مغنية إسرائيلية توضح لماذا رفضت مصافحة بايدن

مغنية إسرائيلية توضح لماذا رفضت مصافحة بايدن
الوقائع الاخبارية : أثار رفض المغنية الإسرائيلية يوفال ديان مصافحة الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال مراسم احتفالية في المقر الرئاسي بالقدس المحتلة، الكثير من التساؤلات بشأن الأسباب التي دفعت المغنية للقيام بهذه الخطوة التي أحرجت بايدن.

وتداول نشطاء مقطع الفيديو الأصلي الذي بثته القناة 12 الإسرائيلية، عبر منصات التواصل الاجتماعي، الذي يظهر فيه تقدم بايدن -وإلى جانبه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ- لمصافحة مغنيين إسرائيليين قبل أن ترفض المغنية مصافحة الرئيس الأميركي، مع إضافة تعليق صوتي بكلمة "متدينة".

وتنتمي ديان إلى عائلة من اليهود السفارديم، وتم تجنيدها في جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 2013، وخدمت في الفرقة العسكرية لفرقة التربية والتعليم والشباب. ومنذ عام 2016، أصبحت ديان تتبع منهجا دينيا متشددا بشكل متزايد. وصرحت بأنها كانت تحضر دروسا دينية يومي الجمعة والسبت.

وعبر حسابها على إنستغرام، أوضحت المغنية الإسرائيلية أنها سئلت قبل أسبوع عما إذا كانت ستصافح الرئيس الأميركي، وأضافت أنها جاءت من خلفية دينية قد لا يفهمها كثيرون، ولديها رغبة في الحفاظ على نمط حياتها من اللباس واللمس، إذ لم يسبق لها أن لمست المخدرات ولا ظهرت مخمورة على خشبة المسرح من قبل.

وأشارت إلى خوفها الشديد الذي سبق الحفل بسبب عدم رغبتها في مصافحة الرئيس الأميركي، وأكدت أنها فهمت أن الرئيس نفسه طلب صراحة عدم لمسه وعدم التصوير معه. كما أن الجميع أبلغها أن موقفها من عدم المصافحة لن يتسبب في أي حرج لأي شخص.

وفي جدلية العلاقة بين الدين والدولة في المجتمع الإسرائيلي، فإن التيار اليهودي الذي جمع بين العلمانية والديمقراطية والحريات على أساس الفكر الصهيوني آخذ بالتراجع، إذ إن الغالبية من المجتمع الإسرائيلي تتجه بالمعتقدات إلى المدارس والتيارات اليهودية.

حظر وقبول
وقال الكاتب والصحفي الإسرائيلي يواف شطيرن إنه "لا توجد نصوص واضحة من التوراة والكتاب المقدس تمنع المصافحة والاختلاط وتلزم بالاحتشام"، بيد أن كثيرا من الشروحات والتعاليم التي تعتمد أيضا على العادات والتقاليد تحظر على المرأة أو الرجل اليهودي المتدين المصافحة، كما تمنع المرأة من الغناء في حفل مختلط، وفقا لمعتقدات تسمى "عدم الاحتكاك" أو "الحفاظ على مسافة، وعدم اللمس".

ويرى الكاتب الإسرائيلي أنه بسبب عدم وجود نصوص واضحة في التوراة والكتاب المقدس "تاناخ" بشأن المصافحة وحتى الاختلاط، فإن المرأة كما في حالة المغنية ديان لها الحرية بأن تفعل ما تشاء في مثل هذه الحالات، علما بأن النصوص في "التلمود الأورشليمي" تحظر المصافحة والاختلاط وغناء المرأة اليهودية في حضرة الرجال.

أما التوراة الشفوية "المشناه"، فهي تفسير تحليلي للتوراة المدونة من قبل الحاخامات الذين يحظر أغلبيتهم العظمى المصافحة والاختلاط ويشددون على ضرورة اللباس المحتشم، وفي حين أن فرائض التوراة تنص على عدم "إحراج أو إهانة أي شخص"، إلا أن ما قامت به ديان، حسب شطيرن، "حظي بقبول لدى غالبية التيارات الدينية اليهودية، بينما اقتصرت الانتقادات على التيار العلماني".

التوراة والتلمود
وأوضح شطيرن -في حديثه للجزيرة نت- أن المغنية الإسرائيلية ديان، التي امتنعت عن مصافحة الرئيس بايدن، لأسباب ومعتقدات دينية، تنتمي إلى المدرسة الدينية المحافظة، أو ما بات يعرف دينيا بالتيار الأرثوذكسي المتمدن.

وأكد الصحفي الإسرائيلي أن "المدرسة الدينية المحافظة باتت مقبولة ومنتشرة أكثر في المجتمع الإسرائيلي، وإن كانت تزحف أكثر إلى ’الحريدية‘ التي تعتمد أكثر النصوص اليهودية والتعاليم التوراتية في نهج حياتها على حساب القومية والصهيونية"، في حين أن المدرسة الحريدية -وفقا لشطيرن- "ذات انتماء ديني يهودي توراتي، ولا يوجد لها أي انتماء قومي وصهيوني".

الدين والدولة
ويرى الباحث في الجماعات الدينية والتيارات اليهودية، الدكتور صالح لطفي، أن رفض المغنية ديان مصافحة بايدن يعكس ما تمر به إسرائيل من تغييرات مجتمعية ودينية تخدم الدورة المجتمعية للتنشئة الدينية اليهودية.

وأوضح لطفي -في حديثه للجزيرة نت- أن ما قامت به المغنية ديان بمنزلة رسالة ومؤشر إلى ما تتجه إليه إسرائيل والتحولات الجارية في المجتمع الإسرائيلي، والصراعات بين الشرائح ومختلف التيارات، سواء الشرائح العلمانية، أو المحافظة أو تلك الشرائح الدينية المتشددة، وخلق حالة من التدين الخاص في المجتمع الإسرائيلي.

وأشار الباحث في الجماعات الدينية واليهودية إلى أن إسرائيل تتجه بقوة نحو مجتمع محافظ بتدين خاص يجمع بين المصالح الدينية والمدنية والعلمانية.

الصهيونية واليهودية
ولفت لطفي إلى أن حالة ونهج المغنية ديان مع الرئيس بايدن تعكس التحولات في المجتمع الإسرائيلي المتعلقة بالبعد العلماني والحياة العامة والبعد الديني والتعاليم اليهودية.

وأكد لطفي أن المجتمع الإسرائيلي يتجه ببطء نحو "الحريدية الأرثوذكسية" التي تتبنى التعاليم الدينية اليهودية التوراتية على حساب القيم الصهيونية.

ويرى أن ما قامت به المغنية يعكس الجدل القائم في المجتمع الإسرائيلي حيال الحفاظ على الدولة اليهودية التي أخذت تتشكل بهذه المرحلة بعد أن أسست بوصفها دولة صهيونية علمانية وديمقراطية، في إشارة إلى أن الدور الصهيوني قد انتهى في التأسيس الأولي للدولة، ويأتي في هذه المرحلة التمكين للدولة اليهودية.

تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير