مؤشرات إخفاق بمشروع استثمار الأراضي الزراعية

مؤشرات إخفاق بمشروع استثمار الأراضي الزراعية
الوقائع الإخبارية: على الرغم من مضي 3 أشهر على إطلاقه من قبل وزارة الزراعة، لم يتقدم أحد حتى اليوم للاستفادة من مشروع استثمار الأراضي الزراعية في حوضي "الحماد” و”السرحان”، سوى 7 أشخاص، فيما لم تنطبق الشروط إلا على شخص واحد منهم، وفق مصدر في وزارة الزراعة فضل عدم ذكر اسمه، وهو ما يدل على وجود ثغرات أو مُعيقات أو "افتقار” لاستراتيجية أو خطة واضحة لتسويق هذا المشروع.

وكانت وزارة الزراعة ودائرة الأراضي والمساحة أطلقتا قبل ثلاثة أشهر شروط وآليات الاستثمار في حوضي السرحان والحماد تماشيا مع التوجه الرسمي في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة عبر الاستثمار الحديث للأراضي الزراعية.

وبين وزير الزراعة حينها، خالد الحنيفات، أن أهم أولويات الخطة الوطنية للزراعة المستدامة هو استثمار الأراضي، حيث تم تنظيم عقد الإيجار الموحد المنظم لقرار مشروع استثمار الأراضي الزراعية في حوضي الحماد والسرحان، والذي يقدم 36 ألف دونم، وبواقع 36 فرصة استثمارية موزعة على 1000 دونم لكل فرصة، وبمخزون مياه يصل إلى 24 مليون متر مكعب.

لكن في المقابل، يبدو أن البوادر الأولية غير مُبشرة بالنسبة لنجاح هذا المشروع، وفق خبراء ومزارعين أكدوا أن نجاح أي مشروع يحتاج، بالضرورة، إلى "توفر بنى تحتية، ومياه وكهرباء، ناهيك عن دراسات الجدوى الاقتصادية”.

كما أكد أولئك الخُبراء عدم توفر بنى تحتية، في حوضي "الحماد” و”السرحان”، فضلًا عن عدم وجود مياه كافية للري، وكذلك الافتقار إلى الكهرباء، ناهيك عن أن نسبة الملوحة في التُربة المُراد زراعتها مُرتفعة جدًا، وليست ضمن النسب الطبيعية”.

وأوضحوا أن نجاح أي مشروع يحتاج إلى معلومات فنية كافية حول نوعية وخصائص التربة، وكذلك نوعية وخصائص مياه الري المُتوفرة، ليتسنى للمُستثمر تحديد أنواع وأصناف المحاصيل الزراعية المُناسبة للزراعة في هاتين المنطقتين”.

وقالوا إن "الحوضين” يبعدان عن الشارع الرئيس حوالي 30 كيلو مترًا، بالإضافة إلى أن الطريق الواصل إليهما "غير مُعبدة، ووعرة، ولا تستطيع المركبات العادية السير عليها”، مُضيفين أن المُستثمر ينبغي له شق طريق جديد أو تعبيد أو تأهيل الموجود، حتى يستطيع الوصول إلى قطعة أرضه في أحد هذين "الحوضين”.

وفي هذا الشأن، أوضح الخبير الزراعي مساعد أمين عام وزارة الزراعة سابقاً الدكتور عزت العجالين، أنه "بشكل عام، فإن الاستثمار المجدي اقتصاديا في القطاع الزراعي، شأنه شأن الاستثمار في القطاعات الأخرى، يحتاج بالضرورة إلى توفر البنية التحتية اللازمة، والى المعلومات الفنية الكافية حول نوعية التربة وخصائصها، وكذلك نوعية وخصائص مياه الري المتوفرة ليتسنى للمستثمر تحديد أنواع وأصناف المحاصيل الزراعية المناسبة للزراعة الاقتصادية في تلك المناطق”.

من جهته، بين المهندس خلف سردي، وهو أحد الذين كانوا يرغبون الاستثمار في المشروع في حوضي الحماد والسرحان، أنه "منذ انطلاق المشروع، كان يدور ضمن دائرة مغلقة، حيث اعلن عنه ما بين وزارة الزراعة ودائرة الاراضي والمساحة، ولم يتم نشر اي اعلان يدعو المزارعين او المستثمرين للاستثمار في المشروع في اي وسيلة إعلامية”.

واكد السردي أنه "منذ الاعلان عن المشروع لم يتقدم سوى 7 اشخاص، ولم تنطبق الشروط الا على شخص واحد، والذي يمكن ان ينسحب في اي لحظة”، مؤكدا انه "عند اطلاعنا على المشروع، لم تكن هناك أي مؤشرات للنجاح، ولا يوجد أي مغريات للاستثمار فيه، في ظل عدم توفر البنية التحتية لمن يريد الاستثمار في الحوضين”.

وأشار إلى "عدم وجود كهرباء أو مياه هناك، في حين تعد نسبة الملوحة في التربة عالية جدا، خصوصا إذا تم الحفر عميقا، ومن شروط الاستثمار زراعة محاصيل استراتيجية التي لا يناسبها ارتفاع نسبة الملوحة، بل تصلح لزراعة الشعير فقط”، مؤكدا أنه "لم تجر أي دراسة للمشروع عند طرحه، حيث لا توجد دراسة لنسبة الملوحة ولا لطبيعة طبوغرافية المكان، ولا للمياه المستخرجة”، مؤكدا انه "عندما طلبنا الدراسات المذكورة لم يتم تزويدنا بها، بل طلب منا ان نجريها على حسابنا الخاص”.

