شؤون القدس: القضية الفلسطينية بوصلة الخطاب الهاشمي

شؤون القدس: القضية الفلسطينية بوصلة الخطاب الهاشمي
الوقائع الإخبارية : جاءت رسالة جلالة الملك المرسلة إلى رئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة الاثنين، في وقت دقيق تتصاعد فيه وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني بشكل يعمق مأساته، وهو يعيش هذه الايام الذكرى 75 للنكبة.

هذا يؤكد ضرورة توحيد الموقف الدولي لالزام اسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) بقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك القرارات المتعلقة بفلسطين والقدس للحفاظ على الوضع التاريخي القائم ووقف فوري لسياسة الحكومة الاسرائيلية اليمينية الساعية لتغيير الوضع القائم واحداث وقائع جديدة على الارض الفلسطينية المحتلة غايتها التهويد مما سيقود المنطقة لمزيد من المواجهات التي اصبح الشعب الفلسطيني لا يملك خياراً متاحاً غيرها.

وأعاد جلالته في الرسالة التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، والتزام المملكة بمواصلة بذل كل الجهود للدفاع عن حقوق الأشقاء الفلسطينيين في المحافل الدولية، واضاف جلالته أن حق جميع الشعوب في تقرير المصير حق أممي، وبعد أكثر من نصف قرن على النكبة لا يمكن إنكار حق الفلسطينيين في تقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة.

فقد دعا جلالته المجتمع الدولي إلى مواصلة تقديم الدعم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وفق تكليفها الأممي، لتستمر في توفير خدماتها الحيوية من تعليم وصحة وإغاثة، خاصة للأطفال والشباب الفلسطينيين، لحين الوصول إلى حل عادل وشامل، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها القرار 194، بما يضمن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض.

استاذ القانون الدولي وحقوق الانسان الدكتور ايمن هلسة أوضح ان دعوة جلالة الملك حول حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في الرسالة يرتكز على الاعتراف الدولي بحق الشعوب تقرير مصيرها، بالعهدين الدوليين، الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية باعتباره احد الحقوق المشتركة.

واضاف أن تثبيت هذا الحق بدأ منذ ستينيات القرن الماضي عندما أصبحت دول صغيرة ونامية كبيرة، مستقلة، وكانت سببا في بحث المزيد من الدول للمطالبة باستقلالها وتقرير مصيرها، ومع انضمام هذه الدول الى الامم المتحدة وبالتالي اصبحت كفة التصويت على الاتفاقيات ترجح مع هذه الدول، بعكس ما كان يحصل في اربعينيات القرن الماضي عندما كان عدد قليل من الدول تهيم على قرارات عصبة الامم وبدايات نشأة الامم المتحدة، وبالتالي اصبح هذا حقا اساسيا ومرجعية لمطالب الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير المصير.

من جانبها اكدت اللجنة الملكية لشؤون القدس على ثبات الموقف الاردني شعبا وقيادة هاشمية تجاه القضية الفلسطينية، الذي يأتي انطلاقاً من الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وبوصفه تاكيداً على التضحيات والمسؤولية التاريخية الاردنية الهاشمية في دعم صمود الاهل في فلسطين وتعزيز صمودهم ورباطهم المقدس.
واعتبرت اللجنة ان رسالة جلالته الى جانب كافة الجهات المشاركة في احتفالية الامم المتحدة باحياء ذكرى النكبة ومنها الاتحاد الافريقي ودول عدم الانحياز والجامعة والبرلمان العربي ومنظمة التعاون الاسلامي، وغيرها من الجهات التي يتوافق موقفها تجاه عدالة المطالب الفلسطينية مع الموقف الاردني وتمثل دعوة اردنية هاشمية حقيقية للسلام العادل وركيزة مهمة في حفظ حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحصوله على حقوقه، وهي دعوة يجب ان تفهمها الحكومة اليمينية الاسرائيلية التي تسارع الى سن تشريعات عنصرية واتخاذ قرارات تستفز الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي، ومن ذلك التحضيرات الاسرائيلية لما يسمى مسيرة الأعلام.

ودعا الامين العام للجنة عبدالله كنعان في حديث الى «الرأي» الى وقف فوري لسياسة الحكومة الاسرائيلية اليمينية الساعية لتغيير الوضع القائم واحداث وقائع جديدة على الارض الفلسطينية المحتلة غايتها التهويد مما سيقود المنطقة لمزيد من المواجهات، فالدفاع عن الانسان والارض والمقدسات الاسلامية والمسيحية يجب أن تكون أولوية فلسطينية وعربية واسلامية، منبها الى دعوة جلالة الملك للمجتمع الدولي ومنظماته باتخاذ اجراءات عملية نصرة للشعب الفلسطيني وكشف زيف الادعاءات الاسرائيلية وروايتها.

