوب محاصرة وأراض محتلة.. ماذا ينتظر القطاع الزراعي في أوكرانيا؟

حبوب محاصرة وأراض محتلة.. ماذا ينتظر القطاع الزراعي في أوكرانيا؟
الوقائع الاخبارية : مع الأسابيع الأولى للحرب الروسية على أوكرانيا، دقت كييف ناقوس الخطر العالمي، متوقعة تراجع حجم محصولها السنوي من الحبوب وغيرها بنسبة تتراوح بين 20 و30%.

وهكذا، انتشرت سريعا مخاوف الجوع وارتفاع الأسعار على مستوى كثير من دول العالم، وخاصة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا التي كانت تعتمد بنسبة كبيرة على الواردات من أوكرانيا، خامس أكبر مصدر للحبوب في 2021.

مخاوف لا تقتصر فقط على تراجع الإنتاج، بل تشمل أيضا شلل حركة التصدير عبر موانئ البحر الأسود، وهو ما أخفقت في حله -حتى الآن- دعوات الأمم المتحدة ووساطة دول إقليمية على رأسها تركيا.

مزارعو أوكرانيا يحذّرون من الأسوأ
لكنّ مزارعي أوكرانيا يحذّرون من أن "الأسوأ قادم"، في ظل استمرار تداعيات الحرب على عمليات الزراعة والحصاد والتصدير.

أندري دوبليتشيف مدير شركة "كونسالتنيغ" (Consulting) للاستشارات والخدمات، والشريك في عدة شركات زراعية أوكرانية أخرى، حدّث الجزيرة نت عن مخاوف المزارعين، فقال "نحن نعاني انهيار سلسلة الإنتاج، بدءا من شراء البذور بالكم والنوع والجودة المطلوبة، مرورا بنقص إمدادات الوقود وغلاء أسعاره التي تنعكس تأخرا كبيرا على عملية الزراعة والسقاية والحصاد والشحن والتصدير".

وتابع "توقفت العملية الزراعية عدة أسابيع في مناطق كييف وتشيرنيهيف وسومي، بسبب مخاوف من تلغيم الأراضي بعد انسحاب الروس، وبسبب تدمير عدد من جسور الإمداد".

وأضاف "انتقل معظم تجار البذور إلى نظام الدفع المسبق بنسبة 100%، وهذا لا يناسب معظم المزارعين وكثيرا من الشركات الضخمة أيضا؛ فضلا عن ارتفاع أسعار البذور والأسمدة بنسب وصلت إلى 250%".

انعكاسات سلبية
وبنظرة متشائمة، يرى المزارعون في أوكرانيا مستقبل السوق المحلي والعالمي أمام منتجاتهم في ظل استمرار الحرب، بين تضخم محلي، وعجز عن التصدير، وتحول المستوردين نحو مصادر بديلة.

يقول أندري دوبليتشيف "مناطق الشرق والجنوب تتصدر قائمة منتجي القمح في أوكرانيا، ومناطق الشمال والغرب تنتج محاصيل الذرة أكثر من غيرها".

وتابع أن احتلال أجزاء واسعة من أراضي خاركيف ولوغانسك وخيرسون وحتى ميكولايف، سيؤدي إلى تراجع الإنتاج بنسبة تتراوح بين 20 و30%، وفق أقل تقدير، لكني أعتقد أن محاصيل المناطق الأخرى ستتراجع بنسبة تتراوح بين 15 و20% للأسباب السابقة الذكر.

كل هذا -بحسب دوبليتشيف- سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الحبوب بنسبة قد تصل إلى 40% محليا، وسينعكس ذلك في اضطراب عالمي لا مفرّ منه، لأسباب ثلاثة على حد رأيه:

لوجستية تتعلق بتوقف موانئ التصدير.
ارتفاع أسعار عمليات النقل والتصدير عبر الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية البديلة.
تأخر وتراجع عمليات الإنتاج بشكل عام.

الحبوب الأوكرانية محاصرة
وبينما تحاول تركيا الوساطة بين كييف وموسكو للإفراج عن صادرات الحبوب الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود، تعلن إدارة مدينة أوديسا أن موانئها الثلاثة المحاصرة بالسفن الروسية تضمّ نحو 6 ملايين طن من الحبوب، وأن أحجاما أقل من الحبوب محاصرة أيضا في موانئ منطقة ميكولايف المجاورة.

واقع خذل آمال أوكرانيا بموسم صادرات قياسي يبلغ نحو 70 مليون طن في 2022، بعد أن كان قد وصل إلى 50 مليونا في العام الماضي (نحو 80% من الحصاد الإجمالي)، ولا سيما أن الموانئ كانت نافذة 90% من صادرات الحبوب الأوكرانية إلى العالم.

رئيس جمعية مصدري الحبوب الأوكرانية ميكولا هورباتشوف، توقع في وقت سابق تراجع صادرات أوكرانيا خلال العام الجاري إلى 35 مليون طن من الحبوب، وعلى رأسها القمح، على أفضل تقدير.

ونتيجة لكل ما سبق، وفي ظل استمرار الحرب وتعطل كثير من القطاعات الأخرى، توقع رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال تراجع الناتج المحلي للبلاد بنسبة تصل إلى 35% في 2022، علما بأن الصادرات الزراعية تشكل نحو 20% من الناتج السنوي الإجمالي في أوكرانيا.

وعن الحلول، فإن تغيّر الأوضاع -بحسب السلطات والخبراء على حد سواء- يمرّ عبر وقف الحرب وفك حصار الموانئ، لأن تعطلها يكلف اقتصاد البلاد نحو 170 مليون دولار يوميا؛ واعتماد طرق تصدير بديلة للحبوب من طرق برية وخطوط سكك حديدية، وهي التي لا توفر للعالم الآن إلا سدس ما كانت توفره الموانئ، فضلا عن بطء عمليات التصدير عبرها، وارتفاع تكاليفها.
تابعوا الوقائع على