وبين أن "من يرد الاستثمار في هذين المشروعين فلا بد ان يكون معه 400 ألف دينار كحد أدنى، وبالتالي لا يستطيع صغار المزارعين او متوسطو الحال أن يفعلوا ذلك”، مؤكدا انه "عند الاعلان عن المشروع، كان الهدف ربما التخدير او تماشيا مع فورة الحديث عن الأمن الغذائي، أو لأن المشروعين وجدا من أجل شركتين خاصتين ذات رأس مال عال ستستثمران فيهما بعد سنوات، حيث لا يوجد اي متطلب من متطلبات نجاح المشروع”.

وأشار إلى أن "الحوضين يبعدان عن الشارع الرئيسي نحو 30 كيلوا مترا، والطريق إليهما وعرة لا تستطيع السيارات العادية السير عليها، ومن يريد الاستثمار لا بد له من فتح طرق لكي يصل للمشروع، والتي من المفروض ان توفرها الجهة الداعية للاستثمار، عدا مشكلة عدم توفر الكهرباء، فضلا عن ملوحة المياه”.

بدوره، بين مساعد الأمين العام الأسبق في وزارة الزراعة المهندس جمال البطش أن المستثمر في العادة "يتوخى اختيار المـشروع الذي يحقق له أكبر نسبة من الربح، وبأسرع فترة استرداد ممكنة، وعليه فإن توفير دراسات جدوى أولية للمشاريع المقترح إقامتها ضمن مشروع استثمار الأراضي الزراعية في حوضي الحماد والسرحان، ستمكنه من اتخاذ القرار السليم اذا اقتنع به، وتساعدة في الانتقال الى دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع التي تتضمن كافة التفاصيل الخاصة بالمشروع”.

وأضاف أن من شأن ذلك أن يمكن المستثمر من اختيار أفضل البدائل الاستثمارية المتاحة بموجب المعايير المقررة للاستثمار، متسائلا: "هل توجد دراسة معلنة للمشروع؟”.

وزاد البطش: "ولجذب المستثمرين الراغبين بالاستثمار في المشاريع الزراعية والصناعات القائمة عليها في هذا المشروع، فينبغي أولا ان تقوم لجنة فنية من وزارة الزراعة بتوفير دراسات الجدوى الأولية، وهي عبارة عن دراسة أو تقرير اولي يمثّل الخطوط العامة عن سائر جوانب المشروع أو المشروعات المقترحة للاستثمار في حوضي الحماد والسرحان، والتي يمكن من خلالها تمكين المستثمر من التوصل إلى اتخاذ قرار إما بالتخلي عن المشروع، أو الانتقال إلى دراسة جدوى اقتصادية على نفقة المستثمر”.

وقال: "تعتبر دراسات الجدوى الاولية والتفصيلية متكاملة ومتتالية، ولا يمكن الاكتفاء بدراسة واحدة، ومن اهم المسائل التي تشملها دراسات الجدوى الاولية: الطلب المحلي والأجنبي المتوقع على منتجات المشروع، ومدى حاجة السوق لها، والتكاليف الاجمالية للمشروع، ومدى جدوى المشروع فنيا، إضافة إلى تحديد الاحتياجات من عمال ومواد أولية، وكذلك معرفة طبوغرافية المشروع ومناخه، وخصائص تربته الفيزيائية والكيميائية، ومدى ملاءمتها للمحاصيل الزراعية المقترح زراعتها”.

وأضاف: "ثانيا، لا بد من منح المستثمرين حوافز استثمارية لتحفيزهم على الإقبال على هذا المشروع، لاسيما ما يخص زراعة محاصيل العجز الحقلية، كمحصول القمح والشعير، وبما ويضمن استخدام أفضل التقنيات الزراعية الحديثة والاستغلال الامثل للمياه والأراضي لتحقيق ما أمكن من الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، وتوفير فرص عمل للمجتمع المحلي”.

وتابع: "ثالثا، مساعدة المستثمرين لدى الجهات المختصة للإسراع ما أمكن في الحصول على الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وطرق، وإقامة البنية التحتية اللازمة للمشروع واستدامته”.

بدوره، بين مدير اتحاد المزارعين المهندس محمود العوران أنه "قبل الإعلان عن أي مشروع، لا بد من دراسة مستفيضة للأراضي، من حيث طبوغرافية المنطقة ونسبة الملوحة في التربة والمياه، وتنظيم البنية التحتية بشكل يخدم المستثمر وأبناء المجتمع المحلي”.

وأضاف العوران: "لا بد من وضع شروط للاستثمار، كزراعة المحاصيل العلفية فقط، وعدم منافسة المزارع عبر زراعة أصناف من الخضار والفواكه أو حتى الورقيات، وأن تتعهد وزارة الزراعة بتسويق المنتج وحماية المستثمر، وبأسعار تفضيلية”.

وكان وزير الزراعة الحنيفات أشار إلى أن هذا المشروع "يشكل فرصة للشركات والجمعيات التعاونية، عبر تقديم الطلبات إلى دائرة الأراضي والمساحة لغايات الاستئجار، وبعد الانتهاء من استلام الطلبات سيتم عرضها على لجنة فنية في وزارة الزراعة لدراستها”.

ويقدر إجمالي مساحة حوض الحماد بنحو 18.1 مليون دونم، ومساحة أراضي الخزينة حوالي 14.88 مليون دونم، وتقدر مساحة اراضي الخزينة القابلة للاستصلاح حوالي 7.8 مليون دونم، اما بالنسبة لحوض السرحان فيقدر اجمالي مساحة اراضي الحوض حوالي 12.7 مليون دونم مساحة اراضي الخزينة حوالي 11.6 مليون دونم مساحة اراضي الخزينة القابلة، للاستصلاح حوالي 1.2 مليون دونم.


تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير