إشاعات بتغيير سعر الصرف ونفي حكومي.. العراقيون يعانون من عدم استقرار الدينار

إشاعات بتغيير سعر الصرف ونفي حكومي.. العراقيون يعانون من عدم استقرار الدينار
الوقائع الاخبارية: يشهد العراق منذ نحو 3 أسابيع ركودا اقتصاديا في الأسواق المحلية نتيجة تذبذب سعر صرف الدينار العراق أمام الدولار، فرغم أن البنك المركزي العراقي يبيع الدولار الواحد بـ1460 دينارا رسميا، فإن السوق السوداء شهدت هبوط قيمة الدولار إلى نحو 1450 دينارا بسبب الشائعات التي تتحدث عن عزم الحكومة إعادة سعر صرف الدولار إلى وضعه السابق (1182 دينارا للدولار) قبل تغييره نهاية عام 2020، وهو ما أدى الى موجة كبيرة من بيع الدولار على أمل أن يحقق الباعة أرباحا إذا ما أعيد تغيير سعر الصرف مرة أخرى.

وكان البنك المركزي العراقي قد خفض قيمة الدينار العراقي أواخر عام 2020، في خطوة استهدفت في حينها تعويض تراجع الإيرادات النفطية نتيجة الإغلاق العالمي إثر تفشي فيروس كورونا، مع تعزيز إمكانية الحكومة أن تفي بمتطلباتها المالية في تسديد رواتب الموظفين العموميين في البلاد.

ركود اقتصادي
وكانت غالبية الكتل السياسية قد دعت خلال مرحلة الانتخابات التشريعية الماضية وما بعدها إلى إعادة سعر الدينار العراقي لوضعه السابق، وخاصة الكتل السياسية التي رشحت رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني للمنصب، والذي كان هو الآخر قد نادى بذلك خلال الأشهر الماضية.

هذه الدعوات أدت لتذبذب سعر صرف الدينار، إذ اعتقد العراقيون أن وصول السوداني لمنصبه سيؤدي بكل تأكيد لتغيير سعر الصرف، وهو ما أكده زيد السراج، أحد تجار مدينة الموصل (شمال)، الذي أضاف أن التذبذب في سعر الصرف أدى إلى ركود اقتصادي في مختلف القطاعات، مع تخوف الناس من الإقبال على عمليات البيع والشراء، لافتا في حديثه للجزيرة نت إلى أن جميع مفاصل الحياة تأثرت بفعل الإشعاعات التي لم تنته حتى الآن.

وينطبق هذا على بقية المدن العراقية، ففي مدينة أربيل (مركز إقليم كردستان العراق) تشهد الأسواق تباطؤا غير معهود، ويؤكد ذلك سربست محمد أحد تجار السيارات في المدينة، والذي تحدث للجزيرة نت عن أنه "منذ نحو 3 أسابيع نعاني من تراجع البيع والشراء مع تأثر جميع القطاعات الرئيسية بالإشاعات، مثل قطاع الإسكان الذي شهد انخفاضا في الأسعار في الفترة الأخيرة بسبب عدم استقرار سعر صرف الدولار".

إمكانية تغييره
بدأ تذبذب سعر صرف الدولار بالدينار العراقي قبل نحو 3 أسابيع تزامنا مع تسمية السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، ورغم أن الأخير أكد في كلمة له الثلاثاء الماضي أن "قرار تغيير سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار من صلاحيات البنك المركزي، ونحن ملتزمون بتنفيذ ما يراه المركزي"، فإن مخاوف الشارع لم تهدأ بعد، ولا يزال سعر الصرف في بعض المدن العراقية يسجل معدلات سعرية أقل مما يباع به الدولار في مزاد العملة بالعاصمة بغداد.

ورغم تأكيدات السوداني أن صلاحية تغيير سعرف الصرف تقع على عاتق المركزي العراقي، فإن تغريدة نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق ورئيس ائتلاف دولة القانون (أكبر قوى الإطار التنسيقي) الأربعاء الماضي عادت لتعزز من الشائعات، إذ طالب المالكي بتخفيض سعر صرف الدولار إلى 1375 دينارا بدل 1450 لكل دولار، وذلك من أجل دفع الضرر عن الاقتصاد الوطني والمواطن، بحسب تغريدة له.