كما دعا الى بذل جهود اكبر لادانة ممارسات اسرائيل بما في ذلك سياسة الكيل بمكيالين والانحياز لاسرائيل، وفي حق الشعب الفلسطيني الاستقلال والسيادة الوطنيين؛ والعودة إلى دياره وممتلكاته.

واضاف كنعان ان المتابع لخطابات ونشاطات جلالة الملك يلاحظ بوضوح أن القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس مكون أصيل لهذا الخطاب والمتمسك بالتاريخ والشرعية ومنطق العدالة، وميزة هذا الخطاب على اختلاف المنابر والمحافل الدولية أنه يحظى باحترام وثقة، ومرد ذلك بناء مضامينه على أسس قانونية وحقوقية وانسانية، وتطلعه لنشر السلام.

وفي ذات السياق اشار الخبير في الشأن الفلسطيني منسق الحملة الدولية للدفاع عن القدس الدكتور جودت مناع، الى ان الرسالة التي بعث بها جلالة الملك إلى رئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف «شيخ نيانغ» تتطابق مع المواقف الفلسطينية الوطنية وتعبر عن علاقات مميزة رسمياً وشعبيا بين الاردن ودولة فلسطين اللتين تربطهما علاقات إجتماعية وتاريخية ودينية واقتصادية.

واضاف انه طالما كان للأردن دور تجاوز طبيعة تلك العلاقات، فالأردن قاتل دفاعاً عن فلسطين في خندق واحد مع الفلسطينيين قبل النكبة التي حلَت بالشعب الفلسطيني وخلال العدوان الإسرائيلي عام 1967 وبعدها في معركة الكرامة حيث لقن الجيش الإسرائيلي درساً برغم التفوق العسكري الإسرائيلي وهذه العلاقات متوجة بالوصاية الهاشمية.
وتابع مناع: من هنا لا يمكن لنا إلا تثمين مواقف جلالة الملك إزاء حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة الثابتة التي لا تتغير وهذه الحقوق مبنية على قرارات الشرعية الدولية ومن أبرزها قرار التقسيم رقم 181 الذي صدر في 29 نوفمبر1947 وهو ما لم تلتزم به إسرائيل التي تجاوزت حدود الدولة الفلسطينية التي حددتها الأمم المتحدة واحتلت 75% من أراضي فلسطين التاريخية.

ودعا الى ادراك أن في الأردن 10 مخيمات فلسطينية والمساعدات التي تقدمها (الأنروا) لا تفي باحتياجات اللاجئين الفلسطينيين فيها وقد تعاظمت نسبة البطالة ومستوى الفقر في هذه المخيمات بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية والاقتطاعات لأسباب سياسية بتحريض من إسرائيل الكيان الذي يجب أن يتحمل المسؤولية عن حالة اللاجئين منذ عام 1948. لذلك حض جلالة الملك (الأنروا) على تقديم المساعدات للاجئين، مبينا ان هذا النقص في موازنة (الأنروا) من قيمة المساعدات الأساسية يتأثر به اللاجئون في 58 مخيما موزعة في الضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان إثر تداعيات النكبة التي حلت بهم بعد استيلاء العصابات الصهيونية الإرهابية على منازلهم وممتلكاتهم وطردهم عنوة من ديارهم ومن ثم تدمير نحو 500 قرية فلسطينية بعد تشريد حوالي مليون فلسطيني وفقا لإحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

وحول رفض جلالته لإنكار الحقوق الوطنية الفلسطينية الذي يتزامن مع إحياء الأمم المتحدة للذكرى الـ 75 للنكبة ومع صدور قانون فلسطيني استحدث هذا الأسبوع يقضي بفرض عقوبة سجن عامين على كل من ينكر النكبة، رأى مناع ان هذا يستدعي أيضاً عرض مشروع القانون على الجامعة العربية أولاً لإقراره وإلزام الدول الأعضاء بتطبيقه في بلادها وثانياً: على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اعتماد هذا القانون ليحد من تمادي إسرائيل ووقف الاستيطان في إطار محاولاتها تهويد كل الاراضي الفلسطينية.

واعتبر ان عدم اعتماد هذا القانون يعني تشجيعاً لإسرائيل على المضي في ممارساتها وعدوانها ومخططها لاستكمال الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني، وإن إقرارها دوليا يضع العالم في ميزان العدالة الصادقة بمساواة نكران النكبة بنكران الهولوكوست بالرغم من اختلاف المسؤولية عن تنفيذهما.

وختم مناع بتثمين الحملة الدولية للدفاع عن القدس للدور الأردني في حراكه الدبلوماسي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني.

يذكر أن الجمعية العامة للامم المتحدة أنشأت عام 1975 لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، عملا بقرارها ٣٣٧٦، وطلبت إليها أن توصي بوضع برنامج تنفيذ من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف المتمثلة في تقرير المصير دون تدخل خارجي، وفي الاستقلال والسيادة الوطنيين؛ وفي العودة إلى دياره وممتلكاته التي شُرِّد منها.


تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير