تصوفوا..

تصوفوا..
بلال حسن التل
قلت في المقال السابق ان العالم لا يفهم إلا لغة القوة، وأنها هي التي تفرض الحقائق على الأرض، وتحمي الشعوب وحقوقها، ودعوت لبناء قوتنا بكل مكوناتها، ولذلك فإنني في هذا المقال أشير إلى وحد من أهم مكونات القوة التي عرفها تاريخ أمتنا والمتمثلة في القيم الصوفية، لأقول إنه آن الأوان لاحياء القيم الصوفية الأصيلة في مجتمعنا، ففي تاريخنا أنه كلما ضعفت الأمة، كان التصوف من أهم روافعها من الضعف، خاصة عندما يتحول التصوف إلى تيار فكري شعبي، وأسلوب حياة، لأنه عندها يصير واحد من أهم روافع النهوض الحضاري لأمتنا، بابعاده الا?تماعية والسياسية والعسكرية، فالصوفية هي أسلوب تربوي يمارس جهاد النفس، وهو الجهاد الأكبر، كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام، فتخليص نفوس الأفراد من النزعة الاستهلاكية، والتكالب على الدنيا، وهما من أهم اسباب الضعف والتخاذل التي تصيب المجتمعات، وتسلب إرادتها، فيصبح التصوف من أهم وسائل تحرير هذه الإرادة، ومن أهم القواعد الأساسية لبناء مجتمع النصر، لأن التصوف الحقيقي يحرر النفوس من كل عوامل الضعف والاستسلام للعدو، بل ويؤهلها لمجاهدة العدو.

وفي تاريخنا لم تشتهر الصوفية بالتحريض على الجهاد ومقارعة الاعداء فقط، بل اشتهر المتصوفة بالمرابطة في الثغور، وخوض المعارك دفاعاً عن حدود الأمة، واستقلال شعوبها، وإذا كان المجال هنا يضيق عن ذكر أعلام الجهاد من المتصوفيين عبر التاريخ، علماً بأن كثيرين من المؤرخين خصصوا أبواباً في كتبهم لذكر أعلام الجهاد من المتصوفة، فإنه لابد من التذكير انه في العصر الحديث كانت معظم حركات مقاومة الاستعمار، وحركات التحرر، خاصة في الشمال الافريقي صوفية، واشتهر قادتها بالتصوف نذكر منهم عمر المختار وعبد الكريم الخطابي، وعبد القا?ر الجزائري، وبرز في ومقارعة الصهاينة في فلسطين من الصوفية فرحان السعدي عزالدين القسام.

لكل ما ذكر ولغيره صار لابد من أحياء الكثير من القيم الصوفية، التي تخلصنا من عوامل الضعف، وتجعلنا أكثر اعتمادا على ذاتنا. وأكثر قوة في مواجهة العدوان.

تابعوا الوقائع على