من جهته، سارع البنك المركزي العراقي للرد على اقتراح المالكي بقطع الطريق أمام دعوات خفض سعر الصرف، حيث نشرت وسائل إعلام محلية عن البنك قوله "لا نية لتغيير سعر صرف الدولار أمام الدينار على المستوى القريب والبعيد، وأي تلاعب بسعر الصرف ستكون له نتائج سلبية كبيرة على الوضع الاقتصادي العراقي".

مطالبة بالتأني
في غضون ذلك، يرى الخبير الاقتصادي صفوان قصي أن تغيير سعر الصرف حاليا سيلقي بظلاله على الجهات التي لديها التزامات بالدينار العراقي مثل البنك المركزي ووزارة المالية والتجار والمستثمرين، وأن البنك المركزي يدرك ذلك جيدا.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعلق قصي "قبل إجراء أي تغيير على سعر صرف الدينار، يتوجب على الحكومة تنويع الاقتصاد العراقي وضغط النفقات التشغيلية بنسبة لا تقل عن 20% ومن ثم دراسة تغيير سعر الصرف مجددا"، مضيفا أن التصريحات والشائعات التي تم تداولها أربكت السوق وأثرت في قرارات الكثير من التجار في عقد الصفقات التجارية مع الخارج.

من جهته، يؤكد الخبير المالي والاقتصادي باسم جميل أنطوان أن الإشاعات تكاد تكون انتهت لاسيما بعد تأكيدات البنك المركزي تثبيت سعر الصرف من أجل ديمومة استقرار السوق العراقي، موضحا أن الورقة البيضاء التي تبنتها وزارة المالية في عهد رئيس الورزاء السابق مصطفى الكاظمي قد حددت تثبيت سعر الصرف لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات.

أسباب تأثر السوق
وتتعدد الأسباب التي أدت لتأثر السوق العراقي باحتمال تغيير سعر الصرف، رغم تطمينات البنك المركزي، إذ يرى أنطوان في حديثه للجزيرة نت أن العراقيين لا يزالون يتعاملون بالدولار في المعاملات التجارية الكبيرة، معتبرا أن ذلك من الأسباب الرئيسية لتذبذب السوق وتأثره.

ولفت إلى أن السبب الآخر يتمثل في النفع الكبير الذي حققه المضاربون في سوق العملة نتيجة تأثر الناس بالإشاعات ولجوئهم إلى بيع ما بحوزتهم من دولار على أمل تحقيق الأرباح بعد تخفيض قمية الدولار بالبلاد.

واختتم أنطوان بأن أي تغيير في سعر الصرف قد يؤدي لفوضى اقتصادية كبيرة بالسوق العراقي، لا سيما أن هناك تعاملات مالية كبيرة جدا تسدد بالنقد الآجل، بما قد يتسبب في توسع هذه الفوضى لكثير من المجالات حتى العشائرية منها، على حد قوله.

بدورها، حذرت الباحثة الاقتصادية سلام سميسم من أن قرار تخفيض سعر العملة قد يتسبب للاقتصاد العراقي في خسارة لا تقل عن 52 تريليون دينار عراقي (36 مليار دولار)، مشيرة إلى ضرورة ألا تُتخذ مثل هذه القرارات بشكل اعتباطي أو عاطفي، على حد تعبيرها.

وأضافت في حديثها لإحدى وسائل الإعلام المحلية أن المؤشرات الاقتصادية في العراق لا تؤيد أي حاجة تتطلب تعديل سعر الصرف، منبهة إلى وجود أدوات نقدية ومالية بحوزة الحكومة يمكن استخدامها للحد من آثار التضخم ومساعدة الطبقات الفقيرة.

وتعقيبا على ذلك، يرى الخبير الاقتصادي صفوان قصي أن حكومة السوداني قد تلجأ لاستثمار 6 مليارات دولار في مساعدة ذوي الدخل المتدني مثل ذوي الرعاية الاجتماعية مع تعزيز مفردات البطاقة التموينية (بطاقة غذائية توزع من خلالها الحكومة بعض أنواع الأغذية الجافة على العراقيين).

وكانت وزارة المالية الاتحادية قد أعلنت الاثنين الماضي عن البدء بإعداد قانون الموازنة لعام 2023، ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن المستشار المالي في الوزارة عبد الحسن جمال أن "تعديل سعر الصرف الدولار ضمن سياسات الحكومة، ومجلس الوزراء هو من يتخذ القرار، لكن في الموازنة لم يطرح لغاية الآن".

تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير